الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحتاج الى رؤية الإله لنصدّق بوجوده ؟

اسكندر أمبروز

2021 / 12 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أي كان هذا الإله الذي يدعي أصحاب وأهل الخرافة والجدل وجوده , لا يعدو عن كونه مجرّد شخصية خياليّة مستوحاة من خزعبلات وفانتازيا ابتكرها البشر في العصور القديمة , وتطوّرت كقصص وحكايات وهراء الى أن وصلت الى حالة الثيولوجيا المسيطرة على النّاس بفضل أساليب الخداع والدجل المعروفة في الأديان , وبقيت هذه الخرافة على قيد الحياة نظراً لاستفادة الحكّام منها والتي لا تزال تخدم مصالحهم بشكل مباشر الى اليوم , ولكم في دول بول البعير أفضل مثال على هذا طبعاً.

فالله هو الحاكم والحاكم هو الله , ولكن بعيداً عن التأثير الواقعي لخرافة الإله , فإن المؤمنين من مختلف الخرافات الدينية تتكرر لديهم مغالطة منطقيّة لطيفة والتي لطالما استعملوها في حديثهم عن الملحدين أو الذين لا يرون أي دليل على وجود إله معيّن أيّ كان , والذين يتركون المجال للعلم لمحاولة تفسير نشوء الكون بعيداً عن الحلول السهلة والبلهاء كالادعاء أن الله أو زيوس أو آمون راع أو كريشنا هو من خلق الكون.

وهذه المغالطة المتكررة هي مغالطة رجل القش , والتي يتم فيها تجاهل الموضوع الحقيقي للحجة و واستبداله بموضوع خاطئ وحجّة خاطئة ومن ثم دحض الحجّة الخاطئة.

وهذا ما يتم استعماله تماماً حينما يدّعون الادعائات اللامتناهية على الملحد واللاديني وغيرهم ممن يدحضون فكرة آلهتهم الخزعبلاتيّة ! ومسألة التصديق بوجود الإله هذا هي إحدى هذه الادعائات أو التطبيقات العملية لمغالطة رجل القش , فهم يصنعون ملحدين في رؤوسهم وخيالاتهم , ومن ثم يلصقون بهم ادعاء عدم التصديق بوجود الإله إلّا في حال رؤيته أو التصديق بالخرافات الدينية إلّا في حال رؤيتها بالعين المجرّدة , وحتى أن منهم من يتحذلق بطرق مضحكة قائلاً...

أننا لا يمكننا رؤية الذرّات ولكننا نؤمن بها , ولهذا فعلينا الإيمان بإلههم حتى لو لم نره ! وبهذا السخف والهبل يكون رجل الدين الدعدوش أو غير الدعدوش قد دحض الجميع وأثبت أن دينه صحيح !

ولكن وكالعادة ففي كل جملة يتفوّه بها الثيولوجي هنالك قناطر من المصائب المنطقية والفلسفية والعلميّة ! فأولاً الملحد لم يدعي أنه بحاجة لرؤية الإله ليؤمن به , وإنما يطالب بأدلّة ملموسة محسوسة يمكن قياسها وقياس نتائجها من خلال التجارب المستمرّة والتي لا تتغيّر إن ثبتت مستلزماتها , والتي تتجه جميعها لوجود الإله هذا أو ذاك.

ثانياً لا يؤمن الملحد في أي شيء , فالإيمان هو التصديق الأعمى بالأمور دون أي دليل , ولكن الملحد يصدّق بما هو مثبت علميّاً أو حتّى منطقيّاً لا لشيء , سوى لنجاح هذه الوسائل ألا وهي العلم والمنطق في استنتاج المعرفة من العالم المحيط بنا.

ولهذا فالملحد يعلم وجود الذرّات وغيرها من الأمور الغير مرئيّة نظراً لوجود الأدلّة التي يمكن قياسها واستنتاج وجود الذرّات من خلالها فيزيائيّاً , وطبعاً كغيرها من الأمور الغير مرئيّة التي لا نستطيع رؤيتها بالعين المجرّدة فإن العلم والوسائل العلميّة مكنتنا من معرفة واستنتاج والتحقق من وجود الذرّات.

فأين الدليل العلمي على وجود الهك عزيزي المؤمن ؟ وأين هي تلك التجارب المخبريّة والطبيعية العالية الدقّة التي أثبتَّ من خلالها وجوده ؟ فحتى ولو قام أحدهم بمعجزة ما خارقة للطبيعة فهذا لن يكفي لإثبات وجود أي اله لأي دين , كما ناقشت في مقال سابق هنا...
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=738389

ولكن تكرار التجارب مع ثبات النتائج هو ما يثبت أي ادعاء علميّاً , وفي مجال المنطق معرفة الإفتراض يقتضي معرفة النتيجة وليس العكس ! أي أن معرفة وجود الإله تقتضي أنه هو من خلق الكون , ولكن لا يصح أن نأتي بالنتيجة ألا وهي وجود الكون , ومن ثم نفترض وجود الإله ! فثبات الافتراض (وجود الإله) هو الاساس لثبات النتيجة ألا وهي مسألة (خلق الكون) , ووجود الكون في علم المنطق لا يعني بالضوروة وجود إله أو خالق , فهو لا يعدو عن كونه فرضيّة كالقول بأن الكون وُجِد من عدم أو أنه من صناعة كائنات فضائية متطوّرة بشكل كبير أو أنه من صناعة اله الجلدة !

فلا علميّاً ولا منطقيّاً استطاع الدين إثبات وجود خالق أو اله , وإن كانت هذه الأساليب في المعرفة قاصرة كما يدّعي بعض المؤمنين , فأي اسلوب في المعرفة استعملت عزيزي المؤمن لمعرفة وجود الهك ؟ وكيف توصّلت وتأكدت من وجوده ؟ فبعيداً عن العلم والمنطق القاصرين , أعطينا طريقتك السحرية للمعرفة والوصول للحقيقة لو سمحت.

ولكن السؤال "من الآخر" كما يقال...لماذا كل هذا الهبل والعبث من قِبَل إلهك ؟ ولماذا يلعب معنا لعبة الغمّيضة بهذا الشكل الطفولي ؟ ولماذا لا يظهر نفسه بطريقة ما , تجعل الجميع يصدّق به وبوجوده ؟ ألم يتعامل مع البشرية بشكل مباشر سابقاً في قصصكم الخياليّة ؟ فلماذا لا يتعامل معنا اليوم بنفس الطريقة ؟ وبماذا نحن أفضل ممن سبقنا من أُمم وحضارات إن كُنّا قاصري المعرفة والمنطق ؟ وإن كنّا كذلك فلماذا لا يظهر نفسه بطريقة تتناسب مع مستوانا المعرفي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س