الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات لا تنسى مع الفقيد الراحل اسحاق الشيخ يعقوب - ذكريات لبنان

نجيب الخنيزي

2021 / 12 / 23
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


ذكريات لبنان
جمعتني ذكريات عديدة مع الفقيد إسحاق الشيخ في لبنان ، حيث كنا معا هناك لمتابعة قضايا وأمور مختلفة ، و كانت بيروت بالنسبة للحركات السياسية الخليجية والعربية بمثابة متنفسا وساحة ملائمة للإتصال والتحرك السياسي والاعلامي ، والتنسيق مابين الداخل والخارج ، وبالنسبة لنا ( كجبهة تحرر وطني ) كانت بيروت أفضل من دمشق نظرا لعدم الثقة بالنظام السوري ، وعد م وجود أي قناة اتصال رسمية مع السلطة السورية أو حزب البعث الحاكم في ذلك الوقت ( وكما عرفت أقيمت علاقة بعدها بسنوات مع قناة اتصال تابعة للقيادة القومية لحزب البعث ) بل كانت السلطات السورية تخضع الفقيد الراحل للمراقبة والتضييق ووصل الأمر إلى اعتقاله والتهديد بتسليمه للسعودية بحجة معاداته للسلطة السورية ، غير ان تدخل خالد بكداش الأمين العام للحزب الشيوعي السو ري وممثلي الحزب الشيوعي السوري في مجلس الوزراء و" الجبهة الوطنية التقدمية " حال دون ذلك ، وكانت التسوية مغادرته دمشق إلى بلغاريا ومنها عاد إلى بيروت .
في أحدى زياراتي إلى بيروت رتب الفقيد الراحل لقاء مع عضوي المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني سابقا وهما حسن قريطم وصوايا صوايا حيث فصلا في اعقاب المؤتمرالثاني للحزب في 1968 ، غير انه حافظ على علاقاته الشخصية معهما .
كان اللقاء معهما سلبيا بالنسبة لي ( رغم موقفهما الشخصي الودي والحار) حيث أثار استيائي دعمهما وحماسهما الشديد لتغيير مسمى " جبهة التحرر الوطني في السعودية " إلى " الحزب الشيوعي " رغم أنها مسألة داخلية ولا تزال قيد المناقشة آنذاك، كما شعرت بالضيق من هجومهما الشخصي القاسي ضد قيادة الحزب الشيوعي اللبناني ورفضهما للتوجه التجديدي في أطروحات الحزب ، والتي عبرت من وجهة نظري عن جمود وتصلب عقائدي ، أنتهت صلاحيته ، ولم يعد قادراعلى مواكبة التغيير واجتراح التجديد .
وفي المقابل كنت أرى بأن الحزب الشيوعي اللبناني استطاع من خلال تجديد قيادته ، و إعادة صياغة برنامجه النضالي وخطة عمله ، من ترسيخ مكانتة بين الجماهيرعلى الصعيد اللبناني ، وكان آنذاك في المقدمة إزاء القضايا الوطنية وقيادة النضالات المطلبية والطبقية ، واصبح الحزب في غضون سنوات قليلة قوة سياسية وشعبية وازنة في لبنان ، كما يعد أحد المكونات الرئيسية في تحالف الحركة الوطنية اللبنانية التي تزعمها القائد اللبناني البارز كمال جنبلاط والتي كان في مقدمة مطالبها إلغاء الطائفية السياسية ونظام المحاصصة وفقا للميثاق الوطني وهو اتفاق غير مكتوب تأسس بموجبه لبنان في عام 1943 ، وذلك لصالح قيام دولة مدنية عابرة للطوائف ، كما تبنى الحزب القضايا العربية القومية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .
غيرأن التجربة التاريخية أوضحت بأن اندفاعة الحزب الشيوعي واليسار اللبناني عموما ، حول تغليب القضايا القومية وتحديدا القضية الفلسطينية ، وخضوع الحركة الوطنية اللبنانية ( خصوصا بعد إغتيال زعيمها كما جنبلاط ) لمتطلبات ومناورات ياسرعرفات ( البرجماتية ) المتغيرة والمتقلبة أدخلت الحزب في متاهات وأخطاء تكتيكية واستراتيجية ، مما أفقده الاستقلالية وأضعف تركيزه على قضيته المركزية الوطنية في لبنان ، لكنه استعاد المبادرة في اعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان بما في ذلك العاصمة بيروت في عام 1982 حيث أسهم بشكل مباشر بالتعاون مع فصائل وطنية ويسارية في تشكيل جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ( جمول ) وقد ضمت طيف واسع من القوى والتوجهات والمشارب السياسية والأيدلوجية ومن كافة الطوائف والمناطق اللبنانية التي خاضت معارك دامية مع قوات الاحتلال الأسرائيلي ، وقدم الحزب الشيوعي والحركة الوطنية اللبنانية المئات من االشهداء والجرحى والأسرى ، وقد أجبرت إسرائيل على الانسحاب من بيروت ومعظم المناطق اللبنانية ، بإستثناء الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني ، غير ان دور جبهة المقاومة اللبنانية أخذ يتراجع نتيجة انقطاع الدعم العسكري والمادي المقدم من قبل الأتحاد السوفيتي والدول الإشتراكية في أعقاب انهيارهما في عام 1991 ، إلى جانب التضيقات الأمنية القوية من قبل القوات السورية المهيمنة في لبنان ، وهو ما أدى إلى ظهور وصعود حزب الله المدعوم بقوة من قبل إيران ، وقد تحررالشريط الحدودي لاحقا في عام 2000 وأجبرت القوات الإسرائلية على الرحيل في حين بقيت مزارع شبعا تحت الإحتلال الإسرائيلي .
اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية
في تلك الزيارة شهدت بدايات تفجر الحرب الأهلية اللبنانية ، ومع وجود أوضاع وعوامل متعددة تؤكد بأن الأزمة الشاملة التي يعيشها لبنان وصلت إلى منحنى خطير ، تنذر بتفجر الوضع الداخلي برمته في أي لحظة ، غير أن أداة التفجير تمثلت في حادثة الباص ( أو البوسطة باللهجة اللبنانية ) حين قام عناصر من حزب الكتائب في 13 أبريل 1975 بنصب كمين في منطقة عين الرمانة وارتكاب مجزرة بحق 27 من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانو متواجدين في الباص .
وكان علينا الأنتقال بحذر واستخدام معابر وطرق التفافية و جانبية أمنة نسبيا في ضوء الإنتشار الكثيف للمظاهر المسلحة ونقاط التفتيش والتدقيق من قبل الأطراف المختلفة وتحديدا محاولة تجنب مواقع المليشيات اليمينية (المسيحية ).
حادثة الباص كانت الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية الطاحنة (1975-1990) أو بالأحرى حرب الطوائف بصورة لم يشهدها لبنان في تاريخه المعاصر (نذكر هنا الحرب الأهلية المحدودة التي اندلعت في عام 1958 في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون واستمرت بضعة شهور ثم انتهت بحل توافقي .
وإذا كان لبنان يعتبر( مقارنة بالوضع السائد في العالم العربي) فيما مضى مثالا للاستقرار والتعددية السياسية والديمقراطية والتعايش السلمي بين طوائفه المختلفة ، فإن ذلك الاستقرار اتسم على الدوام بالهشاشة والضعف ، كما أن مناخ الحريات والديمقراطية كان موبوءا بسموم الطائفية التي تغلغلت في جميع مناحي الحياة ، ويكفي أن نقول إن الحرب الأهلية أفرزت ما سمي "اللبننة" التي تعني حالة التشظي والانقسام العميق العامودي والأفقي في حرب الجميع ضد الجميع ، وفي ظل انهيار شامل للدولة ومقوماتها ومؤسساتها ، ولمجمل التكوينات الاجتماعية المدنية . الحركة الوطنية والقوى اليسارية اللبنانية تحت قيادة كما جنبلاط طرحت مشروعها للبديل الديمقراطي ، وحملت الجبهة اللبنانية ( اليمينية ) مسؤلية اندلاع الحرب الأهلية وتفاقمها وإستمرارها ، دفاعا عن مصالحها وهيمنتها الطبقية والسياسية ، كما حملت النظام السوري مسؤلية الإنحياز وبالقوة العسكرية لصالح الجبهة اللبنانية التي كانت على وشك الهزيمة والإنهيار في عام 1976.
وفي ظل وجود القوات السورية في لبنان نظمت المليشيات المارونية اليمينية في 12 أغسطس 1976 مذبحة مخيم تل الزعتر والتي ذهب ضحيتها حوالي 1500 فلسطيني ، وقد حصلت القوات السورية ( 40 ألف جندي ) العاملة في لبنان على تغطية عربية وأمريكية تحت عنوان قوات الردع العربية في أكتوبر 1976 وذلك تحت مسمى " قوة الردع العربية " ، وذلك بهدف الحفاظ على مصالح النظام السوري وهيمنته في لبنان ، ومنع أي تغيير سياسي واجتماعي جذري يمثل تحديا لنظامه الشمولي .
في 16 مارس 1976 جرى اغتيال كمال جنبلاط زعيم الحركة الوطنية اللبنانية ،والتي اتهمت النظام السوري بضلوعه في عمليةالإغتيال .
في جانب آخر ، عملت الحرب الأهلية على استثارة الأحقاد والرفض المتبادل ، ومارست المليشيات المسلحة ، وبشكل خاص اليمينية حرب تصفيات (على الهوية) جسدية بشعة، ووصل العنف إلى داخل وبين صفوف الفريق أو الطائفة الواحدة (على غرار التصفيات التي تجري في منظمات المافيا) من أجل فرض وحدانية السيطرة والسلطة المطلقة .
وفقا لمعطيات ونتائج الحرب الأهلية اللبناني ، قد خلفت 150 ألف قتيل و185 ألف جريح وحوالي نصف مليون مهجروقرابة 30 ألف مخطوف ومفقود وحوالي مائة مليار دولار( بعملة ذلك الوقت ) خسائر اقتصادية وكلفة الدمار الذي لحق بالمنشئات والبنية التحتية .
ذكريات بلدة حمانا في جبل لبنان
في شهر أغسطس 1975 ( إثر اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية باشهر قليلة ) كنت مع الفقيد الراحل ومجموعة من الرفاق السعوديين في لبنان في أمريتعلق بمؤتمر الجبهة ، حيث أقمنا في بلدة "حمانا" وهي إحدى قرى جبل لبنان وتقع ضمن قضاء بعبدا – المتن ، و تتمتع بسحر طبيعتها وجوها المنعش في فصل الصيف، حيث ترتفع حوالي1200 متر فوق سطح البحر، كما تحيطها بها أشجار الصنوبر والأرز ،وتحوي العديد من المواقع الأثرية ، وهي تبعدعن بيروت حوالي 26 كم، كما أن غالبية سكانها من المسيحيين ، كما يتمتع حزب الكتائب فيها بنفوذ واسع ، غير انها في ذلك الوقت كانت أمنة كونها لم تكن ضمن مناطق التماس والقتال بين معسكري الصراع وهما الحركة الوطنية اللبنانية المدعومة من المقاومة الفلسطسنية من جهة ،والجبهة اللبنانية اليمينية التي تظم الأحزاب والمليشيات المسيحية والمدعومة في ذالك الوقت من النظام السوري ، والمعروف بأن بلدة حمانا تعد مركز جذب للسياح الخليجيين الذين كانو محط ترحيب من سكانها .
أثناء تواجدنا في حمانا التقيت بزوجة الفقيد الراحل نعيمة مرهون وطفلها سامر البالغ أنذاك حوالي سنة والتي قدمت من البحرين قبل فترة قصيرة ، برفقة والدها ووالدتها .
كنت ومعي بعض الرفاق نسكن في نزل أوفندق صغير في البلدة ، في حين سكن إسحاق الشيخ مع زوجته نعيمة في فيلا جميلة أستأجرها والدها ، وقد قضينا أوقاتا ممتعة في تلك البلدة الجميلة .
حميد المرهون والد نعيمة المرهون الذي ينتمي إلى الطبقة الوسطى يتسم بالإنفتاح الاجتماعي والسياسي ، ولذلك لم تكن لديه مشكلة في زواج أبنته من يساري سعودي يعيش في المنفى ، وله جذور مذهبية مغايرة ،والأمر ذاته ينطبق على والدة نعيمة .
الجدير بالذكر بأن خالة نعيمة أو قريبتها سعودية و تعيش في جزيرة تاروت بمنطقة القطيف ولهما صلة قرابة قوية مع الكاتب والناشط المعروف الدكتورتوفيق السيف .
كما التقيت هناك مع شقيق نعيمة ، محسن المرهون لأول مرة ، ويذكر بأن محسن المرهون كان نائبا في المجلس الوطني البحريني المنتخب في ديسمبر1973 وكان ضمن قائمة " كتلة الشعب " اليسارية المحسوبة على جبهة التحرير الوطني البحرينية و التي فازت بأكثر من ربع مقاعد المجلس الوطني ، وكان برنامجها الإنتخابي وطنيا تقدميا وشاملا في جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، و منحازا لمصالح أغلبية الشعب البحريني .
وفي أعقاب مواجهات واعتراضات برلمانية عدة مع قرارات وتشريعات حكومية ، إلى جانب مساءلات ومواجهات مع وزراء ، أصدر الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان في 26 أغسطس / آب 1975 مرسوما بحل المجلس الوطني المنتخب قبل أن يكمل العام الثاني من حياته .
كان محسن المرهون إبان قرار حل المجلس في الكويت في زيارة عمل باعتباره نائبا في البرلمان ، فأبدى بتصريحات تنتقد قرار الحل ، غير أنه أضطر لمغادرة الكويت ، وجاء إلى بيروت للإلتحاق بوالده ووالدته وشقيقته حيث سكن معهم ، وقد أمضينا أوقاتا ممتعة معه ، غير أنه رجع بعد فترة قصيرة إلى البحرين ، حيث أعتقل وصدر حكم قضائي بسجنه لمدة 5 سنوات كما سجن لمدد مختلفة عضوي كتلة الشعب وهما علي ربيعة ومحمد جابر الصباح وذلك تحت قانون أمن الدولة ، وفيما بعد ربطتني والعديد من السعوديين علاقات صداقة ومودة قوية مع محسن المرهون ( أبو زويا ) .
في عام 2002 أستأنفت الحياة النيابية بموجب دستور جديد صدر في عهد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة .للحديث صلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا