الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرائم ذات حق خاص لايجوز الصلح فيها

مصطفى حامد محمد

2021 / 12 / 19
مقابلات و حوارات


أوردَ المشرع الجزائي طريقاً لإبتداء الدعوى الجزائية وطُرقاً لإنقضاءها
حيث تبدأ الدعوى الجزائية وفق القانون العراقي ب(شكوى) وهو الطريق الوحيد لإبتداءها ولا مناصَ لإبتداء الدعوى الجزائية من دونِها. وحدد المشرع الشخوص التي لها الحق في تحريك هذهِ الشكوى، حيث نراهُ يوسع من دائرة الأشخاص التي لها حق في تحريكها تارةً ويضيق حق تحريك الشكوى في بعض الجرائم ليحصرها بشخص المجني عليه أو من يقوم مقامه تارةً اخرى.
والأصل أنْ تُحرك الشكوى من قِبل (المتضرر من الجريمة أو من يقوم مقامه قانوناً او أي شخص عَلِم بوقوعها أو من قِبل الأدعاء العام) وهذا الطريق هو طريق أبتداء للدعوى الجزائية المنصوص عليه في م1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 وهو ما دَرج تسميتهُ بالجرائم ذات الحق العام.
أما الأستثناء فأن الدعوى الجزائية لا تُحرك الإ بشكوى من (المجني عليه أو من يقوم مقامة قانوناً) حصراً وهذا ما أوردتهُ المادة 3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية حيث حدد المشرع طائفة من الجرائم راعى فيها مصلحة الفرد وقدمها على مصلحة المجتمع من حيث تحريك الشكوى وجعلها حبيسة إرادة المجني عليه او من يقوم مقامه قانوناً وهو ما درج تسميته بالجرائم ذات الحق الخاص.
وبعد هذا الأستعراض المُقتضب لطريقة إبتداء الدعوى الجزائية نرى أن المشرع حدد طُرقاً عديدة لإنقضاء الدعوى الجزائية ومن تلك الطرق والتي هي مِحور بحثنا وهو الصلح الذي تناولت أحكامهُ المواد (194-198) وأن هذا الطريق لإنقضاء الدعوى الجزائية هو قاصرعلى الجرائم التي وردت في م3 حصراً دون سواها من الجرائم استناداً للمادة 194 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وإن للوهلةِ الأولى قد يتراءى بعد قراءة مواد الصُلح بأن جميع الجرائم المذكورة في م3 هي جرائم يُقبل الصُلح فيها لكن عند إستقراء مواد الصُلح نجد أن المُشرع قد أفرز طائفة من جرائم الحق الخاص وجعلها غير قابلة للصُلح على الرغم من ذِكرها في م3 من القانون محل البحث.
حيثُ أن من قراءة المادة 195 نراها إنها قد حصرت الصُلح في جرائم الجُنح والمخالفات دون الجنايات وهذا ما يُمكن إستنتاجه من إيراد لفظ (الحبس) فقط دون لفظ (السجن) حيث أن الحبس هو عقوبة الجُنحة وفق م26 وأن السجن هو عقوبة الجناية وفق م25 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، ولهذا لايمكن أن تمتد أحكام الصُلح لتشمل جنايات جرائم الحق الخاص إستناداً الى القاعدة ( الترك في القانون الموضوعي معناهُ الاباحة والترك في القانون الإجرائي معناهُ الحظر)، فعلى سبيل المثال جريمة الأيذاء العمدي قاصداً إحداث عاهة مستديمة او أفضى الأعتداء لتلك العاهة (412) وإن هذه الجريمة هي من نوع جناية استناداً للمادة 23 من قانون العقوبات وكذلك جريمة التهديد(م430) وهي جريمة من نوع جناية إستناداً للمادة 23 وكذلك جريمة السرقة التي تحصل بين الأزواج والتي قد يقترن معها ظرفٌ مُشدد يرفع نوع الجريمة لِتُصبح جناية.
بالتالي هذهِ الجرائم المتصورة السابقة الذكر والتي وردت في المادة 3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية هي جرائم لا تُحرك الإ بشكوى من المحني عليه او من يقوم مقامه قانوناً ولا تنقضي بالصُلح لذلك هي جرائم ذات حق خاص وحق عام بنفس الوقت فهي ذات حق خاص من حيث جهة تحريكها والتي تكون قاصرة على المجني عليه او من يقوم مقامه قانوناً وبنفس الوقت تكون ذات حق عام من جانب إنقضاءها وعدم جواز قبول الصُلح فيها وليس لِمُحركيها يد في إنقضاءها بعد تَحريكها وهذا ما يُميز هذه الطائفة من الجرائم كونها ذات طبيعة مزدوجة من حيث الإبتداء والإنقضاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء