الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
وظيفة المكان برواية تحت عنوان قيامة آلهة لابتهال خلف الخياط.
حسن ابراهيمي
2021 / 12 / 30الادب والفن
في البداية أود أن أؤكد على مسألة ، مفادها أنه لا يمكن قراءة الفضاء في أي عمل روائي إلا بربطه بعلاقته بالمقومات الفنية ، وتقنيات الابداع ، التي تخص الجنس الأدبي المراد قراءته.
وبالتالي أعتقد أنه لدراسة الفضاء بالرواية الموسومة قيامة آلهة للروائية العراقية المقتدرة ابتهال خلف الخياط لابد من قراءته في اطار شبكة علائقية : أعني علاقته بالسرد ، الوصف ، الحوار ، وباقي مكونات هذا الجنس الأدبي .
من هذا المنطلق أود أن أشير الى ما لهذا الفضاء من انفتاح على هذه المقومات ،من أجل أن يكتمل العمل .
على أن الفضاء الروائي لا نقصد به المكان الطبيعي ، على اعتبار أن المقصود به المكان المتخيل ، المكان المصاغ فنيا ، 1 لهذا حتى وإن جاء الفضاء بأسماء الأماكن الطبيعية ، فإنها تخضع لتعديد بفعل عملية التخييل ، لهذا قد تحمل بعض التفاصيل المتعلقة بالمكان الطبيعي ، الموظف بالرواية ، لكنها أحيانا تحمل تفاصيل متخيلة لا تربطها أي صيلة بالواقع .
يضاف إلى هذا كون الفضاء وعاء لأحداث روائية ، يتم استرجاعها ، على أساس أن عملية التخييل تلعب دورا في إعادة تشكيلها ، وفقا لمقتضيات القوالب الفنية التي تضفي جمالا على الرواية .
بمعنى ما أن المكان خاضع للتعديل ، وفقا لتدخل عملية التخييل ، بما يفيد إضافة تفاصيل أخرى ، او حذفها خدمة للأحداث الروائية ، وبالتالي في إطار متطلبات سيرورة هذه الأحداث .
ضمن نفس الإطار قد يأتي المكان مفصلا بتفصيل الاحداث التاريخية المسترجعة ، وقد يأتي غير مفصل ، كل ذلك وفقا لعملية تسريع ، او بطء الزمان .
أيضا قد يرد المكان مفتوحا ، وقد يرد مغلقا ، ولهذا تفسيرات في بعض المراجع النقدية يمكن الرجوع لها .
أيضا قد يرد الفضاء مجردا ، وللتجريد طرق ، ومسالك تتبع أثناء عملية الابداع .
وبخصوص الفضاء بهذه الرواية ، فإن السارد ينطلق من المحلية ، بغداد ليتم تفصيله ، بل يشمل بعض الأطراف الاخرى ، بحيث تنفتح الرواية على مجموعة من الأماكن المراد توظيفها ، كي تدور بها الأحداث ، ويتعلق الأمر بالجسر ، الأزقة ، السوق ، المنازل ، وغيرها .
ولعل ما يميز هذه الأماكن هو الدقة في استيعاب الأحداث بشكل يجعل القارئ يتوهم أن جميعها واقعية ، ولعل في ذلك ما يفيد البراعة التي كتبت بها هذه الرواية .
لقد جاءت هذه الاماكن ، وما دار بها من أحداث لتنبهنا لخطورة الأوضاع التي تهدد الوطن ، ومن ثم جاءت كل الشخصيات متحملة مسؤوليتها في تصريف موقف الرفض للمؤامرة التي تهدد الوطن .
ويتضح هذا من خلال الانفجارات التي تحدث في بعض الأماكن ، وما تخلفه من حصد لأرواح مدنيين أطفالا ، نساء، وشيوخا .
إن الصراع يصل ذروته من خلال براعة الأحداث التي صورت لنا صراع الانسان ضد الموت ، هذا الاخير لا يكتفي بقتل الانسان مرة واحدة ، بقدر ما يلاحقه أينما حل ، وارتحل ليعيد قتله مرات متعددة ، ولعل في ذلك ما يفيد فظاعة ما يهدد الشعب العراقي ، بتصوير الموت متخذا تفاصيل محددة تهوي بقوة على المواطن العراقي ، لتجرده من الحياة .
إن الموت من خلال بشاعة هذه الاوضاع ، يتجول في كل مكان ليشحذ وظيفته ، ويتيقن من نجاحها .
من جهة اخرى تأتي بعض الشخصيات في ظل هذا الصراع ، تصارع الموت مرات متعددة ، بعودتها للحياة ، من أجل استكمال أدوارها ، كل ذلك على أساس خدعة الكتابة التي تلعب فيها عملية التخييل دورا مهما .ويتجلى ذلك في بعض الأحداث التي احيانا نعتقد أنها اكتملت ، لكنها سرعان ما تعود بتفاصيل إضافية ، بهدف الاستمرار في استرجاع وقائع إضافية تضفي نوعا من الجمال على العمل ككل .
إنه صراع بين الموت والحياة ، وتغليب إعادة صياغة الحياة من جديد ، على الرغم من بطش الموت ، وتدخله للقضاء على الشخصيات ، وأدوارها .
إن السارد من خلال كل هذا يدفعنا إلى تمثل الموت ، بتعفن الجثث ببعض الشوارع ، والازقة ، ومن هنا يتضح لنا دور المقاومة ، التي لم تستسلم للحرب ، ونتائجها ، وما خلفته الانفجارات من ضحايا ، وبالتالي بشكل ذكي تضمنت الرواية موقف المقاومة من الحرب ، حيث استشهاد بعض عناصرها للدفاع عن الوطن .
هكذا يتم تصريف الموقف من تنظيم داعش الارهابي ، إن الانفجارات التي وردت ضمن الرواية توحي بما للتنظيم الارهابي من تأثير على الشعب العراقي ، ومن هنا تأتي هذه الانفجارات لإدانة هذا التنظيم ، ومن اجل تنبيهنا لخطورة الاوضاع بالعراق ، وبالتالي للمطالبة بالتدخل لوضع حد لمعاناة الشعب العراقي .
غير انه لم يرد توضيح بخصوص مصدر هذه المعاناة ، ذلك ما يجعل القراءة مفتوحة على الحرب التي شنتها امريكا على العراق .
تأ سيسا على ذلك فالموت ايضا يتخذ تفسيره في كونه موت رمزي ، والسبب في ذلك ما تعاني منه الطبقات الشعبية من تفقير ، هذا الاخير يجعل بعض الاسر تقتات بما تحصل عليه من القمامة ، فاقدة لا بسط الحقوق .
إن توظيف مصطلح القمامة ضمن نص الرواية له دلالة اجتماعية ، الهدف منها ابراز خطورة الاوضاع الاجتماعية التي تعيشها الطبقات المفقرة بالعراق ، وما يتطلبه ذلك من زرع قيم الصمود ، والمقاومة ما دام الوطن مستهدفا .
يتبدى الهدف من توظيف الاماكن الواردة ضمن هذه الرواية، ان تشهد على معاناة الشعب العراقي ، وتؤرخ لأحداث بقوالب فنية يطغى عليها الايحاء , والرمز أحيانا .
ومن جانب أخر لابد من الاشارة الى كون السرد ، كما الوصف جاءا من اجل التعبير عما يعانيه الشعب العراقي داخل وطنه .
في نفس الاطار ايضا جاء الحوار لخدمة نفس الهدف ، لتتناوب كل المقومات الفنية الواردة ضمن هذا العمل للتوثيق لواقع الاغتيالات التي لم يسلم منها حتى العلماء ، وكذا تدمير البنيات التحتية التي تم بناؤها بفعل تضحيات ،و اموال الشعب العراقي .
وعليه فالخلاص يكمن في تأسيس نظام ديموقراطي يعيد الاعتبار للإنسان ، ويكرمه ، بتثقيفه وتوفير الامان له .
وفي الاخير لا يمكنني الا ان انوه بهذا العمل الذي يعبر بحق عن شهادة معبرة عن واقع تنتهك فيه كرامة الانسان ، وبالتالي اعتبره مطلبا لاعادة الاعتبار للانسان بالعراق ، كل ذلك في اطار وطن مستقل يحقق الكرامة للجميع .
1 كتاب تحت عنوان الرواية والمكان لياسين النصير ص 17
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م
.. الموسيقى التصويرية لتتر نهاية مسلسل #جودر بطولة النجم #ياسر_
.. علمونا يا أهل غزة... الشاعر التونسي -أنيس شوشان-