الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسق البيئي الأدبي الجزائري معقد وغير مفهوم في ذات الوقت (الحاج ملياني، أستاذ الأدب)

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 12 / 21
مقابلات و حوارات


ترجمة وتقديم سعيد هادف: بمناسبة إطلاق الطبعة الأولى لأيام وهران الأدبية (دورة الراحل حاج ملياني)، التي تشرف على تنظيمها لجنة من مثقفات ومثقفي وهران، والتي جاءت تحت شعار "أن تكون كاتبا"، وإحياء لذكرى وفاة الراحل وتكريما لمسيرته الثقافية؛ ومساهمة منا في التعريف بمشروعه ننشر الحوار الذي سبق أن شرح من خلاله الراحل الخطوط العريضة لمشروعه. في هذا الحوار الذي أجرته معه السيدة نبيلة سكندر صيف 2020 بموقع (algeriecultures.com)، يتحدث الراحل البروفيسور ملياني عما أسماه بالنسق الأيكولوجي، أو النسق البيئي الأدبي الجزائري بألسنته الثلاث حيث رأس الراحل، قيد حياته، فريقًا بحثيًا كجزء من مشروع أطلقه مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (CRASC) لتحقيق كارتوغرافيا للأدب الجزائري. يعود في هذه المقابلة التي أجرتها معه نبيلة سكندر، إلى الحالة المعقدة لما يسميه "النسق البيئي الأدبي الجزائري" وضرورة دراسته ونشره. وكما أكد فإن "أصالة هذا المشروع هي العمل بشكل متزامن على الألسنة الثلاث (الأمازيغي، والعربي والفرنسي)". ومع ذلك، يشدد على أنه "يجب أن يكون هناك تفاعل"بين جميع الفاعلين في هذا النسق و"يجب على كل طرف أن يقوم بعمله" في قواعد الفن.

إن كارتوغرافيا للأدب الجزائري بمكوناته اللسانية المختلفة (العربية، الأمازيغية، الفرنسية)، المشروع الذي تقوده جامعة وهران 2، هو قيد الإنجاز. أنت عضو في الفريق الذي يقود هذا المشروع. هل يمكنك أن تخبرنا ماذا يتضمن هذا العمل بالضبط؟

تم تنفيذ هذا المشروع في الكراسك بوهران منذ سبتمبر 2019 لمدة ثلاثة أعوام. يجمع، بين برنامج عمل وإشكاليات مشتركة، ثلاثة فرق يقودها على التوالي محمد داود للغة العربية (وهران 2) ومحند أكلي صالحي للأمازيغية جامعة تيزي وزو وأنا للفرنسية جامعة مستغانم، الباحثون الثلاثة كلهم مرتبطون بـالكراسك يتعلق الأمر بالفترة المختارة (2010-2020) لفحص اتساق النسق البيئي الأدبي الجزائري في تعبيراته المكتوبة بالألسنة الرئيسية الثلاث المستخدمة في هذا القطاع. كانت الفترة السابقة أحسن استثمارًا، وستكون موضوع عمل تركيبي في نهاية المشروع.
النسق البيئي الأدبي نقصد منه الإنتاج الأدبي المنشور، وكذلك مكان النشر، والمكتبة وجميع المؤسسات التي تأخذ في الاعتبار الأدب (التعليم، الميديا، الإنترنت) وكذلك النشاط الأدبي (النوادي الأدبية، مبيعات التوقيعات، المؤتمرات، المهرجانات، المعارض، إلخ.). سيتم إيلاء اهتمام خاص لإعادة بناء مسارات الكُتّاب الذين ظهروا على مدى الأعوام العشرة الماضية. هذا العام الأول سمح بتنظيم بعض الاجتماعات المتواضعة حول القواميس والأنطولوجيات الأدبية وكذلك حول الملاحق الأدبية. لكن الشيء الرئيسي كان، بشكل خاص، أن نشرع في وضع العناصر الببليوغرافية التي ستشكل القاعدة الرقمية النهائية في عام 2022 بالألسنة الثلاث، لإحصاء الأعمال الجامعية والترجمات بالإضافة إلى الدراسات التي أجريت في البلدان الناطقة باللسان الإنكليزي، الألماني والإسباني.
تكمن أصالة هذا المشروع في العمل بشكل متزامن على الألسنة الثلاث (الأمازيغية والعربية والفرنسية). كل تظاهراتنا الماضية والمستقبلية (وضعية النشر، أدب الشباب، القراء، الخلافات الأدبية في الجزائر، الكتابة الأدبية الرقمية، أدب الشتات، إلخ) ستتم دائمًا من خلال الجمع بين التعبيرات الأدبية الثلاثة معًا. نعمل على إعداد أول كتاب (بالعربية والقبايلية والفرنسية والإنكليزية)، سيكون جاهزا للنشر قبل نهاية العام الحالي)، وهو ثمرة التحقيقات الأولى التي أجراها باحثون من الفرق الثلاثة.

إنكم تقودون مشروع إعداد كارتوغرافيا للأدب الجزائري للتعبير الفرنسي. ما رأيك في هذا الأدب اليوم؟

من الواضح أنه الحافز ذاته في صميم مشروعنا: تقديم مواد ملموسة وموثقة للسماح للجميع بتكوين رأي حول عمل أو كاتب أو موضوع. تعاني التقييمات التي تُعطى للأدب الجزائري باللسان الفرنسي أحيانًا من جهل معين بالواقع المادي والمؤسسي للإنتاج والمؤلفين. الأحكام القاسية المُثمّنة أو المبخّسة غالبًا ما تخفي وضعيات أكثر تعقيدًا. ينبغي أن نسجل أن الجزء المرئي بشكل أكثر على مستوى الميديا يخفي مجموعة متنوعة من مؤلفين، دعائم، أماكن ومساحات التبادل (منصات رقمية عالمية على غرار ( Amazon) أو (Édilivres)؛ من بلدان النشر: فرنسا، كيبيك، بلجيكا، سويسرا، الولايات المتحدة، المغرب، تونس، إلخ.). أكثر من 70٪ من الإنتاج باللسان الفرنسي تم نشره على حساب المؤلف في الجزائر وغالبًا ما يظل غير مرئي للنقاد والباحثين والقراء.

الأدب الجزائري، ولا سيما الأدب خلال العقود الثلاثة الماضية، ليس معروفا ولا مدروسا بما فيه الكفاية. لماذا؟

سيكون هذا أيضًا موضوعًا لتحليلاتنا المستقبلية من أجل فهم ما يكون أحيانًا "تأثير ميداني"، بمعنى أننا نقوم بذلك بمجرد أن نعتقد أن المنتجات غير معروفة أو غير مدروسة. عندما نفحص فقط عناوين مئات أطروحات الدكتوراه خلال الأعوام العشر، نرى أنه من الواضح أن هناك مؤلفين أو موضوعات ظلت موضوع مساءلة منذ 20 أو 30 عامًا، ولكن نرى أيضًا أنها مليئة بمواضيع ومؤلفين أكثر فرادة وندرة. لدينا الكثير من الفرق البحثية والمختبرات التي أنتجت دراسات مهمة على مدى السنوات العشر الماضية في الجزائر وفي العالم. لسوء الحظ ، لا يوجد تبادلات وتجميع لهذه الأعمال، ما يعطي طابعًا متجزئا لهذا الإنتاج الجامعي. إنه جدير بأن يكون معروفًا بشكل أفضل، خاصة لدى الوسطاء الثقافيين (الصحفيون، المنشطون، إلخ) الذين يمكنهم إثراء عملهم. ولكن في الجامعة، يوجد أحيانًا تكاسل وتأثيرات الموضة أو الاكتفاء بما هو جاهز مما يجعل المرء يميل إلى تفضيل مؤلفي وموضوعات اللحظة أو الانخراط دون مخاطر في تمجيد كُتّاب البانتيون/المعبد الأدبي الجزائري دون إضافة أي شيء جديد. قلة من الطلاب أو الفرق التي تغامر في مواضيع أو أعمال أو مؤلفين جدد.
الغاية من هذا المشروع هي "الفهم الجيد للحقل الأدبي الجزائري في تنوعه اللساني والموضوعاتي" كما أخبرنا زميلك محمد داود من جامعة وهران الذي يقود الفريق الذي يشتغل على أدب التعبير العربي. برأيك هل يمكن أن نتحدث عن حقل أدبي جزائري؟
فضّلنا تبني مفهوم الحقل الأدبي الجزائري في البداية. إن فكرة الحقل الأدبي التي امتدت لما يقرب من خمسين عامًا، خضعت للنقاش على نطاق واسع في العالم، وتعرضت إلى الطعن، وأعيد تعديلها. من ناحيتي، وفي انتظار الحصول على توصيفات دقيقة للميدان من منظور دياكروني/تاريخي، أعتقد أننا يمكن أن نتحدث مؤقتًا عن نظام بيئي أدبي في الجزائر قيد التطور مع مجموعة متنوعة من ألسنة التعبير، من عوالم جمالية متنوعة، مواقف متنوعة ومشتركة في ذات الوقت وسط ظروف معينة، وممارسات فردية معلنة بشكل متزايد. وبهذا المعنى، يجب دمج الحياة الأدبية في مجال الثقافة بشكل عام في الجزائر، التي تهيمن عليها كل من النزعة العالمية والتنافر الثقافي.

قال محمد داود: "شهد العقد 2010-2020 إنتاج عدد كبير من النصوص التي يمكن أن تستفيد من التثمين والفهرسة في أفق دراستها بشكل معمق". ما الذي يمكن فعله من أجل إنشاء تفاعل دائم ومثمر بين حقل الإنتاج الأدبي والنقد الأكاديمي والصحفي؟

بطبيعة الحال، يجب أن يكون هناك تفاعل، ولكن على كل طرف القيام بعمله. يجب على الناشرين والمؤلفين أن يتواصلوا بانتظام وأن يمنحوا الميديا مواضيعهم (مقتطفات، مقابلات، ملف صحفي، خدمة صحفية) حتى يتمكنوا من التحدث عن الأعمال (على الأقل الإعلان عنها). يجب أن تكرس الميديا مساحة للموضوعات وللأعمال خارج الطرق المعهودة، وذلك بأن تسلط على أعمالهم أكبر قدر من الضوء حتى يأخذ القارئ فكرة حقيقية عنهم. وبمعزل عن ذلك، سيتحول الأمر إلى مجرد تلخيص أو إطراء عاطفي. أخيرًا، يجب على النقد الجامعي أن يعمل بصبر على إعادة بناء أسس العمل، وأن يبحث عن زوايا مبتكرة للهجوم، وألّا يركّز على القواقع التي تكون فارغة في أغلب الأحيان (السيميائية، التناص، وما بعد الاستعمار، والتثاقف، وما إلى ذلك). وأن تستخدم المواد الغنية التي تمنحها الصحافة دون أن تنشغل بالأحكام وبالتموقعات وحتى بالمجادلات الأدبية التي تمثل على وجه التحديد علامة على نشاط أدبي مثمر والتي تستحق أيضا الدراسة من أجل فهم التمثلات والمخاطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في