الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبيع المطلوب ..!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2022 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لم يفوّت الإسرائيليون فرصة السجال حول الانتخابات النيابية الأخيرة و الممارسات الأميركية الوحشية في العراق من دون أن يتدخلوا ويدلوا بدلوهم من واقع الدعم المطلق الذي يتلقونه من الأميركيين بالرغم من مواصلتهم ،في عهد الديمقراطيين، ارتكاب مجازرهم بحق الفلسطينيين، مطلقين العنان لشماتتهم بالايرانيين الذين تصورهم أمريكا واسرائيل، خاسرين في تلك الانتخابات.

ومع أن القاصي والداني يعرف ، وحتى المحكمة الاتحادية العليا اعترفت وهي تصوغ بياناً مرتبكاً بأن المفوضية خرقت قانون الانتخابات الذي دعت الى تغييره ورفض العد والفرز اليدويين، أن تلك الانتخابات شهدت تلاعبًا وتمت هندستها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن هناك إصرارًا من الاسرائيليين وعموم الأمريكيين والغربيين وباقي مفردات المحور المعادي لمحور المقاومة ، لإظهار أن نتائج الانتخابات تصب في النهاية لصالح أمريكا ، وبشكل خاص، لصالح حلفائها في المنطقة.

في هذا المجال، تبرز في افتتاحيات الصحف الصهيونية عناوين مثل "فوز لحلفاء أمريكا في العراق"و "هزيمة إيران المدوية في الانتخابات العراقية" و "الزعيم الشيعي العراقي ، الحليف المحتمل للولايات المتحدة ، يكتسب السلطة" ، وعناوين أخرى تبرز بشكل لافت في معظم الصحف الاسرائيلية ومنها بالطبع صحيفة "يديعوت أحرونوت"،وصحيفة هآرتس ، جيروزاليم وبوست، وكذلك على موقع قناة فوكس نيوز اليمينية المتطرفة المعادية لكل شيء اسم عرب ومسلمون وخصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

كذلك تضج مواقع الانترنت للصحف الغربية وكتاب ومعلقين اسرائيليين بعناوين مختصرة عن شعو كبير بالغبطة والارتياح ، تكشف ما لا تكشفه المقالات المذيلة في هذه الصحف: مزايا نتائج الانتخابات تلك بالنسبة لهم .
ففي أعقاب احتدام المعارك السياسية في العراق امتلأت المواقع بالرسائل التي تعرب عن الشماتة بنحور المقاومة وتحديد الايرانيين ، وكأن الانتخابات المبكرة جرت في ايران أو اليمن أو سوريا أو لبنان، للتغطية طبعا، على الانتصارات الحاسمة التي حققها ويحققها المحور في تلك الأماكن بدعم سياسي ومعنوي لافتين من ايران .
النبرة السائدة في تلكم الرسائل ، تختصر في عبارة " أن حلفاء أمريكا في العراق يتصدرو* المشهد السياسي وسيقومون بما لم يقدر عليه مصطفى الكاظمي في شأن تنفيذ تلكم الأجندة الجريئة !".

من حيث الطبيعة الاسرائيلية وكيفية قيام الدولة اللقيطة فإن الجريمة والاغتيال والمجاهرة بارتكاب المجازر أمر متأصل في العقيدة الصهيونية لجهة تعاملها مع خصومها في المنطقة ، فلم يكن مفاجئاً الاعتراف بالمشاركة في اغتيال القائدين الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. كما أن اغتيال العلماء النوويين سواء في ايران والعراق ودول أخرى كمصر وسوريا مثلاً ، يؤكد أن هذا الكيان لا ينفك عن المضي في سياساته تجاه العراق وعموم المنطقة، خصوصًا هذه الأيام حيث التطبيع ماضٍ على قدم وساق.
فخلال خلال العقد الأخير، ذهب 5 من كبار العلماء النوويين في إيران، ضحية اغتيالات نفذها الكيان الصهيوني، آخرهم العالم الإيراني البارز، محسن فخري زادة. اللافت في اغتيال العالم فخري زادة هو كان في التوقيت، الذي يحاول فيه الأميركي والاسرائيلي في المنطقة ، مع حلفائهم من العرب ترجمة مسلسل التطبيع إلى خطوات تصعيدية ملموسة ووضع العراق على محك المواجهة ، وتحديدا مع إيران ، وهو توقيت يحاول فيه المحور الأمريكي الصهيو سعودي قلب الطاولة على ايران وحلفائها ،وتهيئة مقدمات التطبيع مع العراق بعد هندسة الانتخابات ، فيما تسعى السعودية للتغطية على مأزقها في اليمن .

إن الشماتة ليست شعورا لطيفا، لكنها مبررة في ضوء المأزق الكبير الذي يواجهه بايدن وهو يعترف بهزيمته العسكرية في أفغانستان ، ويحاول لملمة فشل بلاده في العراق بمسرحية تحويل مهام القوات الأمريكية القتالية الى تدريب ومشهورة، وهذه انتكاسة وفشل، فالطاغوت الأميركي وحلفاؤه لا يخشون من تسمية الفشل في العراق باسم هزيمة لايران.

ويكفي أن نشير الى ما يكتبه الصهاينة أنفسهم منذ الغزو الأمريكي للعراق لنؤكد أن الفشل والهزيمة في المعيار الأمريكي الصهيو سعودي يتعلق بمدى استجابة جزء من المحليين لسياساتهم القائمة على سياسة "فرق تسد" وخلق الضد النوعي.
في هذا السياق يقول الاسرائيليون وهم يركزون على مسألة التطبيع مع العراق باعتبارها الهدف الأكبر من كل ما شهده العراق من وقائع منذ ذلك الغزو العسكري المشؤوم : "نهاية الاميركيين مغادرة العراق، سواء كسبوا المعركة ام هزموا، ولكننا نحن سنواصل العيش في جيرة واحدة مع ضحايانا. الجيرة الخالدة تستوجب منا قواعد سلوك مغايرة عن تلك التي يمكن للمارة الاميركيين ان يتخذوها".

وبالنسبة لتعاطي الأميركيين مع نظرية (الضد النوعي) ترى الصحف الاسرائيلية أنهم ارتكبوا خطأ جسيما في نهجهم السابق. فبدل محاولة احتواء شيعة داخل الطائفة الشيعية دخلوا في صراع جهوي.وهذا هو سبب المواجهات الشديدة السابقة. والمطلوب كما يرى خبراء صهاينة هو أن يجري التعاطي أمريكياً على أساس العمل على إيجاد "الزعيم السائد"، فقد أثبت التأريخ أنه في اوضاع الفوضى يراكم الكفاحيون مزيدا من القوة خلف الزعيم السائد..

إن الصعوبات الآخذة في الازدياد على القوات الأمريكية في العراق بعد اغتيال سليماني المهندس ، تشهد على عدم نجاح تجربة إقرار ديموقراطية على المقاس الأمريكي الغارق في الاقصاء وتهميش الآخر في مجتمع تعددي يفتقد تماما الأسس المطلوبة أمريكياً لذلك . فالظروف التاريخية لنشوء الدولة العراقية الحديثة ، ووجود تعددية عرقية ودينية ومذهبية لا يمكن حكمها بالحديد والنار أو بديكتاتورية الأغلبية ، تؤكد أنه من الغباء التام الاعتقاد أنه في هذه الظروف، ومع غياب تام لتقاليد مجتمع مدني يحترم شرعية الدستور وهوية البلاد الاسلامية ، لا يمكن أن ينشأ في طرفة عين مجتمع ديموقراطي.
إذن، ستفشل بالتأكيد كل محاولات الاسرائيليين ومعهم الامريكيون وحلفاؤهم وتوابعهم الاقليميون، في الدفع بنتائج الانتخابات ، نحو مواجهة محلية في البرلمان القادم، كما ستفشل بالتأكيد كل محاولات استغلال هذه النتائج في الحملة المطلوبة لفرض التطبيع مع الكيان الصهيوني، تحت مسميات جديدة على غرار تغيير صفة الاحتلال الى ، تدريب واستشارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح