الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة أغلبية وطنية في العراق ... الإمكانيات المتاحة و التحديات

آدم الحسن

2022 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هل هنالك إمكانية لتشكيل حكومة اغلبية وطنية في العراق ...؟
أم إن محاولة تشكيل حكومة اغلبية وطنية عراقية التي يدعو إليها حاليا السيد مقتدى الصدر ستواجه معوقات عديدة تعيد العملية السياسية الجارية في العراق الى مربع المحاصصة الطائفية و العرقية الأول ...؟
قبل الدخول في تفاصيل الأركان الضرورية الواجب توفرها لتشكيل حكومة أغلبية وطنية في العراق لابد من الإشارة الى القاعدة الأساسية التالية :
لا يمكن انجاز أي مشروع وطني في أي بلد دون وجود فكر وطني تعتمده احزاب أو حركات سياسية ذات تركيبة وطنية و أن يكون لهذه الأحزاب أو الحركات تأثير كبير في هذا البلد .
فهل يوجد في العراق أحزب أو حركات سياسية وطنية لها وجود حقيقي و تأثير كبير في الشارع العراقي ...؟
من المؤسف أن الجواب هو لا ...!
إذ يمكن القول , أن في هذه المرحلة التي يمر بها العراق , لا وجود لأحزاب أو حركات سياسية عراقية يمكن وصفها بالوطنية باستثناء الحزب الشيوعي العراقي الذي له وجود ضعيف و غير مؤثر في الشارع العراقي بالإضافة الى بضعة تجمعات صغيرة من التيارات المدنية التقدمية التي بمجموعها لم تستطع الحصول إلا على حوالي 4% من العدد الكلي لمقاعد مجلس التواب العراقي القادم .... و هذه النسبة المتدنية تشير بكل وضوح ليس فقط الى ضعف التيار الوطني العراقي بل الى تشتته ايضا ... !
لقد اصبح معروفا أن السيد مقتدى الصدر قد بدأ يطرح مشروعا لإنشاء حكومة أغلبية وطنية عراقية , و رغم انه لا يمكن الاعتماد على أحزاب أو حركات قومية أو طائفية كالتيار الصدري لتشكيل حكومة اغلبية وطنية إلا إن عدد ليس بالقليل من السياسيين العراقيين يرون أن من واجب جميع القوى الوطنية العراقية حركات او أفراد الوقوف مع هذا المشروع و دعمه لإعطاء فرصة جديدة كمحاولة لإخراج العملية السياسية الجارية في العراق من عنق الزجاجة التي صممها المحتل الأمريكي بطريقة لتكون هذه العملية ديمقراطية في الشكل و فسادا و ترهلا و ضعفا في الاداء في مضمونها و جوهرها .
لقد وضع المحتل الأمريكي اسس العملية السياسية في العراق ابتداء من قانون ادارة الدولة العراقية الذي كتبه و اقره هذا المحتل الى اسلوب كتابة الدستور العراقي الحالي الذي تم كتابته و التصويت عليه في ظروف غير طبيعية حرمت الشعب العراقي من الاختيار الحر و الصحيح للطريق المناسب لتطور العراق و تمدنه .
لا شك إن ما يهم واضعي الاستراتيجيات الأمريكية هو تثبيت الحالة التي تمكنهم من ديمومة التأثير على الدولة التي يحتلونها أو يبسطون هيمنتهم عليها .
و بهذا الخصوص لابد من الإشارة الى أن هنالك حالات عديدة تكون فيها الديمقراطية , إذا ما تم استيرادها كقالب جاهز من الخارج , هي المشكلة و ليست طريقا لحل المشاكل الاجتماعية و بناء مسار نحو التطور و النمو , و كنموذج لمثل هذه الديمقراطيات التي تعيق التطور و التقدم و التي تم بنائها على اسس غير صحيحة هي حالة العملية السياسية الجارية في العراق منذ الاحتلال الأمريكي لهذا البلد المتعب و الممزق و لحد الآن .
من التجارب القريبة التي أظهرت بوضوح كيف أن بعض اشكال الديمقراطيات تكون هي المشكلة و ليست الحل :
اولا : في مصر , حيث تطلبت العملية التصحيحية للمسار الديمقراطي انقلابا عسكريا قاده الرئيس السيسي لغرض اعادة الهيبة للدولة المصرية و تشريع القوانين التي تتناسب و المصلحة الوطنية العليا لمصر بعيدا عن الإملاءات الخارجية و خصوصا من الإدارة الأمريكية التي لا تفكر إلا في مصالحها المباشرة .
ثانيا : في تونس , فقد نهضَ التيار الإصلاحي بقيادة الرئيس التونسي قيس سعيّد مدعوما مِنْ جيش الدولة التونسية و قواها الأمنية حيث عطلَ الرئيس التونسي كل اركان العملية الديمقراطية التي ولدتها ثورة الربيع العربي , تلك الثورة التي كان للإعلام الغربي دورا مهما في صياغتها و تحديد مساراتها , و قامَ بتجميد عمل مجلس التواب التونسي و حل الحكومة التونسية و تشكيل حكومة انتقالية جديدة و رفعَ الحصانة عن جميع اعضاء مجلس النواب التونسي , كل ذلك تم بأوامر رئاسية بعيدا عن السياقات الدستورية .
لقد اتخذَ الرئيس التونسي خطوة مهمة على طريق الإصلاح الجذري للعملية السياسية في تونس و ذلك بالإيعاز بكتابة دستور جديد لتونس بعيدا عن الإملاءات الخارجية مهما كان مصدرها , إن كانت من بعض الدول الأوربية التي تريد استمرار وصايتها على الشأن التونسي أو من قبل الإدارة الأمريكية التي اصبحت خارج قوس العملية السياسية الجارية في تونس .
إن تم كتابة دستور تونسي جديد دون تدخل الأحزاب السياسية التونسية التي تريد ابقاء الوضع في تونس كما هو عليه قبل النهضة التصحيحية فسيكون للتونسيين دستورا وطنيا يمثل حكم الشعب التونسي لنفسه بنفسه .
لقد تلقت الحركتان الانقلابيتان في مصر و تونس الدعم الشعبي الكبير الذي يمكنها من مواصلة المسيرة التصحيحية التي ستبعد الإسلام السياسي عن العملية الديمقراطية في تونس و مصر , إن ابرز قوى هذا الإسلام السياسي هي حركة النهضة في تونس و حركة الإخوان المسلمين في مصر و هما حركتان مصدرهما من منبع اسلاموي واحد .
أما في الحالة العراقية فالأمر اكثر تعقيدا حتى صار لدى الكثير من العراقيين شعور باليأس من إحداث أي تصحيح للعملية السياسية في العراق اذ من المستبعد في المرحلة الحالية ظهور رئيس حكومة عراقية على شاكلة الرئيس التونسي قيس سعيّد أو الرئيس المصري السيسي .
إن جوهر المشكلة في الحراك السياسي الحالي في العراق أنه مبني على أسس طائفية و عرقية بسبب الانقسام المجتمعي الحاد الذي خلفته العهود التي سبقت احتلال العراق في 2003 .
صحيح أن الانقسام المجتمعي في العراق هو حالة موروثة من الأنظمة السابقة و خصوصا النظام الصدامي إلا أن المحتل الأمريكي قد عمق هذا الانقسام المجتمعي و شرعنه بفرض قالب أمريكي محدد للعملية السياسية في العراق بشكل تسبب في بقاء هذه العملية السياسية تراوح في محلها بين ما هو سيئ و ما هو أسوأ . لذا ... إن لم يتم التخلي عن الدستور العراقي الحالي و بناء عملية سياسية عراقية جديدة و إبعاد التدخل الخارجي و خصوصا التدخل الأمريكي و الإيراني و الخليجي عن الشأن العراقي فسوف لن يحصل شيء مفيد للشعب العراقي و مستقبله .
و قد تكون العودة الجماهرية الواسعة النطاق إلى ساحات التظاهر السلمي للمطالبة بالتغيير الجذري أمرا ضروريا و حتميا في حالة عدم نجاح مشروع السيد مقتدى الصدر في تشكيل حكومة اغلبية وطنية حقيقية .... !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة جديدة من برنامج السودان الآن


.. أطباق شعبية جزائرية ترتبط بقصص الثورة ومقاومة الاستعمار الفر




.. الخارجية الإيرانية: أي هجوم إسرائيلي جديد سيواجه برد إيراني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي حانين وطير حرفا جنوبي لبنان




.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟