الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مِحرابٌ ومَذبح … في الجمهورية الجديدة

فاطمة ناعوت

2022 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مساء اليوم 6 يناير، بإذن الله، سوف نذهب إلى كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الجديدة لكي نحتفلَ مع أشقائنا بعشيةِ عيد الميلاد المجيد. وسوف يذهبُ الرئيسُ الوطني "عبد الفتاح السيسي" ليحتفل بالعيد مع قداسة البابا تواضروس الثاني، كما هي العادة كلّ عامٍ، منذ تولى الرئيسُ حُكمَ مصر في "الجمهورية الجديدة"، حفظها الله متحضرةً شاهقةً تُعلّمُ الدنيا أصولَ الحضارة والمدنية، مثلما علّمَ أجدادُنا العالمَ بأسره أصولَ الحضارة والمدنية في فجر التاريخ. ربنا ما يقطع لنا عادة، آمين. لا أنسى هذه اللحظة التي أحكيها دائمًا لأطفالي وأصدقائي حتى أسجّلها على التاريخ كإحدى اللحظات المضيئة في حياتي وفي تاريخ مصر العظيمة. في مثل هذا اليوم 6 يناير 2015، كنتُ في الصفوف الأولى في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لنهنئ أشقاءنا أقباط مصر بعيد الميلاد كعادتنا كل عام. أملتُ رأسي على صديقي المستشار القانوني د. "شريف أديب"، الجالسِ إلى جواري وهمستُ في أذنه: “ليت الرئيسَ السيسي يحضرُ الآن ليُهنئ البابا ومسيحيي مصر بالعيد! عندي شعورٌ قوي بأنه سيأتي!” فرد عليّ المستشارُ: “لا تكلّفوه بما لا يستطيع! عديدُ الموانع السياسية تمنعه.” حزنتُ من قولته، ثم رفعنا عيوننا صوب شاشات المونيتور الداخلية بالكاتدرائية، فشاهدنا الرئيسَ الجميل يهبط من سيارته ويدخل الكاتدرائية، نظرتُ إلى صديقي، وابتسمنا. فقال لي: “كنتِ تعرفين؟"، فقلتُ له: “لا! إنه حدسُ الشعراء! لدينا رئيسٌ جسور يا صديقي!”. ثم أخرجتُ من حقيبتي دفتر أشعاري، وخططتُ بدايات القصيدة التي ستقرأونها في نهاية هذا المقال، ومنحتُها عنوان: “محرابٌ ومذبح". وتكررت الزيارةُ الرئاسيةُ الطيبة في كل عام. وفي مثل هذا اليوم عشيةَ عيد الميلاد 2016، كنتُ أسعدَ الناس حين ارتقى السيد الرئيس منصّة الكاتدرائية للعام الثاني ليُعلن اعتذار مصر الرسمي لأقباط مصرَ المسيحيين على كل ما لاقوه من عسف وعنف على يد الإرهاب الإخواني المقيت، بعدما أسقطناهم عن حكم مصر يوم 30 يونيو 2013، وأبدًا لم يقابلوا حمقَ المتطرفين والإرهابيين إلا بمزيد من الحب لهذه الأم الطيبة "مصر"، ولأشقائهم المسلمين. وتعهد الرئيسُ السيسي ليلتها بترميم جميع الكنائس التي تهدّمت أو احترقت بيد الإرهاب السوداء، متعهّدًا ألا يمر عام 2016 قبل تمام إصلاحها. وبرَّ الرئيسُ بعهده، بل وأنشأ في العاصمة الجديدة أكبر وأجمل كاتدرائية في الشرق الأوسط، "كاتدرائية ميلاد المسيح" الأنيقة، التي نحتفل فيها كل عام مع أشقائنا منذ تشييدها قبل بضعة أعوام.
بعد هذا الاعتذار الرئاسي الحضاري الرفيع، كتبتُ هنا بجريدة "المصري اليوم" بتاريخ 11 يناير 2016، مقالا عنوانه: “اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر"، ذكرتُ فيه طرفًا من شواهد تاريخية تكرّس وطنية أقباط مصر المشهودة أمام ما لاقوا على يد فصيل الشرّ منذ الإطاحة بنظام الإخوان الدموي في 2013.
شكرًا لله على اجتثاث شوكة الإرهاب الدموي من خِصر مصر، وشكرًا للجيش المصري الباسل والشرطة المصرية لتأمين الوطن من شرور الخارج والداخل، حتى زُرعت في قلوبنا نبتةُ الطمأنينة. وشكرًا لمصر التي تزهو وتُشرق كلَّ يوم بثوبٍ حضاري جميل نُباهي به العالم. والشكرُ موصولٌ للرئيس العظيم "عبد الفتاح السيسي" الذي عزَّز مفهوم المواطَنة على نحوها الأرقى، إذُ يحرصُ على مخاطبتنا نحن "المصريين" كجسد واحد قويّ البُنيان لا تصدعاتِ فيه، ولا تنفصمُ عُراه مهما حاول الأشرارُ دسَّ أشواك الفُرقة والإقصاء. واليومَ في ظل "الجمهورية الجديدة"، أهدي الرئيسَ السيسي من جديد هذه القصيدة التي نُشرت في ديواني الأخير "شُرفتي محطُّ العصافير"، وأهديها لكم.
محرابٌ ومذبح

زهرةٌ أورقتْ في الأشجارِ اليابسة/ حينَ خرجَ الأميرُ من مِحرابِه/ حاملاً قرآنَه/ وقلبَه/ ليصعدَ إلى المذبحِ/ ويباركَ الطفلَ الجميلَ/ في مِزْوَدِ البَّركة/ ثم ينحني/ يرتّبُ هدايا الميلادِ تحتَ قدمي الصغيرِ الأقدس: ذهبًا ولُبانًا ومُرًّا/ فتبتسمُ الأمُّ البتولُ/ وتمسحُ مصرُ على جبهةِ الأميرٍ هامسةً: طوباكَ بين الرجالْ/ أيها الابنُ الطيبُ/ اجلسْ عن يميني/ واحملْ صولجانَ الحُكم/ وارتقِ عرشِ بيتي/ وارفعْ رايتي عاليةً بين النساءْ/ وعلّمِ الرعيةَ/ كيف يحتضنُ المحرابُ المذبحَ/ وكيف تتناغمُ المئذنةُ مع رنينِ الأجراسْ/ وارشدْ خُطاهم حتى يتبعوا النَجمَ/ الذي سيدّلُهم على الطريق/ إلى أرضِ أجدادِهم الصالحين/ بُناةِ الهرم./ فإذا ما وصلوا إلى ضفافِ النيلْ/ أوقَدوا الشموعَ في وهجِ الصبحِ/ حتى تدخلَ العصافيرُ عند المساءْ أعشاشَها/ بعدما تبذرُ القمحَ والشعيرَ والسوسنَ/ على أرضِ "طِيبةَ" كلِّها/ فلا ينامُ جائعٌ جائعًا/ ولا محرومٌ/ يبقى محرومًا/ ولا بردانٌ/ بردانًا ينامُ ليلتَه/ ولا حزينٌ/ يجنُّ الليلُ على عينيه/ دونما يدخلُ قلبَه الفرحُ.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح