الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تعني، حركات حقوق الانسان بدون سياسة ؟! لا احتلال اقتصادي بدون احتلال ثقافي.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2022 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا تعني، حركات حقوق الانسان بدون سياسة ؟!
لا احتلال اقتصادي بدون احتلال ثقافي.


"ان العولمة لا تعني اصابة الدولة بالعقم،
ولكنها تعني تخلي الدولة عن القيام بوظائفها الاجتماعية
لكي تتولى وظائف قمعية بديلة،
وتتولى القضاء على الحريات الديمقراطية."
بوريس كاجارلتسكي
اقتصادي روسي منشق.



ليس الهدف من هذا المقال ادانة اياً من الشباب الصغار، او من الكبار من الشرفاء – وهذا امر شديد المحدودية -، العاملين فى مجال حقوق الانسان او الصحافة او الاعلام او مراكز الابحاث .. الخ، التى تتلقى تمويلاً اجنبيا، بل على العكس تماماً،ً الهدف هو ايضاح الصورة الحقيقية للتمويل الاجنبى القادم من نفس الجهات التى تتسبب سياساتها فى افقار وأشقاء الشعوب وبؤسها، تلك الشعوب التى يعتقد هؤلاء الشباب الصغار، او الكبار من الشرفاء، انهم يعملون من اجلها. ان رؤوس هذه المؤسسات هم فقط هم الذين يعلمون حقيقة الهدف من التمويل، ويتواطئون عليه، هذه الرؤوس هى رؤوس المؤسسات او المنظمات او الحكومات، جميعها متشاركة فى الجريمة الجماعية فى حق شعوبهم، وفي حق الانسانية عموماً.

اذا كنت خريج جامعة او تعليم متوسط، ولا تجد اي فرصة عمل بأجر، بسبب انتشار البطالة، هذا على المستوى المادي، اما على المستوى المعنوي الادبي، على مستوى قدرتك على التعبير عن اراؤك ومشاعرك واحباطاتك، فالمجال العام مغلق، الحريات العامة والخاصة مصادرة، وحرية الرأى والتعبير، وحرية التنظيم المستقل .. ثم جاءتك فرصة للعمل مقابل دخل معقول فى احدى هذه المراكز اومنظمات وجمعيات حقوق الانسان – كما الصحف ووسائل اعلام ومراكز الابحاث – التى تتلقى تمويلاً اجنبياً، المؤكد انك سوف تسعى جاهداً للاتحاق بها، دونما الاهتمام بالتعرف على جهات هذا التمويل التى تقف وراؤها، خاصة فى ظل عدم الشفافية التى تتسم بها الغالبية الكاسحة من هذه الجهات، بالرغم من مطالبتها الدائمة للحكومة بالشفافية والافصاح!، هى كذلك ببساطة لانها مصممة على هذا الاساس، اساس عدم الوضوح والشفافية، الذى بدوره يسمح بالحركة دون محاسبة، وذلكينطبق على الحكومات كما ينطبق على المؤسسات والجماعات والافراد. فبهذا يكفى ان تصنع جهات التمويل نموذجاً، حكومة او جماعة، ترعاه وتشجعه، حتى ينتشر هذا النموذج .. على قاعدة "التمويل مقابل الغموض" .. اما لماذا الغموض، فهذا ما سنحاول التعرف عليه ..


مستقبل كل الشعوب فى ظل السياسات الاقتصادية النيوليبرالية؟!
الهدف الاساسى لاغراق بلد فقير بالقروض، المعروف انها لن تستطيع تسديدها، ليس فوائد القروض، انما تكبيل ارادتها السياسية، وضمان تبعيتها الدائمة، اما القروض للدول الغنية، بالبترول مثلاً، هو النزح المباشر لثروات شعبها، من خلال مشتريات لا ضرورة لها، كالاسلحة مثلاً. حيث تلعب القروض دور "المرابى العابر للحدود" الذى يتغذى على القروض الازمة للحروب والكوارث الطبيعية والحرائق الكبرى والاوبئة .. ثم القروض الازمة لاعادة اعمار ومعالجة كل ذلك .. انه مرابى "تاجر البندقية" شكسبير، العابر للحدود. ان ارباح "المرابى العابر للحدود" الفاحشة، لاتسمح له فقط برشوة اعداد هائلة من المثقفين والاكاديمين والاعلامين والصحفيين، لتبرير الحاجة للقروض، بل ايضا، تمكنهم من رشوة السياسيين والعسكرين الذين يجندون ابناء دولهم المدينة ليخوضوا حروب الدول الدائنة. وزرع الفساد في الدول المدينة لتنزح الرأسمالية (عن طريق العملاء) ما أقرضته في صورة اموال مهربة وحسابات سرية في بنوكها ومعهما العقوبات الاقتصادية المجرمة للاستيلاء علي الاموال المودعة او لإجبار المقاومين علي الاستسلام و تجويعهم ان لزم الأمر.

وبخلاف السيطرة على الارادة السياسية للدول المقترضة، تحقق القروض، على الاقل، عائدات خمسة اضعاف عائدات التجارة الخارجية لاكبر بلد تجارى فى العالم، هذا جوهر طفيلية الاستعمار الجديد، الامبريالية. تصدير الاموال يحقق ارباح اضعاف تصدير البضائع، لذا يعمل الراْسمال المالى على تفعيل ازمات الدول الماْزومة اقتصادياً لدفعها لاستيراد الاموال "القروض" ومع تراكمها تحتاج الدولة للمزيد من القروض، وتصبح اكثر تبعية وطاعة لتنفيذ الشروط المجحفة للقروض، وتغرق فى شرك الدائرة الشريرة؛ فالقرض يسلخ جلد البقرة مرتين: اولاً، بفوائد القرض؛ وثانياً، ارباح القرض نفسه عندما يستخدم لشراء منتجات تابعة لجهة الاقراض ذاتها، لذا ترتفع قيمة صادرات جهة الاقراض الى البلد المقترض عقب كل قرض. فى حين تستطيع الدول الغنية من خلال فوائد قروضها الربوية واستنزاف ثروات الدول الفقيرة، ان ترشو طبقاتها السفلى لتبقى هادئة،

ان الاحتكارات تقضى على المنافسة والسوق الحرة، لتتبدى حقيقة الشعار الامريكى الاستعماري المضلل "الديمقراطية والسوق الحرة". للاسف، هناك بعض "المتعلمين" المغفلين الذين يوظفون انفسهم - مقابل اجور تافهة - للدفاع عن المستغلين المحليين واسيادهم العالميين، بترويج دعايتهم المضللة بانهم يعملون من اجل حرية الشعوب، وليس للسيطرة عليهم للمزيد من استغلالهم وقمعهم. فالنظام العالمي، واتباعه الاقليميين والمحليين، مبني على اساس فساد الشخصيات العامة، والا الاغتيال او الانقلابات والمنفى، او السجن فى كثير من الحالات.

والجانب الغير مرئى فى خطة القروض والمشروعات، هو تكوين مجموعات من العائلات الثرية ذات نفوذ اقتصادى او سياسى داخل الدولة المدينة تشكل امتداداً للنخبة الامريكية ليس بصفة التآمر، ولكن من خلال اعتناق نفس افكار ومبادئ واهداف النخبة الامريكية، وبحيث ترتبط سعادة ورفاهية الاثرياء الجدد بالتبعية طويلة المدى للولايات المتحدة، رغم ان عبء القروض سيحرم الفقراء من الخدمات الاجتماعية لعقود قادمة، ووفقاً لهذا النمط، قد وصلت مديونية العالم الثالث الى 2,5 تريليون دولار وان خدمة "فوائد" هذه الديون بلغت 375 مليار دولار سنوياً فى عام 2004، وهو رقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على الصحة والتعليم ويمثل 20 ضعفاً لما تقدمه سنوياً الدول المتقدمة من مساعدات خارجية.

لا يمكن سوى لمغفل او لمتواطئ او لعميل، ان يدعى ان مثل هكذا نظام يمكن له ان يمول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان، حقاً؟!
كذا الحال، بالنسبة للحكومات وللصحافة والاعلام ومراكز الابحاث، الممولة من نفس هذه الجهات، او من عملائهم المحليين او الاقليميين، المدافعون والمروجون الخبثاء لهذه السياسات، والمزيفون للحقائق الفاضحة.



الاكوادور نموذجاً !
يعترف القرصان الاقتصادي "بيركنز"، بانه وزملاؤه توصلوا الى دفع الاكوادور نحو الافلاس فخلال ثلاث عقود ارتفع حد الفقر من 50% الى 70% من السكان، وازدادت نسبة البطالة من 15% الى 70%، وارتفع الدين العام من 240 مليون دولار الى 16 مليار دولار، لتخصص الاكوادور اليوم قرابة 50% من ميزانيتها لسداد الديون! واصبح الحل الوحيد امامها هو بيع غاباتها الى شركات البترول الامريكية، ويكشف "بيركينز" ان هذا الهدف كان السبب الرئيسي فى التركيز على الاكوادور واغراقهابالديون نظراً لمخزون غابات الامازون من النفط يحتوى على احتياطى يعتقد انه منافس للشرق الاوسط، واليوم كل 100 دولار من خام النفط مستخرج من غابات الاكوادور تحصل الشركة الامريكية على 75 دولار منها مقابل 25 دولار للاكوادور يذهب 75% منها لسداد الديون الخارجية والمصروفات الحكومية وللدفاع، والـ25% فقط، المتبقية من الـ25 دولار حصة الاكوادور، تخصص للصحة والتعليم والبرامج الاخرى التى تستهدف دعم الفقراء!.

اندونيسيا جائزة اسيا الكبرى!
فى ابريل 1967 سعى ديكتاتور اندونيسيا سوهارتو بعد ان قام بالانقلاب، الى وضع خطة للأخذ بنظام "اقتصاد السوق"، لارضاء امريكا ولتكون ضامنة لاستمرار حكمه، ومن وضع هذه الخطة هى شركة فورد التى كان لها تاريخ طويل مع اندونيسيا، والتى غالباً تعمل من خلال منظمات تشكل واجهة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية السىي اي ايه، مثل مركز الدراسات الدولية، ومؤسسة ستانفورد للابحاث، والتى قامت بوضع هذه الخطة، بأرسال فريق الى جاكرتا عقب وقوع انقلاب سوهارتو مباشرة، على نظام القائد الوطنى سوكارنو الذى كان يسعى لاقائمة تنمية وطنية ووقف نهب الاحتكارات الاجنبي؛ ووضع هذا الفريق قانون جديد للاستثمارات الاجنبية، يمنح عملية النهب فترة اعفاء من الضرائب لا تقل عن خمس سنوات. وانتقلت الادارة الفعلية لاندونيسيا الى "المجموعة الدولية – الحكومية لاندونيسيا" التى يتألف اعضاؤها الاساسيون من الولايات المتحدة وكندا واوروبا، والعضوان الاكثر اهمية، وهما صندوق النقد، والبنك الدوليان.

تحت حكم سكارنو، لم تكن اندونسيا – رابع دولة عالمياً من حيث عدد السكان - مدينة الا بالقليل من الديون، وقام بالحد من نفوذ شركات النفط، وأبلغ الامريكيين علانية بأن "يذهبوا الى الجحيم" مع قروضهم. أما بعد انقلاب سوهارتو، فقد توالت الديون الضخمة، وجاء اغلبها من البنك الدولي. ومنذ عام 1967، غرقت اندونيسيا في دولارات البنك الدولى.

ان اندونيسيا التى لم تكن مدينة بشئ، اصبح على كاهلها من الديون 262 مليار دولار، وهو ما يعادل 170% من اجمالى انتاجها المحلي، انه دين غير قابل للسداد، انه فجوة بلا قاع، والذين سيستمرون فى تسديد هذه الديون ويدفعون حياتهم مقابل ذلك، هم الناس العاديون.

فكرة مضللة يتم تداولها، "ان هناك مشروعين مختلفين، يمكن الفصل بينهما بسهولة: واحداً يتمثل فى اجراء تجارب جريئة فى التحويل الاقتصادى؛ وآخر تمثل فى نظام شرير يحلل عملية التعذيب والترهيب الفظيعة." لانه ليس هناك سوى مشروع واحد فقط، الرعب فيه هو الوسيلة المركزية فى عملية التحول الى السوق الحرة. ان المفهوم المضلل عن نظام اجتماعى تتعايش فيه "الحرية الاقتصادية" مع الرعب السياسى بدون ان يحتكا ببعضهما البعض، يسمح لهؤلاء الخطباء الماليين، الخبراء الاقتصاديين، بدعم مفهومهم لـ"الحرية"، وهم يستعرضون فى الوقت نفسه عضلاتهم فى فن الخطابة دفاعاً عن حقوق الانسان.

ليس من الممكن تأسيس "اقتصاد خاص" حر، بدون "دعم"، بقتل الالاف، وانشاء معتقلات فى ارجاء الوطن، وسجن عشرات الالاف، فقمع الاكثرية، ومنح "الحرية الاقتصادية" لمجموعات محظوظة قليلة، يشكلان وجهان لعملة واحدة. هناك انسجام داخلى بين "السوق الحرة" و"الرعب اللامحدود".

فكما لا يوجد طريقة لطيفة ورقيقة لاحتلال الشعوب رغم اراداتها، ما من طريقة رقيقة سلمية لسلب ملايين المواطنين ما يحتجون اليه ليعيشوا بكرامة. لذا يأتي التطهير السياسى العنيف، الذى تليه عملية التنظيف التى تقوم بها فرق حقوق الانسان، والشركات متعددة الجنسيات، التى تمول السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، هى نفسها التى تمول حركة حقوق الانسان، ولكن بدون سياسة!. مثلاً، شركة فورد تمول السياسات النيوليبرالية، وفى نفس الوقت، تمول حركات حقوق الانسان، ولكن بدون سياسة، شركة فورد موتورز التى تعد ميزانيتها أكثر ضخامة من اقتصاد دولة جنوب افريقيا، وكذا، شركة جنرال موتورز أكثر ثراء من الدنمارك.

لا يمكن سوى لمغفل او لمتواطئ او لعميل، ان يدعى ان مثل هكذا نظام يمكن له ان يمول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان، حقاً؟!
كذا الحال، بالنسبة للحكومات وللصحافة والاعلام ومراكز الابحاث، الممولة من نفس هذه الجهات، او من عملائهم المحليين او الاقليميين، المدافعون والمروجون الخبثاء لهذه السياسات، والمزيفون للحقائق الفاضحة.


"تجار الرقيق" الجدد!
كما هناك "قراصنة اقتصاديين"، هناك ايضاً "قراصنة ثقافيون"!
قراصنة الاقتصاد هم خبراء محترفون ذو اجور مرتفعة، مهمتهم ا يسلبوا ملايين الدولارات بالغش والخداع باقناع دول فى جميع انحاء العالم، بحاجتها لقروض مبالغ فيها جداً، بواسطة تقارير مزورة، لاجل مشاريع ضخمة تنفذها شركاتهم، فيحولون المال "القروض" من البنك الدولى، وهيئة المعونة الامريكية، وغيرها من المؤسسات المالية الدولية – الذى هى اساساً اموال دافع الضرائب الامريكى – ليصبوه فى خزائن الشركات الكبرى، وجيوب حفنة من العائلات الثرية، وسائلهم لتحقيق ذلك، تشمل اصطناع التقارير المزورة، وتزوير الانتخابات، والرشوة، والابتزاز، والجنس، والقتل، يلعبون لعبة قديمة قدم عهد الامبراطوريات لكنها تأخذ أبعاداً جديدة فى هذا الزمن .. زمن العولمة. امبراطورية عالمية يحكمها منظومة الشركات الكبرى الامريكية، والتى تستمد قوتها من ثالوث: الشركات متعددة الجنسيات، البنوك والمؤسسات المالية الدولية، الحكومة.

يسعى الاستعمار الاقتصادي/الثقافي الى تشجيع زعماء العالم ليصبحوا جزءاً من شبكة واسعة تروج لمصالح الولايات المتحدة. وفى النهاية يقعوا هؤلاء الزعماء فى شراك شبكة من الديون تضمن خضوعهم لها، وهكذا يمكن الاعتماد عليهم لتحقيق اهدافها السياسية والاقتصادي والعسكرية. وفى المقابل يرسون مكانتهم السياسية، بأنشاء محطات توليد كهرباء، ومنشئات صناعية، ومطارات وطرق. وهكذا يصبح اصحاب الشركات الاستعمارية وفي مقدمتها الامريكية، فى ثراء فاحش.

والان نرى نتائج هذا لنظام تسرى وتنتشر. فالشركات تسخر العمال بأجور العبيد، ويجعلونهم يعملون فى ظروف غير انسانية في ورش العبيد فى اسيا، وتضخ شركات البترول السموم فى انهار الغابت الاستوائية،فتقتل الناس والحيوانات والزرع، وترتكب جرائمابادة جماعية فى اراضى الحضرات القديمة. واما الصناعات الدوائية فانها تمتنع عن تقديم الادوية لتنقذ حياة ملايين الافارقة المصابين بالايدز، وحتى فى الولايات المتحدة هناك اثنى عشر مليون عائلة لا تعرف كيف تدبر وجبتها التالية.

لقد تولدت من هذا النظام شركات احتكارية هائلة، فى المال، الطاقة، الاسلحة، الادوية، الاتصالات .. الخ، ان نسبة دخل خمس سكان العالم فى البلاد الاكثر غنى الى دخل خمس سكان العالم فى البلاد الاكثر فقراً كانت (ا: 30) فى عام 1960، واصبحت هذه النسبة (ا : 74) فى عام 1995. وفي حين تنفق الولايات المتحدةاكثر من 87 مليار دولار – من اموال دافعى الضرائب الامريكان – لتقود حرباً فى العراق، - عادت جلها الى شركات امريكية – بينا تقدر الامم المتحدة انه باقل من نصف هذا المبلغ يمكننا تأمين المياه النظيفة، والتغذية الكافية، والخدمات الصحية والتعليم الاساسي لكل انسان على وجه الارض.

لا تصبح السياسات الاقتصادية جيدة الا من خلال منظور الشركات الكبرى، والدول التى تخضح لهذه المفاهيم فهى مطالبة بخصخصة الصحة والتعليم وخدمات المياه والكهرباء اى ان تبيعها للشركات الكبرى والغاء الدعم وجميع القيود على الانتاج الوطني، بينما عليها القبول باستمرار امريكا وشركائها من الدول الصناعية الكبرى فى تقديم الدعم لقطاعات اعمالها وفرض القيود لحماية صناعاتها!.

ان هذه الامبراطورية الامريكية تعتمد على كون الدولار الذى تطبعه دون غطاء من الذهب، ويحق لها ان تطبع ما تشاء من الدولارات وبالتالى يمكنها تقديم القروض كما تشاء مع ادراكها الكامل ان معظم الدول النامية لن تتمكن من سداد هذه الديون التى تم اغراقها بها، وبالفعل النخبة الامبريالية لا تريد قيام هذه الدول بالسداد، لان ذلك هوالسبيل لتحقيق اهدافها الابعد السياسية والاقتصادية والعسكرية، بالاستيلاء على الاصول الانتاجية لهذه الدول، والاهم الاستيلاء على الارادة السياسية لهذه الدول.

لذا يقاس نجاح الخبير، القرصان الاقتصادى، هو حجم القرض بحيث يجبر المدين على التعثر بعد بضع سنوات وعندئذ تفرض شروط الدائن التى تتنوع ما بين تصويت ما فى الامم المتحدة اوالسيطرة على موارد معينة فى بلد المدين او قبول تواجد عسكرى به، وتبقى الدول النامية بعد هذا كله مدينة بالاموال وفوائدها.


24 الف انسان يموتون يومياً، بسبب الجوع!
لقد دعمت الولايات المتحدة الانظمة الفاشية في امريكا الوسطى والجنوبية أثناء وبعد الحرب الباردة دفاعاً عن مصالحها الاقتصادية والسياسية. ففي دولة قزمية مثل جواتيمالا خططت السي آي ايه لانقلاب يطيح بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً 1954، وساندت في المقابل حكومات يمينية فى مواجهة مجموعات غير من اثوار اليساريين على مدى اربعة عقود، وكانت النتيجة سقوط نحو 200 الف قتيل.

اما في تشيلي، فقد دعمت السي آي ايه انقلاباً جاء بالجنرال بينوتشيه 1973، وفي بيرو حاولت على مدى عقد اعادة الرئيس المخلوع فوخيموري، وفي 1989 زت بنما لتستعيد سيطرتها على القناة، وفى الثمانيات هربت السلاح لمعارضة اليسار فى نيكارجوا عبرايران وهو ما سبب فضيحة لادارة ريجان.

ليست الامور كما تبدو فى الظاهر، فشبكة ان بي سي تمتلكها شركة جنرال الكتريك، وشبكة ايه بي سي تمتلكها شركة ديزني، وشبكة سي بي اس تمتلكها شركة فياكوم، كما ان السي ان ان هى جزء من كتلة تايم وارنر. ومعظم الصحف والمجلات ودور النشر الامريكية تمتلكها وتستغلها شركات عالمية متحدة وعملاقة، ان وسائل الاعلام هى جزء من الطبقة الحاكمة، كما ان المسئولين والمديرين المسيطرون على كافة وسائل الاعلام ومنافذ الاتصال الجماهيرى يعرفون دورهم جيداً، وقد علمتهم التجارب ان احدى اهم متطلبات وظيفتهم هى اطالة عمر النظام الذى ورثوه، وتدعيمه وتوسعته، وهم اكفاء جداً فى تنفيذ هذه المهمة، واذا اعترضهم احد فلن يعدموا الوسائل التى لا ترحم. لذلك يقع العبئ عليك فى رؤية الحقيقة وراء السطح البراق، وفضحها.

لا يمكن سوى لمغفل او لمتواطئ او لعميل، ان يدعى ان مثل هكذا نظام يمكن له ان يمول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان، حقاً؟!
كذا الحال، بالنسبة للحكومات وللصحافة والاعلام ومراكز الابحاث، الممولة من نفس هذه الجهات، او من عملائهم المحليين او الاقليميين، المدافعون والمروجون الخبثاء لهذه السياسات، والمزيفون للحقائق الفاضحة.


هل استراتيجية التمويل الاجنبي، تخدم النظام ام تعيقه؟!
"فريق السيسي" (كما مبارك والسادات) ليس هو واضع السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، سبب كل بؤس الشعب المصري، كما كل شعوب الارض، انه مجرد منفذ مطيع من اجل الاستمرار فى الاستحواذ الانانى على كل السلطة، والجانب الاعظم من الثروة، ان التوقف عند نقد المنفذ فقط، (وهو واجب حتمى)، دونما فضخ القوى الدولية التى تفرض هذه السياسات المجرمة، بالحديد والنار، وفضح عملاؤهم المحليين من سلطات خانعة، ومجموعات راْسمالية المحاسيب، واَسر ثرية عميلة، ومراكز ومؤسسات وفرق صحفيين واعلاميين و"حقوق انسان" ممولة من نفس هذه الجهات الدولية ذاتها، هو اقل من نصف نقد، ان غض الطرف عن الفاعل الاصلى والاكتفاء فقط بنقد المنفذ، هو بخلاف كونه انتهازية حقيرة، فهو فى النتيجة النهائية، يعمل لافساح الطريق امام القوى الدولية "الفاعل الاصلى" لتنفيذ سياساتها المجرمة، ليس فقط فى حق الشعب المصري، بل فى حق كل شعوب الارض، لصالح اقلية دولية وعملائها الاقليميين والمحليين، ان نقد هذه القوى الدولية، وعملاؤهم، وضغوطهم الكاسحة، هو واجب كل نقد شريف نزيه، والا سيكون التغاضى عن نقد وفضح اس البلاء ومصدره الاصلى، اما بسبب الغفلة او العمالة.

ان جماعات حقوق الانسان، كما المراكز الاعلامية الممولة من تمويل اجنبي، مثلها مثل جماعات الاسلام السياسى، جماعة الاخوان المسلمين مثلاً، توظف من قبل النظام لاطالة عمره، فالنظام لا يستطيع ان يعيش بدون "عدو". ان السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التى تطبق فى مصر على قدم وساق، خاصة فى السنوات الاخيرة، لا تضغط على الفقراء فقط، بل وعلى الطبقات الوسطى ايضاً، فيتراكم الغضب، مهدداً الامن العام، لذا يجب تفريغها بتشغيلها فى معارك "وطنية" وهمية مفتعلة فى الداخل او الخارج، كى لا يحدث انفجار فى الداخل، وفى حين تفرض على الدولة المصرية سياسات التقليص الحاد للدور الاجتماعى للدولة، فيتلاشى التعليم الحكومى، كما الرعاية الصحية، ودعم المواد الغذائية، والطاقة، والسكن والمواصلات.. الخ. وهو ما يستدعي قمع الاكثرية، بانشاء سجون جديدة، وسجن عشرات اللاف، ومنح الحرية الاقتصادية لاقلية محظوظة، وهما وجهان لعملة واحدة، الرعب اللامحدود هو الوسيلة المركزية فى عملية التحول للسوق الحر، هذا يكشف حقيقة الشعار الامريكى المضلل الذى تغزو تحته الدول "الديمقراطية والسوق الحرة". ولمن يتسائل، لماذا تنفق التريلونات على مشروعات لخدمة الاثرياء، ويلغى الدعم عن الشعب؟!، ببساطة لان المشروعات تاْتى بارباح لحكوميين وقطاع خاص، ووفقاً "راْسمالية الكوارث"، يجب البدء فى جنى الارباح، قبل ان يجف الدم ع الاسفلت. من الوهم الاعتقاد بان المحتكرين، حكومى وخاص، سيهتمون بحالة الجماهير بدلاً من العمل على زيادة ارباحهم.


هل لمصر ان تفلت من هذا المصير الاسود؟!
عند استهداف دولة معينة لمزايا خاصة بها (مع مصر مثلاً، مكانتها الفريدة، باعتبارها الدولة الوحيدة فى الشرق الاوسط التى بها "برزخ" يربط بين البحرين المتوسط والاحمر، شريان التجارة الدولية، وهى ايضاً، الدولة الوحيدة التى تربط اراضيها بين قارتى افريقيا واسيا، اى انها الدولة الوحيدة التى تقع فى نطاق المشروعان الاستراتيجيان للولايات المتحدة الامريكية الاول، "الشرق الاوسط الكبير، الجديد"، والثانى، "القرن الافريقى الكبير، افريكانو") .. هذه الدولة المستهدفة يتم اغراقها بالديون من خلال جعل حصولها على القروض امراً سهلاً، تلك القروض التى ستعود مرة اخرى لجهات المقرض على هيئة مشتريات، بخلاف فوائدها، ولان طابع الدولار الامريكى لم يعد ملزماً منذ 1971، بان يقابل ما يطبعه من دولارات، معادل من الذهب، فهو يستطيع ان يطبع دولارات كما يشاء، ويقرض قروض كما يشاء، وهو يعلم ان الدولة المقترضة "المستهدفة" ستعجز عن تسديد هذا الكم من القروض، وهذا ما يحقق الهدف الاستراتيجى للمقرض، الذى هو بالاساس ليس استراد قيمة القرض وارباحه، انما الهدف الحقيقى "لماذا الاكتفاء بحلب البقرة، لما ممكن الاستيلاء على البقرة ذاتها"، هدفه هو الاستيلاء على كل مقدرات هذا البلد، الطبيعية والبشرية "كاخامات، وكعمالة رخيصة وسوق استهلاكية"، وكذا الاستيلاء على كل مؤسسات الانتاج والخدمات، وحتى التراث الحضارى المادى واللامادى للبلد، يتحقق له ذلك مع تراكم الديون وعجز الدولة عن السداد، فلا تجد امامها سوى بيع اصول الدولة بخصخصتها لشركاتها الصناعية والزراعية، وخدماتها من انتاج وتوزيع المواد البترولية والطاقة والكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، النقل العام، الاتصالات والبريد .. الخ، والغاء الدعم عليها جميعاً، ليتم بيعها للدائنين الدوليين "الشركات العابرة للجنسيات"، بعد تخليص الاصول المعروضة للبيع من الاسعار المدعومة، والعمالة الغير مرغوب فيها من قبل المستثمر المشترى.

لا يمكن سوى لمغفل او لمتواطئ او لعميل، ان يدعى ان مثل هكذا نظام يمكن له ان يمول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان، حقاً؟!
كذا الحال، بالنسبة للحكومات وللصحافة والاعلام ومراكز الابحاث، الممولة من نفس هذه الجهات، او من عملائهم المحليين او الاقليميين، المدافعون والمروجون الخبثاء لهذه السياسات، والمزيفون للحقائق الفاضحة.

هام جداً
الاصدقاء الاعزاء
نود ان نبلغ جميع الاصدقاء، ان التفاعل على الفيسبوك، انتقل من صفحة سعيد علام،واصبح حصراً عبر جروب "حوار بدون رقابة"، الرجاء الانتقال الى الجروب، تفاعلكم يهمنا جداً، برجاء التكرم بالتفاعل عبر جروب "حوار بدون رقابه"، حيث ان الحوار على صفحة سعيد علام قد توقف وانتقل الى الجروب، تحياتى.
لينك جروب "حوار بدون رقابه"
https://www.facebook.com/groups/1253804171445824


المصادر:
1-الاغتيال الاقتصادى للامم، اعترافات قرصان اقتصادى، جون بيركنز، اغسطس 2004.
2-حكام العالم الجدد ، جون بيلجر، 2002.
3-خطايا النظام يتحملها الشعب؟!
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=741762&fbclid=IwAR0x8zJDTL3VIjaWJIJDIShFZ3qa1imiXrklABju98SMvc4TLQaDqkmf8HI
4-عفواً المحمودان، وهبه وبكير، صندوق النقد ليس بنك تسليف! صندوق النقد والبنك الدوليان: لو لم يكن هناك عجز عن السداد، لخترعناه، الاستيلاء على الاصول هدفنا.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675264&fbclid=IwAR1MY-n4itpeLDqbI9PzO4Jv-3kzH03nPtIeEP3jiJ3nupKSZXMgENzRWv8
5-بودو- يفضح صندوق النقد الدولى !
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=584596&fbclid=IwAR164PRVMEfG3M_4Fg_bVBawVXrerL2a39v4eU04m9EB3w-PzTNxdyt3bek
6-اليسار يهزم صندوق النقد فى الارجنتين .. عقبالنا!
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=654492&fbclid=IwAR0ylP4a8tsanvMaTm3yMHpamiP31eIRCku0gFiciKI9hJDtuS42V3qCV_E
7-خطة التحويل القسرى: من -دولة مصر- الى -شركة مصر- !
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=593965&fbclid=IwAR2wF-KP3riLYryNvEJeI-3dk3jcC9Sj2PtQvMW1VRY_kbIiCQW9Hk8HIkI
8-المطلوب فى مصر: -كارثة- !
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=595353&r=0&fbclid=IwAR0UNgXEUrggZjegYhhcUtvNCLKTKsNvZuOc1bISGUZjQMysCSelEPY2M_g
9-صندوق النقد ليس قدراً، الا من حاكم وطنى
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=602260&fbclid=IwAR3OALDqGE-7sRm4jJIj2qUUMR4JdexMSV8J1NnxWtuiwBLCJXaYqLfcRu0
10-العين -المغمضة- لمراكز الابحاث الغربية ؟! مركز كارنيجى للسلام، نموذجاً.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=601412&fbclid=IwAR0IS5qb9bI_a0_XY5xNaet_kAzG6cwLBx53lBB80ehG8B8NpRxhVz79tRE
11-اعلام -الصدمة-، وتجربتى مع معهد واشنطن!
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=584269&fbclid=IwAR2jVRqc5BMsVvMeLiOkCfcZpYH-lWcAKI-UsiF0FyZuxQl-2fzr6_w16Rk








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك