الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القائم بالخلق طاقة عقلانية ( أي عقل ) وليس كائناً أو كياناً إلهياً له عقل

محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)

2021 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


.
" تعقيب على مقالة الصديق محمد القاسم "
شاهينيات 1530
في مقاربته التي نشرناها منذ بضعة أيام يحاول الصديق محمد أن يؤكد على وجود تقارب بين فهمي للقائم بالخلق وفهم بعض الأديان والمعتقدات وبعض الفلاسفة ، فهو يعرض ما لا يفرق فيه بين الألوهة والعقل والروح ، وهذا ما هو ليس في فلسفتي الخالية من الألوهة والروح وما إلى ذلك :
"تأكيدات وتوافقات معظم الأديان وبعض الفلاسفة إن لم يكن معظمهم كذلك، سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين، ومن مذاهب وديانات شتى، والتي يؤمن اتباعهم بوجود الله والروح ، حول مقولته ورؤيته ( رؤيتي ) عن الله الخالق كطاقة عقلانية سارية في الكون والخلائق"
لم يتنبه الصديق محمد إلى أنني أتحدث عن طاقة عقلانية ، أي عن عقل طاقوي ليس إلهيا ، وليس روحيا ، قد يقبل أن يكون إلها وقد لا يقبل ، فقد يكون أكبر من إله ويحتاج إلى مفردة لغوية جديدة للتعبيرعنه . وأنا كثيرا ما أستخدم فكرة القائم بالخلق أوالخالق ولا أستخدم مفردة الله إلا مجازا، فمفردة ( الله ) لم توجد إلا بعد اختراع اللغات من قبل العقل البشري ومن زمن قريب جدا لا يتجاوز بضعة آلاف من السنين ، بينما العقل القائم بالخلق موجود كطاقة غير طقمادية كامنة في العدم الفيزيائي حتى قبل الوجود نفسه ، الذي بدأ منذ أربعة عشر مليار عام ولم ينته بعد، ولم يتم لا في ستة أيام ولا في ستين ألف قرن كما ترى بعض المعتقدات .. يتحدث الصديق محمد عن إله له عقل وليس عن عقل مجرد لا يحمل صفة ألوهية كما هي الحال عندي.. ولو كان الأمر كذلك أي كما يرى الصديق محمد ، فلماذا أتعب نفسي في اجترار الفكر البشري بالتعبير عنه بمفردات جديدة تتفق مع ما جاءت به المعتقدات والفلسفات . فلن أكون بذلك أكبر من مشعوذ أحمق ، فأي إله في الوجود حتى لو كان الشيطان نفسه (إن وجد) لا بد وأن يكون له عقل ، فكيف بالآلهة وبكافة مفاهيمها الإسلامية والمسيحية واليهودية والهندوسية والزرادشتية والبابلية والسومرية والفرعونية والمئات غيرها ، فهل هي بدون عقل ، وهل أنا على هذه الدرجة من الحماقة حتى أرى أنها بدون عقل ( إن وجدت ) لآتي بإله له عقل ! يا للمصيبة ! فأنا في هذه الحال "أهدم صنما لأقيم صنما بدلا منه " حسب تعبير الصديق نفسه في مقالة سابقة، اضطررت إلى توضيحها لإلتباسها على الأصدقاء. فأنا لا أهدم صنما لأقيم صنما مكانه . إن مسألة الألوهة في فلسفتي غير واردة على الإطلاق ، إلا ضمن فهم الطاقة العقلانية أوالعقل الطاقوي غير الطقمادي لها . فهي خاضعة لهذه الطاقة بين قبولها أو رفضها . والأمر نفسه ينطبق على الروح.
ويزداد الأمر بعدا عن فلسفتي حين يأتي الصديق باستشهادات مجسدة للألوهة بقدر ما، في العقيدتين الإسلامية والمسيحية . فالحي القيوم في الفكر الإسلامي لا بد وأن يكون له عقل ، والثالوث المقدس في المسيحية : الأب والابن والروح القدس له عقل بالتأكيد.
فهو يقول عن المفهوم الإسلامي للإله ، كإله حي له عقل"فالحي يا عزيزي لابد أن يكون ذا عقل بالضرورة " والقيوم " وإن كان ذا مقدرة على الخلق والايجاد كذلك، فلابد أن يكون قيوم على ذلك الخلق" فالحديث هنا عن خالق حي مجسد ومعروف بقدر ما وله عقل، وليس عن عقل مجرد .
الأمر نفسه ينطبق على الاستشهاد بالمسيحية " " عزيزنا محمود أبو الجدايل أوليس مفهوم وفكرة الروح القدسHOly Spirit في العهد الجديد (الإنجيل ) في الديانة المسيحية إشارة إلى ذلك "
وأيضا : " أوليس المسيا (المسيح) يعد طاقة طقمادية ذات قدرة على الخلق والتفكير والتأمل في المعتقد المسيحي؟ وبل في قانون الإيمان الذي يجب أن يؤمن به كل مؤمن بذلك الدين وبذلك الاعتقاد؟"
طالما الأمر كذلك عزيزي محمد فما المانع من أن يكون الإله البابلي مردوخ كذلك ، فهو له عقل بالتأكيد وخلق الوجود في ستة أيام من جسد جدته ، وخلق الانسان من جسدها أيضا وعجنه بدمه ، تخيل ما أجمل هذا الإله الذي يخلق الإنسان من جسد جدته (تراب الأرض) ويعجنه بدمه . ولماذا لا يكون الثالوث الإيزيسي المصري الممثل بالربة إيزيس والرب الأب أوزوريس والإبن الرب حورس كذلك ؟ خاصة وأنهم الأقرب إلى المعتقد المسيحي كأب وابن وروح قدس .. وربما شذت عن المسألة مريم العذراء باعتبارها أم مقدسة وليست ربة كإيزيس.. وبناء عليه لماذا لا تكون الآلهة كلها وفي المعتقدات كلها قائمة فعلا بالخلق طالما لديها عقل . ولو أننا تطرقنا إلى ما يكمل مفاهيم هذه الألوهة من تشريعات وإمكانات وعروش وملكوت وحساب وعقاب وجنات وجهنمات ، وتجسدات في إله يمشي في الجنة ويبحث عن أدم وحواء ، أو في رجل يصارع يعقوب طوال الليل ويكسر له حق فخذه ، لوجدنا كم تكون الهوة كبيرة بين مفهومي للقائم بالخلق وبين هذه المفاهيم ، فمفهومي لا يقوم على ملكوت وعروش وتشريعات وحساب وعقاب، كما لم يتجسد في رجال يصارعون رجالا أو يبحثون في جنة عن كائن انساني لم يوجد في التاريخ اسمه آدم ! فالقائم بالخلق عندي يسمو كطاقة عقلانية فوق كل هذه المسائل .وأمام فهم الصديق محمد يمكن أن نعتبر كل معتقد يقوم على ألوهية ما أو ما يقابلها معتقدا يقارب معتقدنا ، إن لم يكن هو ، وبالتالي لا ضرورة له .
ربما وفق الصديق محمد باستشهاد فلسفي واحد هو استشهاده بفلسفة الفارابي من كون القائم بالخلق هو عقل وعاقل ومعقول . دون أن يوضح لنا الصديق مفهوم الفارابي المتكامل عن هذا العقل ما إذا كان إلها أو لم يكن كذلك . وهو على الأغلب كذلك ، أي لم يتجاهل الألوهة حتى لو جعلها كذلك.
آمل أن أكون بهذا التعقيب إضافة إلى ما نشرته من قبل عن معنى الطاقة العقلانية القائمة بالخلق ، قد وضحت مفهومي للقائم بالخلق كطاقة عقلانية غير طقمادية
وغير روحية أيضا ، تسري في الكون والكائنات وتتجلى فيهما. وأن غايتها من الوجود أن ترى ذاتها متجلية في خلق يعمل على إقامة حضارة إنسانية تتحقق فيها قيم الخير والعدل والمحبة والجمال.
وأنوه إلى أن هذا التعقيب لا يلغي أهمية مقالة الصديق محمد التي اعتبرتها مقالة متميزة وهامة لمحاولة مقاربتها لفكري مع أفكار ومعتقدات دينية وفلسفية ، كما أنها تطرقت لجوانب أخرى صحيحة في مفهومي غير مفهوم الفارابي ، كبحث العلم الحديث في أن تكون الطقمادية هي القائمة بعملية الخلق... الخ..

*****








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي