الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الفولكلور الكردي-قد يفلت المجرم ويبتلى البريء

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2021 / 12 / 25
الادب والفن


الحكاية السادسة
قد يفلت المجرم ويبتلى البريء

دعا أحد التجار ثلاثة من أصحابه (وكانوا تجاراً مثله) الى بيته كيما يتحاسبوا ويفضوا شراكتهم، لكن الخلاف دبَّ بينهم فأقدم التاجر في فورة غضبه على قتل رفاقه الثلاثة، وعندما أحس بورطته فكر طويلاً في طريقة للنجاة بنفسه فتوجه نحو السوق واتفق مع حمال عجوز على أن ينفحه مبلغاً كبيراً من المال مقابل خدمةٍ يؤديها له شريطة ألا يخبر أحداً بما يدور بينهما.
وافق الحمال واتفق مع التاجر على أن يأتي الى بيته قبيل منتصف الليل، وهكذا فعل الحمال وجاء في موعده وطرق الباب فما كان من التاجر إلا أن حمل أحد القتلى الى غرفة الضيوف ثم فتح الباب وأدخل الحمال الى الغرفة. قال الحمال:
- ها قد جئتُ يا سيدي في الموعد المحدد فما هي المهمة السرية التي تريدني أن توكلها لي؟
- هذا الرجل الممدد أمامك تاجر غريب دعوته الى الغداء في بيتي فغص بالطعام واختنق ومات وإني لأخشى أن أبلغ الشرطة فيتهمونني بقتله. أريدك أن تحمله على ظهرك حتى منتصف الجسر وترميه في النهر، ولكن حذارِ من أن يغافلك ويرجع! هذا أولاً، وأما ثانياً فأريدك أن تكتم السر ولا يعلم أحد بما دار بيننا الى أبد الآبدين!
- وهل أنا طفل صغير يا سيدي حتى أخبر الناس؟ هذا أولاً، أما ثانياً فكن واثقاً من أنني سألقيه في أعمق دوامة في النهر وليرجع بعدها إن استطاع!
ولم ينتهيا من حديثهما هذا حتى كان الليل قد انتصف وحل الصمت والظلام في المدينة فشدَّ الحمال الجثة الى ظهره ومضى نحو النهر وتوقف في منتصف الجسر فوق دوامة سريعة وألقى الجثة فيها فتلقفته الأمواج وغاص في الأعماق. استدار الحمال عائداً الى بيت التاجر لكنه فوجئ برجلٍ ثانٍ ممددٍ في الحجرة فصاح:
- يا ويلي، من هذا؟!
- ألم أقل لك حاذر لئلا يغافلك ويرجع؟
لم ينبس الحمال ببنت شفة وشد القتيل الثاني الى ظهره وفعل به مثلما فعل بالأول وظل يراقبه حتى اختفى عن ناظريه وعاد الى بيت التاجر. غير أن الدهشة عقدت لسانه حين رأى القتيل الثالث ممداً في نفس الغرفة وصاح:
- يا إلهي ما هذا؟ أقسم بأنني ألقيته كلا المرتين في أعماق النهر ولم أبرح المكان حتى غرق وشبع غرقاً.
تظاهر التاجر بالغضب وقال:
- يا أخي العزيز. إن لم تكن قادراً على هذا العمل فاتركه ودعني أبحث عن رجل غيرك. هذه المرة الثانية التي تأخذه فيها ويعود. خذه واحمله للمرة الأخيرة وإذا ما عاد مجدداً فاذهب الى بيتك لأفتش أنا عن طريقة أخرى.
رفع الحمال الجثة الثالثة وتوجه نحو النهر للمرة الثالثة وهو يحدث نفسه قائلاً:
- قسماً بالله العظيم لن أبرح الجسر هذه المرة حتى أغسل يدي من عودتك. قسماً لئن عدت لا قطعنك إرباً إرباً بخنجري هذا ولأذهب بذنبك الى الجحيم!
وعندما وصل منتصف الجسر حل الجثة عن ظهره وألقاها في دوامة النهر. ومع صوت ارتطامها بالماء برز رجل عارٍ من تحت الجسر وأخذ يركض خائفاً، لم يكن غير عابرٍ جاء للاستحمام استعداداً لصلاة الفجر لكن الحمال تخيل أنه القتيل وقد خرج من النهر قاصداً بيت التاجر فاستل خنجره وركض خلفه من زقاق لزقاق حتى حاصره وأمسك بخناقه وأرداه قتيلاً ثم حمله ورماه في النهر وعاد الى التاجر الذي لاقاه مرحّباً وقال:
- سلمت يداك، لم يرجع هذه المرة.
- بلى وروح أبيك. قد خرج فعلاً من الماء وتوجه عاريا نحو بيتك لكنني سبقته وطعنته بخنجري حتى أجهزت عليه ثم ألقيته في النهر من جديد.
لم يعلّق التاجر على كلامه بل شكره وأعطاه المبلغ الذي اتفقا عليه وهكذا تخلص من الجثث الثلاث وضاع الرابع بين الرجلين!
(من كتاب حكايات الموقد الخشبي-ترجمة ماجد الحيدر)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا