الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامازيغية حين تهان في وطنها

عذري مازغ

2021 / 12 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


خارج البهرجة والتهريج المثارين في البرلمان حول الامازيغية، يبدو أن ترسيم الأمازيغية شيء وتنزيلها شيء آخر، ولغياب مؤسسات ديموقراطية حقيقية كان ما حصل بالبرلمان ، في سياق تهريجه ايضا هو الصورة النمطية للعبث بأحد اهم المقومات الهوياتية المغربية لأن الترسيم شيء والتنزيل شيء آخر والواقع المغربي (واقع اللغة الامازيغية في المغرب) شيء آخر.
نظريا إنها لغة واحدة قواعد صرفها نظريا أيضا هي واحدة لكن الأمر في واقع الحال يسجل اختلافات نحوية وإملائية في كتابتها وحتى نطقها لغياب خلق ما يسميه اللسنيون باللغة المعيارية وكتابتها سواء تعلق الأمر بكتابتها باللاتينية أو بالعربية أو بتيفيناغ ، حتى الكتابة هذه تخضع في قياسها لتأثيرات تاريخية معينة لها علاقة بالتأثيرات الكولونيالية التاريخية لخاصة بكل جهة (أبشع استعمار هو الإستعمار الذي تعرض له المغرب من حيث تعدد مستعمريه، الفرنسي في الداخل والإسباني في الشمال وفي الجنوب) خصوصا في مسألة توظيف الحركات (حركات الحروف داخل الكلمة، أقصد حروف العلة les voyelles) هناك من يستعمل الحركات الفرنسية وهناك من يستعمل الحركات الإسبانية حتى وإن استعمل تيفيناغ لكن ليس هذا هو غرضي من القول.
واقعة البرلمان هي تحصيل حاصل، ليست هناك لغة مؤسسة وبالتالي يمكن لأي قرد ان يهرج فيها من خلال تنوعها الجهوي بمعنى ليست هناك لغة معيارية مؤسسة وبالتالي يمكن العبث بها على عقول الناس الامازيغ لإظهار استحالة تطبيقها بيتنما تفعيلها حقيقيا يخضع او يجب ان يخضع لمنهج سياسي معين يراعي واقع اللغة في الجهة اولا، أعني انه من الجهة يبدأ البناء وهذا بالطبع ما يخيف تجار الإنتخابات لأن هذ يؤسس لكيانات جهوية عوض كيان التقسيم الإنتخابي، حيث سنجد السوسية مثلا تنتشر بشكل واسع في الجنوب أكثر مما هي عليه في التقسيم الإداري أو الإنتخابي، ونجد الامازيغية الفزازية تنتشر في مساحة اكثر مما هي عليه بالتقسيم الإداري وقس على ذلك الريفية، هذا هو الرصد الأولي بالعين المجردة الذي كان يجب اعتماده سياسيا (هذه هي الجهوية الموسعة إذا كنا في الحقيقة نبني علميا لوطن حقيقي) وهذا السياق يقلل من وجود ولايات خرافية ويبني لتكتل جهوي موسع فعوض ان نجد كم ولاية في المغرب سنجد فقط خمس او ست ولايات في المغرب تتوزع على مجال متنوع وفقا للمنطوق اللغوي بهذا المجال والسكان هم من لهم الحق في تحدي انتمائهم لهذا المجال او ذاك وليس لا عتبارات سياسية بل لاعتبارات هوياتية وثقافية وتراثية، وعلى هذا الأساس تترسخ اللغة الجهوية وهنا يمكن للتاريخ ان يفيد في تحديد الجهة بناء على تمدد الإثنيات قبل الدخول الإستعماري.
عندما تتحدد الجهة بناء على هذه المعطيات يأتي دور المعاهد والجمعيات والمؤسسات الحكومية المحلية في ترسيخ هذه المكتسبات بشكل كل جهة تستقل محليا، بمعنى تتبنى محليا تأسيس قواعدها اللغوية وترسيخها اكثر في المنطقة مع جمع وتوثيق حقيقي ستساعد في خلق وبناء اللغة الامازيغية الوطنية المعيارية: تحويل ما نسميه باللغات المحلية إلى بناء لغة وطنية معيارية غنية قاموسيا من قواميس اللغات الجهوية وهذا بالطبع هو دور الاكاديميات الوطنية وهذا ما سيدفع سياسي إلى تبني لغة وطنية واحدة عوض لغات مستوردة أصبحت رسمية بقوة الفعل السياسي الإيديولوجي بناء على معطيات تغريضة بتسييد هذه اللغة او تلك، إن المجال السوسيوجغرافي هو من يحدد من نحن وليس ما يريده السياسي إذا كنا بالفعل نريد وطنا غير مغتصب الهوية بفعل تأثيرات سياسية خارجية لها أجندتها داخليا. لن اتكلم هنا عن مخاض المرافعات الإيديولوجية سواء التي كانت على مستوى التعليم اللغة الفضلى للتدريس في سياق من يرافع لصالح الفرنسية أو من يرافع للعربية الفصحى أو هؤلاء المحامون البراغماتيون الجدد الذي يرافعون لصالح الإنجليزية، فالمسألة بالنسبة لي متجاوزة لأن الإشكالية بالنسبة لي لا تتعلق باللغة بل بالمناهج وبقيمة مواد التحصيل اما اللغاة الاجنبية فتحصل في 7 أشهر لمن يريد تعلمها .
ما وقع امس بالبرلمان هو تحصيل حاصل، لقد كان الموقف السياسي الرسمي من اللغة الامازيغية موقفا سلبيا حتى دخول ما يسمى في المغرب بالعهد الجديد ليتم ترسيخها دستوريا والآن جاء دور إثبات انها ليست لغة ولا نفع فيها او منها بدليل تعددها (على الوزير المهرج ان يتناسب مع الإفاعي الجهوية لكي يتكلم لغة كل جهة)، نفس السياق أو المنهج التواتري بين النظام والأحزاب السياسية المغربية: عملية الجذب والنبذ التي تربط النظام السياس بالمغرب بالاحزاب السياسية والتي برغم ان أبحاثا سياسية في المغرب تثبتها لا زالت الأحزاب لم تستوعبها بعد او لطبيعتها الإنتهازية لا تعلن موتها الحقيقي: مات حزب القواة الشعبية بدخوله الحكومة وترؤسها له بداية الألفية، جاء بعده حزب الإخوان وها نحن نرى كيف مات او كيف يحتضر برغم عملية زرع قلبية لا تعبر في الواقع إلا على انين احتضار أو إطالة حياة جسد ميت بقلب مزروع هرم.
علاقة بم حصل في البرلمان المغربي أمس، هل هناك شيء مؤسس في الامازيغية حتى نتجند لصالح هذا الطرف او ذاك أم ان المسألة مسرحية متقنة الإخراج من الامازيغي السوسي أخنوش نفسه الذي يترأس الحكومة (مخرج المسرحية) ؟
عمليا ليس هناك ما يلزم شخص ان يتهرج علينا، ان يكون السؤال بالأمازيغية (خلفية السؤال بالامازيغية هو تجسيد رسمية الأازيغية، لكن في غياب ما يؤسس عليه، وصاحب السؤال يعرف ذلك (يعرف انها بروباغاندا حزبية فارغة)، صاحب السؤال هذا يعرف ان الوزير ليس بالضرورة عليه ان يجيبه بلغته (لأنه أصلا لا يعرف حتى لغته الأصلية (لانه في عالم الاعمال التي يمارسها يتكلم لغة أخرى) عمليا ليس هناك ما يلزمه بالرد بالامازيغية لانه يفترض أن السؤال ترجم له ويفترض أيضا ان السؤال درسه قبل القدوم إلى قبة المسرح (وهذه هي الاعراف في البرلمان: يتوصل المسؤول بالسؤال قبل حضوره مسرح التهريج) وصاحب السؤال نفسه يعرف اللغة العربية المتداولة في البرلمان (لغة النخبة) وإلا لن يكون برلمانيا أصلا خصوصا ان الولوج للبرلمان من خلال الإنتخاب يفترض مسبقا شهادة مدرسية فوق الباكالوريا، يعني شهادة نيلت باللغة التي تمدرس بها وهي العربية، ثم إن القواعد المعمول بها في دول عريقة تعترف بالقوميات داخلها تفرض في البرلمان وظائف خاصة بالترجمة (وهذه قاعدة أيضا في كل مؤتمرات العالم، فعندما تتصل بك لجنة مؤتمر خاص تطلب مشاركتك بمداخلة في موضوع ما يسألونك بأي لغة ستتكلم او ستلقيها) وبناء على هذه الملاحظة بين قوسين الاخيرة، كان على البرلمان المغربي أن يحدث مؤسسة الترجمة التي لن تكلفه ثمن غذاء عضو منه في مطعم فاخر، لا يمكن لهذا أن يحدث والدولة تفتخر بمشاريع ضخمة ولا توفر آلية للترجمة في برلمانها متاحة حتى لبرلماني عبري في المغرب واعتقد جازما ان هذه الآلية موجودة وان ما حصل من تهريج يدخل في سياق تبخيس اللغة القومية للأمازيغ والإستهثار بها وتهجينها احتقارا للسان المغاربة (شيزوفرينية أخرى).
قلت سابقا لم نخلق بعد اللغة المعيارية التي تجمع اللغاة المحلية للجهاة الثلاث لان خلق هذه اللغة المعيارية، نظريا هو إزاحة كلية لللغاة الدخيلة، ونحن اصلا لم نراكم حتى جهويا تكريس اللغاة المحلية في كل المؤسساة وحتى تعليميا، ودور المسرح (البرلمان هنا) ثقافيا هو توجيه الرأي العام إلى استحالة تطبيق ممارسة الامازيغية في وطنها (يطرح السؤال بالأمازيغية الاطلسية ويرد عليه بالأمازيغية السوسية بغرض استهجان الراي لعام المطالب بالتميز المغربي، هذا التميز هو: لسنا دولة عربية بل دولة امازيغية، هذ التميز لا ينبذ العلاقة مع العرب بل يضعها في سياق طبيعي غير مختل بالوهم لأن العلاقة هذه ليس بالضرورة عليها ان ترتبط بالدم بل بالعلاقات الإنسانية والثقافية والتراثية والتحررية وغير ذلك مما يربط بين الشعوب).
ما حصل في البرلمان المغربي مع الوزير المهرج هو احتقار للذات، ترفع عنها، إظهار برلماني وزير حتى بمظهر الملاك الذي يحب ان يتزوج حتى بالأفاعي الأمازيغية .
الأمازيغية أفعى تهدد الوحدة والتضامن وتزكي التفرقة والحروب المدنية، لقد قالها الوزير بلغة اخرى: "لم اتزوج امازيغية الأطلس لكي اتكلم الامازيغية الأطلسية" والحال ان الامر يتعلق بهروب إلى الأمام امام الفراغ المؤسساتي لمأسسة الأمازيغية، فالمسالة عنده تتعلق بالزواج بأفعى امازيغية وليست تتعلق بفراغ التنزيل الدستوري لماسسة الأمازيغية. والحال، لاتعالج مسألة الترجمة في البرلمان بهذا التهريج الممسرح..
ما فعله الوزير هو إهانة للعنصر الأمازيغ، فاشية فكاهية، عنصرية بملح الفكاهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا