الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة وعي توفيق الحكيم وإنتصار العقل

خالد محمد الزنتاني
كاتب

(Khaled M. Zentani)

2021 / 12 / 31
الادب والفن


توفيق الحكيم مثقف بارز وقامة من قامات الفكر العربي الحديث عرف بفن الرواية التي خط فيها أسلوبه الخاص قلبته التجارب وتنقل بين كثير من الآراء والأفكار.

كتب روايته الشهيرة (عودة الروح) التي عمد فيها إلى دمج أحداث حياته الشخصية بالوقائع التي حدثت في مصر وإنتصر فيها للفكرة القومية وحصلت فيما بعد على إعجاب جمال عبدالناصر لأنها كانت مصدر إلهام له في إنقلاب 52 وتسببت في منحه وسام الجمهورية في منتصف العمر عاصر ثورة يوليو وأحبها بصدق وعفوية وإنحاز لها بكل احاسيسه.

بعد عبدالناصر جاء السادات وكان الحكيم وقتها يجهز نفسه للإنقلاب على قناعاته القديمة فقد تعرض فكره لتغييرات جوهرية هامة جعلته ناقما على الدكتاتورية وحكم الفرد فأحس بالذنب من خلال تماهييه في كيل المديح لثورة 23 يوليو وإنخداعه بالشعارات الرنانة وماتسببت به من هزائم على مختلف المستويات فقام بإصدار كتابه ذائع الصيت (عودة الوعي) الذي رد فيه على عودة الروح وأثار وقتها جدلا كبيرا وكان أحد أكبر أسباب شهرته وكان الكتاب يدل على ما حصل له من تغير في الفكر ليشرح أسباب تبديل رأيه في ثورة يوليو واصفا فيه الشعب المصري أنه كان يعيش فترة حكم عبدالناصر بلا وعي وأنه نادم على سيره وراء ثورة بدون وعي وشن من خلاله هجوم لاذع على الحقبة الناصرية واصفا عبدالناصر بمستبد تخلص من كل اخطائه وتنصل من المسؤولية ليبقى في الحكم مدة أطول وتعجب كيف ينساق المثقفين وأصحاب الرأي مثله وراء تأثير الدعاية السياسية ويستمروا على شعورهم الطيب نحو عبدالناصر رغم كل ما رأوه بعيونهم وسمعوه بأذانهم متسائلا : ماذا يكون هذا هل هو فقدان الوعي؟


على العموم مهما كان مبرر الحكيم في التراجع عن أفكاره التي كان يؤمن بها لكن يذكر له أنه قال في أحد اللقاءات عن عبدالناصر "لو كان على قيد الحياة لأمر بنشر كتابه لأن عبدالناصر وفق قوله شخصية عظيمة مفتوح القلب والعقل"! إلا أن شهر العسل مع السادات لم يعمر طويلا ووصلت العلاقة بينهم إلى حد القطيعة وإنضم بتأييده الإحتجاجات الطلابية إلى القائمة السوداء

ويبقى القول من خلال هذا العرض المبسط أن المراجعة الفكرية من وقت لآخر وتغيير الآراء الذي ينتج عنها ظاهرة صحية لا يجب أن يشعر معها أي إنسان بالحرج خصوصا إذا نتجت عن تطور فكري موضوعي وليس تحت ضغط الحاجة والمصلحة وحساب الربح والخسارة وهذا مايقوم به كل بشر ذو عقل سوي فالآراء تتغير والقناعات تتبدل وماتراه صالح بالأمس قد لا يكون مناسبا للمرحلة الراهنة لكن لابد أن يظل المقياس الوحيد الثابت في المعادلة هو العقل ولا شيء غير العقل

يقول أبي العلاء المعري :

أيها الغر إن خصصت بعقل **** إتبعه فكل عقل نبي،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب