الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالحبّ لا بالدكتاتورية!!

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2022 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


للحبّ وجهًا واحدًا هو الحبّ، أما الدكتاتورية فوجوهها عدَّة، منها الديني والسياسي والطائفي والعنصري والفاشي...
شاهدت مؤخرًا فيلمًا وثائقيًا له طابع رومانسي وشاعري، تحدثت فيه شخصيات من أنحاء العالم، ابتداءً من بابا الفاتيكان فرانسيس والمخرج الأمريكي سكور سيزي وامرأة جدة من الارجنتين فقدت ابنتها في عنفوان الانقلاب العسكري الذي اختفى فيه الألاف كما هو حال الانقلاب الدموي في تشيلي الذي راح ضحيته مئات الآلاف بينهم الرئيس الشرعي المنتخب سلفادور الليندي والشاعر بابلو نيرودا الذي رحل كدرًا واكتئابًا وفي رواية اغتيالاً...
وهناك شخصيات أخرى من أرجاء العالم منهم إيطالي هوايته البحر، أنقذ عشرات الأطفال اللاجئين من الموت غرقًا وتبناهم...ومن خلف هذا العالم ومن بوابة الحبّ يأتي المخرج الأمريكي سكورسيزي مع زوجته المريضة لزيارة الأب فرانسيس، وللذين لا يعرفون انتماء المخرج الأمريكي، فهو يساري وغير متدين ولكن لم يمنعه ذلك من المجيء للبابا الذي أعترف له بأنهُ يحب أفلامه ويتابعها...
خلاصة فيلم (with POP Francis stores of a generation) الذي أتمنى أن يراه كلّ الذين يعرفون الحبّ ليزدادوا تجرعًا منه وأولئك الذين لا يعرفونه لكي يتجرعوه، فهو كما قال فرانسيس بابا الفاتيكان في الفيلم وهو يتحدث عن الحبّ أنَّهُ كالهواء الذي نتنفس، لأُذكِّر فقط رجال الدين عندنا بذلك! أنا لستُ متدينًا ولكن أُحب أولئك الذين يشبهون البابا فرانسيس، الذي لم يخجل وهو يعترف في الفيلم ذاته بأن الرقص حياة وأنّه يرقص التانغو، هؤلاء الرجال يصنعون التاريخ بالحبّ.
التركيز دائماً على الحبّ عندي له مغزى عميق، إذ يقود لمجتمعات سعيدة خاليّة من التطرُّف والأحقاد والكراهيّة، بالإضافة إلى أنَّه يبني مستقبلاً لأجيال خاليّة من العقد المرضيّة. الخلاصة أن محبة الناس لك غاية لا تُدرك إلا إذا أحبَّبت الناس وبادلتهم مشاعرهم وأصبحت منهم واختلطت بهم وعرفت مشاعرهم وحلَّلت مشاكلهم بما أمكنك، واستمعت لمعاناتهم وتفهَمت ظروفهم وساعدتهم على تجاوز عقباتهم، والوطن كذلك حاله حال الناس لن يصْفى لك ولن يستقِر معك ولن يسمو بك إلا إذا منحتهُ من وقتك وعرقك وجهدك ووفائك له، حينها يصبح بيتك وهنائك وجنتك، والسؤال بعد هذه الديباجة السريعة: هل كلّ إنسان أو مسئول أو حاكم أو مواطن بهذه الدرجة من العطاء والوفاء ليحقِّق هذه الشروط التي تجعلهُ محبوباً بين الناس وسعيداً في وطنه؟
هذا الثمن ليس من السهل دفعه دون أن تكون تضحيته بوقتك وصحتك ولهذا تجد نادراً ما تتوفَّر هذه الخصال ممن أولوياتهم مصالحهم الخاصة، ورغباتهم الأنانية والتذمُّر وولائهم قائم على ما ينالونه بالفساد، هذا حال واقعنا اليوم، فهناك من يعطي وهناك من يأخذ.
الوطن هذا البيت المشرق والمحفوظ بالعناية الأزلية، مرَّ بالكثير من المحن والتحديات التي كانت بمثابة امتحان، هذا الامتحان يأتي بنتائج غاية في الأهمية يمكنّنا من خلالها أن نبي عليها مستقبل.
مساحة التنفُّس أمام الإنسان وإدخال السعادة في نفسهِ، هي اليوم بحاجة للتأمُّل، فهي موجودة قريبًا منا ولكننا نبحث عنها في أعالي الجبال وعبر المحيطات والغابات وزيارة الأطباء وتناول الأدوية والسعي لامتلاك الأموال والصراع من أجل المناصب والمراكز وكلّ هذه الحروب الطويلة يمكن للإنسان أن يوفرها دون حروب دينية وسياسيّة وطائفيّة عقيمة.
السعادة تكمن بهذه الأمكنة دون أن يخسر الإنسان سمعته وطهارته وشرفه ومن غير أن يلطخ يده بأي من الممارسات غير السويّة، ففي عالم يختلط الكذب والنفاق والفساد سيحل فيه الشقاء للبشر.
السعادة والنجاح والصحة مثلث يتطلّع له الإنسان سواء كان ملكاً أو رئيساً أو مواطناً، سواء كان رجلاً أو امرأة، مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو ملحداً، السعادة والنجاح والصحة، لو تأمّلنا كلّ السياسات الحكومية بالعالم ومعها الكتابات والفلسفات والدعوات وكلّ الجهد الإنساني المبذول منذ الأزمنة السحيقة حتى اليوم دون الحبّ لن يصل لها الإنسان. والوطن كالبيت الصغير بلا حبّ لن يكون انتماء، ومثلما تطلب ولائي، شرفني أولاً بالحبّ، لن يكون ولاء ما لم يُمنح الحبّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم