الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما شكّل بابا نويل وأقزامه نقابة

جمعية دراسات تاريخ الحركة العمالية

2021 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تدوينة باللغة الانكليزية نشرت بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير عام 2021 في موقع جمعية دراسات تاريخ الحركة العمالية



في زمن كان في كل وسط مدينة يحترم نفسه ومهما كان حجمه متجراً واحداً على الأقل، لم تكن أي رحلة تسوق في كانون الأول/ديسمبر لتكتمل من دون زيارة مغارة بابا نويل. تركت هذه التجربة ابتسامة على وجوه معظم الأطفال إضافة إلى لعبة رخيصة، في حين كان أصحاب المتاجر سعداء بنفس المقدار بالأرباح الإضافية التي حققوها. ولكن بالنسبة للممثلين بدوام جزئي وموظفي الحانات، الذين عادة ما كانوا يجسدون أدوار بابا نويل وأقزامه، كان صعباً العثور على السعادة الموسمية.

غضبت المجموعة من ساعات العمل الطويلة وانخفاض الأجور، بالإضافة إلى ما اعتبروه استغلالاً شديداً لأوهام الأطفال من أجل تحقيق الأرباح، فتولت مجموعة بقيادة الباحث الأميركي السابق في رود والناشط المجتمعي إدوارد دايفيد بيرمان زمام الأمور. بدأ الاحتجاج في بداية كانون الأول/ديسمبر 1969 عندما ارتدى المناضلون ثياب بابا نويل وبدأ مساعدوه في توزيع الألعاب خارج وايتيليز في بايزواتر.

كان وايتيليز أول متجر متعدد الأقسام في لندن، وادعى عند افتتاحه عام 1911 أنه أكبر متجر في العالم. جرى توظيف أكثر من 6000 موظف فيه خلال 1890ات، حتى قبل انتقاله إلى مبان ضخمة في بايزواتر، وعاش أغلبهم في مهاجع الشركة، وكان عليهم الالتزام بلائحة قواعد من 176 بنداً، فضلاً عن العمل من الساعة 7 صباحاً حتى 11 مساء، لمدة ستة أيام في الأسبوع.

ولكن حين كان احتجاج عام 1969 قليل التأثير، نقل بابا نويل ومساعدوه حملتهم إلى سيلفريدج في شارع أكسفورد، حيث ساروا ذهاباً إياباً خارج المتجر حاملين لافتات. قال المتحدث باسم التحرك، أغلب الظن أنه بيرمان نفسه(*)، لصحفي إن الاعتصام يرمي إلى تشجيع التنظيم النقابي بين العاملين في هذه القطاع، و”أي متجر يفرض رسوماً على الأولاد الراغبين برؤية بابا نويل”. (كينسنغتون بوست، 19 كانون الأول/ديسمبر 1969)

ولكن، لم يتقبل الجميع موقفهم غير الهجومي إلى حد ما بروح ميلادية حقيقية. غير مقتنعة بأن اعتصامهم كان التزاماً منهم بنضال نقابي، اعتقلت الشرطة 12 متعصما، 9 رجال و3 نساء، واتهمتهم بالعرقلة.

لا يوجد توثيق للتروما التي عانى منها الأطفال الصغار عندما رأوا ضابطين يقتادان بابا نويل إلى زنزانة الشرطة. ولكن بابا نويل لا يستسلم بسهولة. مع بداية العام 1970 شكلوا نقابة عمالية. فقدمت جماعة بابا نويل وسانتا كلاوس طلبها للتسجيل كنقابة في ديوان الجمعيات الصديقة (الذي كان يؤدي الدور الذي يلعبه الآن مكتب تسجيل النقابات) وبدأت مراسلات طويلة حول بنيتها وأهدافها. الأوراق موجودة اليوم في الأرشيف الوطني.

رفض طلب تأسيس النقابة عدة مرات (اعترض موظفو المكتب على كلمة “بلاه blah” الواردة ضمن أهداف النقابة واعتبروها “من دون معنى”)، وليس واضحاً من إذا تمت الموافقة على الطلب في نهاية المطاف أو لا. رغم ذلك، منع النظام الداخلي أي عضو من الادعاء بأنه الأب كريسماس الوحيد والحقيقي، وأنشأ أمانة عامة سماها “سوبر سانتا”.

للأسف، لم ينفع كل ذلك لإقناع النظام القانوني بأن نظامهم كان شرعياً، في نيسان/أبريل عام 1970 مثل ملاحقو سيلفريدج أمام قضاء شارع مارلبورو، وجاء بيرمان مرتدياً ثياب بابا نويل، فغرم الحكم كلاً منهم 10£ بالإضافة إلى 2£ تكاليف الدعوى. ومن على منصته، أعلن القاضي إدوارد روبي أن ما حصل” كان بالفعل مظاهرة في ثياب تنكرية لتسلية الأطفال والمارة”.

بكل أسف، لم نعد نسمع أي شيء عن جماعة بابا نويل وسانتا كلاوس. ولكن الفائدة من معدل الأجور هذه المجموعة من العمال شجعتهم على الاستمرار. بعد 20 عاماً، واصل باحثو مكتب خدمات العلاقات الاجتماعية بإجراء دراسات استقصائية مستمرة لأصحاب العمل- والتي أفادت بشكل منتظم كذلك جماعة بابا نويل الذين كانوا قادرين على الحصول على معدلات أجور أعلى من مساعديهم. ولكن حتى تلك الاستقصاءات انتهت حين توقفت المتاجر الكبرى عن توظيف مباشر للسانتا كلاوس، واستعانة معظمها بمصادر خارجية للتشغيل من وكالات التوظيف.

أما بالنسبة إلى إدوارد بيرمان نفسه، فقد انتقل إلى مسيرة مهنية طويلة ومنتجة في المسرح والنشاط الاجتماعي، ولعبت منظمته “انتر-اكشين Inter-Action” دوراً بارزاً في عدة مجالات بدءا من وسائل الإعلام المجتمعية وصولاً إلى إطلاق أول مزرعة في المدينة. رغم ذلك، واصل العمال المؤدون لدور بابا نويل وأقزامهم نضالهم على الرغم من تقاضيهم أجوراً منخفضة وساعات عمل طويلة (على الأقل لمدة شهر في السنة)؛ وبالفعل قد يكون وضعهم قد ساء، حيث الآن لا تقام الكهوف داخل المجمعات التجارية إنما في الحقول الموحلة، حيث يواجه الأقزام مهاماً شاقة تتمثل برعاية الأولاد الأشقياء في ظروف مناخية قاسية تتغلب على احتفاليات الأعياد.



(*) بحسب الخبر المنشور في كينسنغتون بوست كان إدوارد هو بالفعل الذي تحدث إلى الجريدة البريطانية، إضافة إلى هذه الهفوة، لم يُحسن الموقع صياغة هدف الاعتصام. تجدر الإشارة إلى أن المترجم لا يستسيغ ولا يؤمن بالنشاطات الاستبدالية، استعراض إدوارد مثلاً، إنما يعتنق المبدأ الماركسي القائل إن تحرر الطبقة العاملة هو فعل الطبقة نفسها. الفعلان يؤمن ويعتنق لا دلالة لهما سوى أنهما النهج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر