الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة العربية: لغة أجنبية للسوريين

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 12 / 23
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


e
لطالما كنت دائما صادقا مع نفسي في احلك المواقف الحاسمة وأصعبها، وكان ذلك السبب في خسارتي لكثير من الأشياء، كما بالنسبة للأشخاص، وهذه قصة حقيقية حدثت معي بهذا السياق، ولكن هذه المرة مع ما تسمى بـ"اللغة العربية"، وهي كما نعلم جميعاً، لغة المحتلين الغزاة العرب المسلمين، والتي فرضت على الشعب السوري، بالحديد والسيف و"الفتوحات" والنار، وتلكم قصة أخرى، وعلى مستوى آخر، ومجال.
ففي تسعينات القرن الماضي، أتت لجنة من دولة خليجية "شقيقة" (رجاء ممنوع الضحك) لاختيار بعض الإعلاميين، للعمل في صحافة ذاك البلد، وأعتبر نفسي ضليعاً جداً باللغة العربية قياساً مع غيري، رغم تخصصي الجامعي باللغة الإنكليزية، وكنت، يومها، من بين المتقدمين، لمقابلة تلك اللجنة، وأعضائها، وكان من بينهم، أحد من يسمون بالمثقفين السوريين، أصبح وزيراً للثقافة فيما بعد، في إحدى حكومات البعث الحاكم المتعاقبة. وكان من جملة الاستفسارات والبيانات المطلوب تقديمها، للحصول على العمل، هو بند يقول ما هي اللغات الأجنبية التي تتقنها؟ ودرجة الاتقان؟ وهنا قمت بالإجابة على السؤال 1- العربية (ممتاز). 2- الإنكليزية (ممتاز). 3- الفرنسية(جيد). 4- اللاتينية القديمة(وسط)...
وتوضيحاً، وتاريخياً، فاللغة العربية لم تكن لغة سوريا قبل الاحتلال والغزو والاستعمار العربي الإسلامي الاستيطاني لسوريا وهي تعتبر بالتالي لغة أجنبية رغم اتقاننا لها، تماما كاللغة الإنكليزية بالنسبة للمستعمرات الإنكليزية حيث أضحت اللغة الإنكليزية هي اللغة الأم والرسمية في مستعمرات بريطانيا السابقة...
وأما بالنسبة للغة الإنكليزية، ومن جانبي، فهي لغة الدراسة والاختصاص الجامعي وأحمل أكثر من شهادة بها، وأما اللغة الفرنسية، فكنا ندرسها كلغة ثانية، مع اللغة اللاتينية القديمة، كما يعلم زملاؤنا بالاختصاص في تلكم الأيام، وكانت مقررة كمواد مستقلة ورئيسية للمقارنة ودراسة اللغويات، وكنت نتفوق بها، وبرعنا فيهما يوماً ما، لكن وللأسف نسينا الجزء الأكبر منها بسبب عدم المتابعة والاستخدام النادر لهما، لكن ما تزال "البذرة" الأساسية والكلمات المفتاحية والأساسية موجودة في الذاكرة، أما لغتنا السورية القديمة الأصلية، لاسيما بالساحل، وأهل الساحل يعلمون مفرداتها اليومية، فأنا "ألطّش"، بها تلطيشاً، وأستخدم مفرداتها مع اللغة العربية، الأوسع انتشاراً.
المهم، حين مجيء دوري لمقابلة اللجنة، كانت الأوراق لا تزال في يد أحد أعضائها، وكان ملتحياً خليجياً، الذي طلب مني تصويباً، لبند اللغات الأجنبية في الاستمارة، قائلاً: "أستاذ أنت ذكرت اللغة العربية مع اللغات الأجنبية فأرجو التصويب". فأجبته بالقول: "بالعكس لا يوجد أي خطأ يا سيدي الكريم، فاللغة العربية لغة أجنبية بالنسبة لسوريا، وهي ليست لغة السوريين الأصلية، وقد وفدت لسوريا، مع الغزو والاستعمار والاحتلال العربي ولذلك فهي لغة أجنبية، وبإمكانك القول بالتالي، إنها لغة غير شرعية (نفس هذا الكلام قلته، علناً، بعد سنوات في إحدى حلقات الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة).
المهم انعقد لسان الرجل وبداً مصعوقاً، ومذهولاً، ولم يصدّق ما كان يسمعه، هذا في الوقت الذي كان فيه بعض المتقدمين، يتوددون ويتذللون له ومخاطبة وده ويفخّـمون به، لنيل رضاه والحصول على الوظيفة "الدسمة"، في مطبوعة خليجية، فيما كان "العضو السوري باللجنة" (الوزير لاحقاً وكان سلطوياً ومرضياً عنه ومقرباً من الخلايجة و"الشباب" الطيبة، في نفس الوقت، وكافؤوه لاحقاً بتوزيره على قمة هرم الثقافة بسوريا)، ينظر لي بقرف، واستعلاء وازدراء، وبشيء من الفوقية والاستخفاف، ولم يكن يتوقع أن يتلقى هذا الجواب، وطبعاً نتيجة المقابلة كانت معروفة سلفاً، وطبعاً كانت هذه هي رؤيتي الحقيقية وتقييمي لوضع اللغة العربية كلغة أجنبية بالنسبة للسوريين، لاسيما مع وجود آلاف المفردات "السورية" القديمة، المتداولة لليوم، والتي نستخدمها ونتحدث بها، إضافة لأسماء القرى المدن والمناطق المسماة/ حتى الآن، باللغات السورية القديمة، والتي لم يَطـَلْها سيف التعريب البتار والجائر الظالم، وسياساته الفاشية، حتى اليوم، وبقيت محتفظة بأسمائها ومعانيها السورية القديمة، رغم اندثار وموت بعض تلك اللغات واللهجات السورية القديمة مع طول فترة الاحتلال والاستعمار العربي والإسلامي الاستيطاني لهذه البلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر