الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرائق التضخم المالي لا تطفىء برفع نسبة الضرائب والفوائد على القروض

محمد رضا عباس

2022 / 1 / 2
الادارة و الاقتصاد


نعم , هناك علاقة سلبية او عكسية بين انخفاض نسبة الضرائب والفوائد على القروض وارتفاع نسبة التضخم المالي في الاقتصاد الوطني. على سبيل المثال , تخفيض نسبة الفوائد على القروض التجارية يؤدي الى وفرت السيولة النقدية بيد المواطنين , تؤدي الى زيادة الطلب العام على السلع والخدمات , ونتيجة التدافع على شراء السلع والخدمات يرتفع أسعارها , انه التضخم المالي.
ولكن , هذه العلاقة لها شرطها وشروطها ومن جملة هذه الشروط هو ان يكون الاقتصاد الوطني في حالة توازن , انه لا يشكوا من ارتفاع نسبة التضخم المالي ولا من ارتفاع نسبة العاطلين في البلاد. في مثل هذا الظرف يوصي الاقتصاديون برفع نسبة الضرائب او زيادة نسبة الفائدة على القروض او كلاهما في حالة ارتفاع معدل الأسعار (التضخم المالي) , من اجل إطفاء حرائقه على جيوب المواطنين.
وبذلك فان اجراء رفع نسبة الضرائب او الفوائد او كلاهما للسيطرة على التضخم المالي في العراق والبالغ لحد الان حوالي 8.4% لا ينتج الا العكس من الهدف المنشود , بكلام اخر انه دواء قاتل , مثل ان يصف طبيب دواء عكس ما يحتاج مريضه.
بكل اسف , هذا ما جاء في تصريحات لبعض " المختصين الاقتصاديين " في صحيفة عراقية محترمة , حيث جاء في توصيتهم للسيطرة على التضخم المالي بين بعض التوصيات ان تقوم السلطة النقدية والمالية برفع أسعار الفائدة والضرائب من اجل السيطرة على التضخم في البلاد. هؤلاء " المختصين" يريدون حرق العراق بتظاهرات شبابية أعنف من تظاهرات تشرين 2019 او تفريغ العراق من سكانه والهروب الى بلاد الله العريضة من اجل لقمة عيشهم. ان هؤلاء لا يحركهم الالاف الضحايا من العرب والمسلمين الذين اكلتهم كواسج البحار وهم في طريقهم الى أوروبا.
هؤلاء " المختصين " ينقصهم قراءة تجارب الأمم التي عانت من ارتفاع نسبة التضخم المالي وبنسب اعلى من العراق بعشرات المرات. ان وصفة "المختصين" برفع نسبة الفوائد والضرائب سوف يغضب تجار الجملة والمفرد , الصناعيون , أصحاب محلات الخدمات , جميع موظفي الدولة والفقراء من يحلم بشراء او بناء بيت. نسبة البطالة في العراق يقارب 16% , وبين الشباب أكثر من 25%, ونسبة الفقراء تحت خط الفقر حوالي ثلث الشعب العراقي , وعليه من يفكر من هؤلاء "المختصين" بالسيطرة على التضخم بطريقته الخاصة عليه ان يفكر قليلا بمصير هؤلاء , وان تطبيق ما يريده " المختصين" , لا سمح الله" لا ينتج منه الا مضاعفة نسبة العاطلين عن العمل في العراق, مع احتمالية غير مضمونة السيطرة على التضخم في البلاد. تصور , غدا قررت البنوك التجارية رفع سعر الفائدة على قروض البناء من 5% الى 15% , بالتأكيد ان هذا القرار سوف يقلص الطلب على القروض , توقف خطط البناء لألاف المواطنين , وتقتل الطلب على عمال البناء , وعلى ما يقارب 60 مهنة أخرى تعود مباشرة او غير مباشرة الى قطاع البناء.
التضخم في العراق (8.4%) مصدره هو ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والشحن , حيث بلغ التضخم القطاع الأول 15 % , فيما بلغ التضخم في القطاع الثاني 11% , اما المواد الغذائية فقد ارتفعت أسعارها بنسبة 4% فقط , وبذلك فان دعوة أحد " المختصين" من ان الاستيرادات أحد أسباب التضخم المالي في العراق غير وارد. بالحقيقة , ان الاستيرادات هي أحد الأدوات التي تسيطر على الأسعار في الاقتصاد الوطني. العراق يستورد معظم ما يحتاجه من فواكه وخضر من دولة إيران واليمن وتركيا وسوريا , ولولا هذا الاستيراد لأصبحت أسعار هذه المنتجات بعيدة عن منال المواطن العراقي, خاصة طبقة الفقراء. يكفي من القول ان سعر كيلو لحم عجل عراقي هو 11,000 و 12,000 دينار, فيما ان سعر كيلو لحم عجل مستورد بين 7,500 و 8,000 دينار . اذن , اين من يقول ان الاستيراد رفع من نسبة التضخم في البلاد؟
على كل حال , ان من يقول ان الاستيرادات كانت السبب في ارتفاع الأسعار في العراق عليه مراجعة حساباته , ولو كان هناك صادرات من السلع والخدمات عراقية تساوي استيرادات العراق من السلع والخدمات لما تأثرت الأسعار في السوق. الاستيرادات على العموم عامل يمنع من تصاعد الأسعار. تصور كم سيكون سعر الكيلو من الطحين بدون استيراد النقص منه من الأسواق العالمية؟ او كم سيكون سعر الرمان في السوق العراقية بدون الاستيراد منه من دولة اليمن. ثم ان الاستيراد تعوض عن نقص رأسمال البلد. صناعة طائرة لنقل الركاب يحتاج مليارات من الدولارات في الوقت يحتاج البلد الى عدد محدد منها.
معالجة التضخم في العراق يحتاج الى معرفة مصادره. أي لا حاجة لزيادة نسبة الفائدة او نسبة الضرائب لان هذا الحل يعقد الوضع الاقتصادي في العراق ويدعوا الى ثورة للفقراء. الحل هو في نظر الدولة الى قطاع السكن , الى قطاع الشحن , والى البنى التحتية في البلد. توزيع أراضي سكنية للمستحقين ودعم الاعمال التي تعود الى قطاع البناء كفيل بالسيطرة على الأسعار قطاع ضخم في العراق. القضاء على شحة الطاقة الكهربائية يعني بمقدار الصناعات العراقية الإنتاج بدون توقف. لان انقطاع يوم عمل بسبب شحة الطاقة الكهربائية انما يضيف كلفة الى الإنتاج ويرفع من الأسعار في السوق المحلية. مازال معظم نقل المواد يتم عن طريق الشاحنات في الوقت الذي ما زال النقل النهري والقطارات يراوح في مكانه. ان القضاء على التضخم المالي يحتاج الى تدخل الدولة الإيجابي في الاقتصاد الوطني , وهو مع الأسف ما لا يمكن تحقيقه في ظروف سياسية معقدة وانشغال الدولة بمحاربة بقايا تنظيم داعش , الجريمة المنظمة , وتفشي الفساد الإداري والمالي في دوائر الدولة. انه عمل ضخم ينتظر الحكومة القادمة ,ولو كنت أحد قادة الأحزاب الشيعية المؤثرة لأهديت الحكومة التي اقرتها المحاصصة للشيعة الى أحد الكتل السياسية التي تستطع النهوض بالاقتصادي في البلاد. البلد يحتاج الى علماء وخبراء ووطنيين. لا الى كوادر جاءت بهم المحاصصة لا يهشون ولا يكشون. هؤلاء لا ينفعون في أوقات المحن. الوقت في العراق يحتاج الى علم وشجاعة ووطنية. وبالمناسبة فان نسبة تضخم مالي قدره 8.4% ليس بالرقم الكبير , ولكن امل من المخطط العراقي ان لا يسمح لها بالانتفاخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف