الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صباح الخير على أمة السلام... صباح المحبة للناس أجمعين

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 1 / 8
الارهاب, الحرب والسلام


السلام في عالم الصراعات والتزاحم على كل شيء يبدو أصعب من فرص السلام في مجتمع يعي أن وجود الإحساس المشترك في قلوب وعقول أفراده قد لا يكلف الكثير من ثمن ونتائج ما نتنازع عليه، الوجود الكبير والعظيم الذي نحن فيه بشيء من التنظيم الضروري يخفف من وطأة الهم الفردي الذي سينسحب على واقع الحياة برمتها، نحن لا نخترع القوانين الكلية فهي نتاج أصلي بحاجة للفهم فقط.
ما نحتاجه فعلا أن نحاول أن نبعد عن عقولنا فكرة الضيق والتضايق.. أن لا نفترض أن الفرص محدودة.
نحتاج أولا قبل أن نشرع في البحث فرصة ما لنثبت قوتنا أن الإنسان بمفردة مجرد قوة جزئية تنتهك وتنهك بكثرة البحث اللا مجدي عن التفوق الفردي، لسبب بسيط أن الفرصة بمعناها الجوهري هي نتاج حركة الاخر في منظومة التعايش والتفاعل والتشارك.
مجتمع وحياة ووجود قائم على تعدد الروابط والعلاقات البينية بشكا أفقي وعمودي هو من يصنع الفرص، أما المجتمع الأناني القائم على قاعدة أنا وبعدي الطوفان سيغرق حتما في متاهات الأنا الوحيدة المستوحدة حتى لو منحت البعض مساحة أكبر، الطوفان عندما يغرقنا لا يفرق بين المساحات بقدر ما يهمه أن يتمدد بحرية.
إذا لا بد للسلام من فرصة كي نتحرك جميعا بلا خوف ولا خشية من أن لا نجد مكانا بين الجموع في حركة مضطربة... السلام يعطي فرصة للجميع أن يمروا في طريق مشترك وهم على ثقة أنهم سيحصلون على قدر متساوي من المكان والزمان المناسب للجميع.
أخلاقيات السلام ليست ضرورة مثالية ولا هي من بطر التفكير اللا واقعي بقدر ما هي حتمية ستنتهي بها كل جهود العقل الإنساني في صناعة مجتمع متماثل متشارك يبني ويهدم ما هو ضروري وما هو لازم وفق قوانين البقاء لأسباب البقاء فقط.
شعورنا بالسلام هو الوجه الحقيقي لقيم وإمدادات الوجود، فكثيرا ما تقتانا وهدمنا وبنينا ما لا يوجب الهدم ولا يستوجب البناء ولكن النتيجة أننا خسرنا الكثير بل أكثر من الكثير بكثير وعدما نبحث عن فرصة سلام لنلتقط الأنفاس ، لكن أيضا لم نرى ما خلفنا من أثار إلا قليلا ، هذا القليل من يرسخ فينا الحاجة أكثر للسلام، ولو أمتد بصرنا لأبعد لعرفنا حقا أننا كنا مجانين حقيقين لأننا فرطنا كثيرا بما هو أوجب.
لكن السؤال المركزي هنا كيف نصنع السلام؟ ما هي مقومات الواقع ليقبل بالسلام حالة بديهية طبيعية في عالم نظن أنه يتسع فقط لأصحاب الإرادات فقط؟.
صناعة السلام بالعمل وأن نخرج لساحات الفعل الحقيقي ومحاولة ترجمة كل ما كنا نعتقده ونسعى له هو أمتحان لجدوى الفكر وجلاء لظاهر الشخصية المنادية به، لا يمكننا ان نكتب ونكتب ونطلب من الناس ان تعمل ويؤمنوا بما نكتب ونقول ونحن جالسون خلف مكاتبنا، الفكر الحقيقي هو القابل دوما للأمتحان على أرض الواقع كبرهان وممارسة وإيمان به، هناك يمكنك أن تثبت صوابيته أو أنه بحاجة لتطوير أو تعديل أو إكمال.
صناعة السلام تبدا من حبنا للوجود كله بلا عناوين ننتمي لها على أننا جزء لا كل متشاكل متماثل، الحب في أن نعمل ونبدع ونتطور حتى نوسع مساحة الحركة بيننا ولنا وفيما بيننا ليمر أخرون وأخرون، الحب في أن نرى جمال حركة الوجود الطبيعية تسري بقوانينها الكلية فتمنح الحياة طعم ولون ورائحة.
السلام مقرون بالمحبة هو السلام القوي الذي يدفعنا لنقاوم الضعف الطبيعي فينا، فبصبح الإنسان أقدر وأكفا في أن يصارع الفناء وأن يؤسس لمعاني أننا جميعا في مركب واحد ما دام لا يوجد مركب أخر ولا فرصة لأنتظار غيره، السلام بمعنى المحبة هي هوية الوجود منذ أن بدأ ولم يثبت التأريخ ولا التجربة الإنسانية فيه حلا أكثر قدرة على أن يكون البديل المأمول فيه لخيار أخر.
عش السلام عش المحبة تشعر أن الكون يتمدد بلا أفق معلوم، وهذا هو أنتصار الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان