الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبوكاليبوس

مازن كم الماز

2021 / 12 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عندما أتحدث إلى الإسلاميين يسيطر علي شعور قوي بأني أعرفهم جيدا , رغم أني أمقت أفكارهم و أعتبرها مجرد أكاذيب . أكاذيب مفيدة عند الليبراليين العرب و المسلمين و عند بعضهم أكاذيب ضرورية , لكن لا شك عندي أني لو ولدت في الثمانينات لا الستينيات و لو أني ابتليت بنفس المرض الذي أصابني عند بلوغي عمر المراهقة : حمى التمرد و تغيير العالم , لا شك أني سأكون اليوم سلفيا بل و سلفيا جهاديا .. هل أنا محظوظ لأني ولدت قبل أن تصيب لوثة محمد الجميع بعد إعادة تعليب هلاوسه تحت أسماء جديدة كالهوية و التراث و مقاومة الغزو الثقافي , هل كنت و هل كنا نتصرف كما يتصرف إخوتنا و ورثتنا الإسلاميون اليوم .. هل كان ضميرنا طوال فترة النضال نسخة عن ضمير إخوتنا و ورثتنا الإسلاميين اليوم .. لكني لا أشعر بسعادة لأني يساريا اليوم , كلما تلفت حولي لا أجد إلا عواجيز لا يميزهم إلا العناد , انتهازيين فشلوا في الظفر بفرص أفضل و شباب من الطبقة الوسطى لم ترضهم صرامة الثوار الإسلاميين بل و أفزعتهم فاختاروا اليسار كثورة لايت و مودرن .. لكن الإسلاميون ليسوا وحدهم من يتمرد و يريد تغيير العالم اليوم , على الضفة الأخرى من العالم يعبر الشباب عن غضبهم و قرفهم من العالم و ساداته و من آبائهم و أفكارهم و حياتهم بالانضمام إلى النازيين الجدد و بدرجة أقل القوميين المتعصبين .. ليس ادوارد سعيد و سيد قطب و المودودي و ابن تيمية وحدهم من يثير حماسة شباب اليوم , إن أشحاصا ليسوا أقل خرفا و لا هوسا منهم بقومهم و بهلاوس أشخاص عاشوا قبل قرون . من أديان و أقوام أخرى بل و منافسة أو "عدوة" , هم أيضا يثيرون مخيلة خذا الجيل .. يخطأ إسلاميونا جدا , و معهم تلامذة سعيد و عفلق و حلاق , عندما يعتقدون أنهم وحيدون في كره العالم و الآخر و الحداثة و العلم الذي نقض أوهام أجدادهم وهما وهما ... إننا نعيش بدون اختيارنا مرة أخرى مرحلة صعود الفاشية , مع فارق مهم , أننا اليوم لسنا بحاجة أن نبقى مجرد أنصار لفاشية من الخارج , لقد أثبت مفكرونا أننا قادرون على أن نصنع فاشيتنا الخاصة , و لو أنها ليست حتى الآن إلا نسخة باهتة عن الأصل الألماني رغم كل إبداعات الجولاتي و البغدادي و الزرقاوي و القرضاوي و قاسيم سليماني و من ورائهم اداور سعيد و تلميذه الأكثر نجابة واثل حلاق ... إننا نزرع الكراهية في كل مكان , لننتظر الحصاد قريبا , إنه آت لا ريب .. لا قوانين في هذا الوجود , بمعنى أنه لا عدالة و لا حرية , هذه تبقى مجرد اختيارات أو ممكنات بعيدة جدا في أفضل الأحوال و بشكل أصدق هلاوس مفكرين أو شعارات سياسيين متعطشين للسلطة , لكن قانون الفعل و رد الفعل يحكم العالم , أراد ذلك محمد و ادوارد سعيد أو ماركس أم لا .. سبق هذا الصعود الصاروخي للدواعش من كل الأجناس و الأعراق و الأديان عملا تمهيديا دؤوبا من بث الكراهية و تصنيف البشر و تكفيرهم و شيطنتهم أو تطويبهم اعتمادا على صفاتهم و خصائصهم القطيعية و جرى سحق الفرد بدون كلل لصالح القطيع , لم تكن البشرية في حالة أكثر قطيعية مما هي عليه اليوم , على الأقل في التاريخ المعاصر .. بالنسبة للبنا و عفلق و ادوارد سعيد و ماركس لسنا بشرا , أفرادا , نحن قطعان , بالضرورة , و القطعان وجدت و اخترعت و يعاد اختراعها باستمرار للسمع و الطاعة و القتل لا "للحرية أو العدالة" .. كانت معجزة الغرب في القرن العشرين أنه قد أصبح بمقدورنا قتل حمسين مليون إنسان في حرب "غير تقليدية" و أن ندمر البشرية في حرب غير تقليدية , و معجزة إسلاميونا هو أنهم قادورن على فعل نفس الشيء بالمفخخات و الانتحاريين و الطائرات المختطفة و بالتأكيد , بالسيوف و البنادق إن لزم الأمر .. لكننا اليوم في القرن الواحد و العشرين و الكل مهووس بالسلطة و الثروة بأكثر من اي وقت مضى , إننا نتحدث عن ثروات غير مسبوقة و عن سلطات غير مسبوقة في تحكمها بحياة محكوميها .. هذا لا يسيل اللعاب فقط .. و لا يمكن إلا ملاحظة التهديد الأبوكاليبسي في الشعار الاشتراكي الحالي : إما الاشتراكية أو البربرية , أو نسخته الأكثر تعبيرا : الاشتراكية أو فناء البشرية .. و تكفي قراءة مقالات أو كتب لتلامذة ماركس و محمد و بول و ادوار سعيد لترى نفس البعد الأبوكاليبسي : إما أن ينتصروا أو ينصروا على خصومهم , إما أن تخرس كل الأصوات التي تنتقد قطعانهم و يجرم انتفادهم و انتقاد الهلاوس و الأوهام التي اختاروا فرضها على البشرية , أو الفناء ..... بالنسبة لي سيفنى العالم في لحظة موتي و لن يضير جثتي أو بقايا عظامي ما أنتم فاعلون من بعدي , لا خيرا و لا شرا , إما أن أكون حرا اليوم و هنا أو فلا , أما السجون التي تتنافسون لتسجونني و تسجوننا فيها فهي كلها سواء عندي .. إما أن أكون سيدا هنا و الآن أو ليحترق العالم , لتذهبوا أنتم و حريتكم و عدالتكم و خصومكم و كل شيء إلى الجحيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة