الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آراءٌ بَسيطةٌ غير مُلزمة لأحَد..(3)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2021 / 12 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يُقال عندما أراد العالم "كوبرنيكوس" نشر كتابه "دورة الأفلاك السماوية"، الذي يُعَد المفتاح الرئيسي لعلم الفلك بمعناه الحديث.
لم يجد في موطنه – حينذاك - أي ناشر يوافق على النشر والطباعة، وذلك بسبب أن المؤسسة الدينية ( الكنيسة الكاثوليكية) كانت قد عمّمت على كل المطابع، تعليماتها المشددة،
التي تقضي بعدم نشر أيّة كتب أو أراء، قد تفهم على أنها تُخالف صريح الدين الجمعي أو جوهر الفكر الديني ،
ممّا اضطر العالم "كوبر نيكوس" الذي واجه الإتهامات بالزندقة والتكفير والتشكيك بالنص الديني، إلى أنْ يلجأ حينها إلى ألمانيا،
ظناً منه - حينذاك- أنّ الكنيسة البروتستانتية - بما تُمثّله منْ ثورة إصلاح ديني - قد تتفهّم افكاره الجديدة المُناوئة للدّينْ، لكونها - أي البروتستانتية - جاءَتْ أصلاً كحركة احتجاجية على الأفكار الدينية السائدة .
لكن كوبرنيكوس وجدَ أنّ الأمر سيانْ ، ولم يجدْ كذلك أيّة مطبعة تقبل أنْ تطبعَ لهُ هذهِ الأفكار التي يروج لها أو يكتب عنها .
مما اضطره للعودة إلى موطنه الأصلي مُحبَطاً مَقهوراً، يَجرُّ أذيالَ الخيبة والمَرارة. ولسان حاله -كما أظن - يقول :
ملّةُ الجهل واحدة ، وإنْ تفاوتتْ في جنون أملها ،
وملّةُ العلم قائدة ، وإنْ تشظتْ في فنون عملها ،
ولعل صاحب نظرية "الأرض تدور حول الشمس وليس العكس"
الذي مات في عام 1543 وقد تأكد حقاً ،
منْ أنّ أتباع الوهم المقدس من أهل اليقين المطلق..
قد يتفاوتون في درجة العنف الذي يُصدّرون..
و لكنهم حتماً ..
لا يختلفون في نـوع الجهل الذي يَحملونْ..
قصارى القول :
من الواضح لكل صاحب بصيرة أن ملة الجهل هي واحدة مهما اختلف لون الدين أو المعتقد أو المذهب .
لكن أنا أود أن أضيف هنا، أنه لا يَجبُ علينا أنْ نَنْسى مُطلقاً،
بأنّ الاصلاح الأخلاقي يجب أنْ يكون غاية لأيّ دّينْ ..
بل - في تقديري - هو جوهر الغايات ..
و إذا ما تخلّى عنها هذا الدّينُ أو ذاك..
أصبحَ مَدْعاةً شائعة للتفرقة بينَ بَني الإنسَان،
ووسيلةً مثيرةً لدوامِ البغضاء، وبثّ الكراهية في نفوسهم،
وتبريراً جذاباً للعُنفِ المُقدّس، واسْتعذابِ القتلِ فيما بَينهم،
دونَ الشْعور بأيّ وخزٍ للوجدان أو تبكيتٍ للضّمير ..
فليسَ هناك من فكرة خطرة، تشدُّ منْ عضدِ الأحمَق، وتشفِ صدرَهُ
أكثرَ منْ يَقينه التامْ، في أنّ السّماء تقفُ إلى جانبهِ بالمُطلق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا