الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- أوروبا- فيلم عراقي - إيطالي يحكي جزءاً مهما من معاناة المهاجرين غير الشرعيين

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2022 / 1 / 9
الادب والفن


أصبحت قضية الهجرة والهوية تشغل أوروبا والعالم كله ، وهناك العديد من الأسباب المختلفة التي قد تدعو للهجرة، على سبيل المثال ، اضطرار اللاجئين إلى مغادرة وطنهم بسبب الحرب أوالاضطهاد ، بالإضافة إلى أنهم غالبًا ما يكونوا قد شهدوا بالفعل العديد من الأمور الصعبة وعاشوا مواقف مؤلمة في بلادهم ، رغم أن الرحلة إلى البلد الجديد قد تكون طويلة وشاقة، علاوة على ذلك يضطر اللاجئون في كثير من الأحيان إلى تجاهل مشاعرهم وكبتها من أجل القدرة على مواجهة كل الأمور التي تمُر بهم وتخطيها والاستمرار في غربتهم . فيلم ( أوروبا) للمخرج العراقي - ألايطالي الجنسية ( حيدر رشيد) يتناول الجانب المظلم والقاسي من رحلة اللاجئ للوصول الى بر الامان ، يروي الفيلم كفاح الشاب العراقي كمال للبقاء على قيد الحياة في ثلاثة أيامٍ داخل غابة كثيفة ومجهولة الاتّجاهات ومحفوفةٍ بالمخاطر والتي لا نهاية لها . الفيلم رشحته وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية لتمثيل العراق في سباق جائزة الأوسكار، ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي في الدورة التي ستقام في 27 آذار/مارس 2022 في مدينة لوس أنجلس في الولايات المتحدة . أحداث فيلم"أوروبا" تدور في الغابات الفاصلة ما بين الحدود التركيّة البلغارية، حيث يحاول شابٌ عراقيٌّ، في العشرين من العمر، عبورها مشيًا على الأقدام برفقة مهاجرين آخرين. يقع الشاب العراقي كمال، في قبضة مفرزة لشرطة الحدود البلغارية، وحين يتمكّن الفرار من بين براثنها ويُصبح فريسة تتعقّبها عصابات "صائدو المهاجرين"، وهي عصابات مسلّحة تتكوّن من النازيّين الجدُد المناهضين للمهاجرين، والذين عُرفوا بدمويتهم وبإقدامهم على قتل العديد من المهاجرين الذين وقعوا في قبضتهم . إنها رحلة باسم البقاء ترى كمال يقاتل بشراسة من أجل الحرية والحياة ، الفيلم إنتاج عراقي – إيطالي - كويتي مشترك، وهو أحد الأفلام الروائية الخمسة المدعومة من قبل "منحة بغداد لدعم السينما العراقية" لعام 2021 المقدمة من وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية . "أوروبا" هو الفيلم الطويل الخامس لحيدر رشيد، وقد سبق عرضه في مهرجان كان في تموز/يوليو. ومنحته لجنة التحكيم الدولية الخاصّة بجوائز "ملتقى القاهرة السينمائي" جائزتها الأكبر بقيمة 50 ألف دولار . وصول المهاجرين غير الشرعيين الى الحدود مابين تركيا وأوربا يتم بشكل منظم من قبل تنظيمات اجرامية وبالتعاون مع شرطة الحدود وموظفين كبار في الدولة ، ويتعرض المهجرون الباحثون عن الامان الى العديد من عمليات القهر و الاغتصاب من قبل من يفترض أن يكونوا حماة القانون ، الذين يستغلون المهاجرين بالعنف والترهيب وطردهم الى خارج الحدود الاوربية، ويتم مراقبة الحدود من قبل جماعات مسلحة ومنظمة تابعة لجماعات مدنية وقومية تطلق على نفسها صيادوا المهاجرين . وبالمناسبة ، كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن قيام شاب بلغاري بترأس عصابة تطارد طالبي اللجوء غير الشرعيين وتصطادهم باستخدام دبابة ومركبة عسكرية في مدينة "يامبول" بالقرب من الحدود مع تركيا . وأوضحت الصحيفة بأن الشاب البلغارى"دينكو فاليف"، البالغ من العمر 29 عاماً، طالب الحكومة البلغارية بتمويل عملياته، ودفع أجر مقابل كل لاجئ يُلقي القبض عليه، في حين تخرج أفراد عصابته بالدراجات النارية والكلاب للبحث عن المهاجرين غير الشرعيين . رجال ونساء يواجهون الموت كل يوم على أمل الحصول على حياة جديدة والامان . يبدأ الفيلم بأحد هؤلاء المهربين سيئي السمعة (محمد الزواوي) الذي يساعد المهاجرين على شق طريقهم نحو أوروبا مقابل مبالغ مالية باهظة. المجموعة التي وجد بطل الرواية نفسه فيها يقع على الفور في فخ نصبته دورية الحدود وينتشر. وهكذا يبدأ سباق محموم نحو الحرية ، والذي سيستمر تقريبًا لمدة 75 دقيقة كاملة من الفيلم . كما أوضح المخرج في شرح مطول في الصورة الافتتاحية للفيلم ، تتم إدارة وصول المهاجرين إلى أوروبا من قبل المنظمات الإجرامية التي تعمل بالاتحاد مع قوات شرطة الحدود والمسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى. يعاني المهاجرون الذين يسعون إلى الكرامة والخلاص بانتظام من الإساءة والترهيب على أيدي ضباط مسؤوليته تنفيذ القانون ، الذين يجبرونهم على العودة عبر الحدود. كما يتم حراسة الغابات على طول هذه الحدود من قبل مجموعات منظمة من القوميين العنصرين المسلحين الذين يطلقون على أنفسهم "صيادي المهاجرين". يخاطر الرجال والنساء بالموت كل يوم وهم يحاولون بناء حياة جديدة لأنفسهم . لا يحمل كمال (الممثل البريطاني الليبي آدم علي) ، سوى جواز سفره ، وهو يواجه وجهًا لوجه مع هؤلاء الحراس القساة في جوف الليل أثناء انتظارهم للعبور إلى بلغاريا. بعد وقت قصير من طلب رئيس عملية الاتجار بالبشر (محمد الزواوي) لرجل عجوز في مجموعة كمال "دفع 8000 دولار الآن أو العودة" ، تلاشى كل شيء بعد هجوم دورية من الحرس عليهم . وبينما قُتل البعض بجانبه بالرصاص ، تم تقييد كمال وقيل له "عُد الى أهلك ، لا أوروبا". تمكن كمال من التحرر والفرار إلى الغابة البلغارية . لا يستخدم كمال أي حوار تقريبًا . تم توضيح كل ما يحتاج الجمهور الراغب إلى معرفته في المعلومات النصية الافتتاحية التي تفيد بأن المهاجرين الذين يحاولون دخول أوروبا يتعرضون بشكل روتيني للإيذاء والترهيب من قبل مسؤولي إنفاذ القانون وعصابات المدنيين القوميين الذين يطلقون على أنفسهم اسم "صيادون المهاجرون" . بالإضافة إلى إظهار كيف يمكن للمجموعات القومية المتطرفة الرد على الغرباء ، يلفت رشيد الانتباه إلى مخاوف المواطنين العاديين ، من خلال مشهد للاجئ العراقي (كمال) بعد صعوده مترنحًا على طريق وهو في حالة نزيف وجروح خطيرة ، تلتقطه سائقة (سفيتلانا يانتشيفا) ، ولا يستطيع التواصل معها حتى بلغة إنجليزية ركيكة ولا توجد ترجمة مصاحبة للبرنامج الإذاعي الذي تستمع إليه ، ولكن بمجرد سماع كلمات مثل "ليبيا" و "العراق" ، تضغط على الفرامل وتصرخ في وجه كمال لكي يخرج من سيارتها . الفيلم يروي اثنتين وسبعين ساعة من حياة الشاب العراقي العشريني “كمال” الذي يحاول اجتياز الحدود التركية الى أوروبا عبر بلغاريا، برفقة مجموعة من المهاجرين غير القانونيّين الذين يسلّمون قيادهم الى مهرّبي البشر ليقعوا فرائس بين يدي شرطة الحدود البلغارية، ومن بعدهم “صائدو المهاجرين” وهم مجاميع مدنية ذات ميول واتجاهات فاشيّة مناهضة للغريب، تعمل على الاثراء عبر اصطياد المهاجرين وسرقتهم من كلّ ما بحوزتهم من مالٍ .ووثائق وادوات. فإنّ واقع الحال، وتحقيقات صحفية وقضائية كثيرة، أثبتت بأن عمل هؤلاء ليس إلاّ المرحلة الثانية من عمليات تهريب البشر وإثراء المنظومات والجماعات الإجرامية المنظّمة التي تقف وراءها مافيويّات عديدة، سواءٌ أكانت عبر البحر من شمال أفريقيا، أو عبر ما يُسمى ب “طريق البلقان” الذي تدور في مجاهيله أحداث الفيلم والساعات الاثنتان والسبعون التي يعيشها الشاب كمال، والذي يؤدّيه، بحضور متميّز، الممثل الليبي البريطاني الشاب آدم علي. تنتهي الساعات الاثنتان والسبعون التي نشاهدها من حياة “كمال” بنهاية مفتوحة، مع النغمة الموسيقيّة الوحيدة في الفيلم بعزف للموسيقي العراقي الكبير نصير شمّة. كما يقول المخرج حيدر رشيد عن تلك النهاية “ أردت ان انقل حالة الشعور بالغرق التي يستشعرها المشاهد وهو منغمسٌ في الواقع الافتراضي حواليه، الى الواقع الحقيقي الذي يستشعره انسانٌ وحيد تُلقي به الأحداث في مجاهل غابة عدائية لا نهاية لها ، اردت للمشاهد ان يُعايش الساعات الاثنتين والسبعين التي يعيشها بطلي “كمال” وتحيله الى حالة الانسان الاول على الارض الذي عليه ان يواصل السعي والهرب للخلاص من خطر محدق والوصول الى هدف ما، لكن دون ان يكون ذلك الهدف، اذا ما بلغه بالفعل، هو الخلاص بعينه". بهذه النهاية ، يُترك المخرج (حيدر رشيد) الجمهور في حيرة من أمره بشأن ما سيحدث لشخصية آدم - ما إذا كان سينجح أو يستسلم للمأساة . لذا قرر المخرج أن يجعل النهاية غامضة للغاية، ورغبة المخرج في ترك الأمور مفتوحة ، ربما لأنه يعتقد أنها طريقة لترك بعض الأسئلة للجمهور وجعلهم يفكرون أكثر قليلاً . فيلم" أوروبا" لحيدر رشيد من انتاج عراقي -ايطالي مشترك أسهمت فيه وزارة الثقافة الايطالية وباسهام من قبل “صندوق آفاق” لدعم الثقافة والفنون و “مؤسسة الفيلم في مقاطعة توسكاني الايطالية” وشركة “بيوند دريمز الكويتية”، إضافةً الى اطراف انتاجية أخرى” . وحاز الفيلم على جائزة الدورة التاسعة لجائزة ”بياترتيشي سارتوري“ الممنوحة من قبل ”جمعية النقد المستقل“ في ”مهرجان كان“، كما حاز على العديد من الجوائز بينها جائزة ”الشريط الفضي“ الممنوحة من قبل جمعية نقّاد وصحفيي السينما الإيطاليين، واختارته الجمعية فيلم النقد للعام 2021 . الفيلم يحكي قصة الشاب العراقي آدم الذي يحاول السفر إلى أوروبا بطريقة غير شرعية ، مرتديأ فانيلة اللاعب المصري محمد صلاح الذي يلعب في صفوف ناديليفربول الانكليزي ، وبعد العديد من الصعوبات التي تقف بوجهه من خشونة شرطة الحدود البلغارية الصارمة والتي تحاول الحيلولة دون الوصول للحدود وبطريقة وحشية،لكنه بذكاء يتمكن من الهروب، إلى الغابة الكبيرة في تواجد خطير في غابة موحشة والمطاردة من ”صائدي المهاجرين”، بالاعتماد على أنفاس بطل الفيلم كموسيقى تصويرية رائعة . المخرج حيدر رشيد تعمد أنه يقدم الفيلم بطريقة تصوير تحسها متوترة ومزعجة للعين، حيث ركز على كمال وأراد أن يضع الكاميرا دائمًا قريبة من وجه وجسد البطل . قراره هذا بالتصوير أراد من خلاله أنه يضيف واقعية للفيلم ويجعلنا قريبين من البطل ورحلته قدر المستطاع . الفيلم أيضًا قليل الحوارات وقليل الأحداث، حيث نتابع بأغلب الوقت البطل لوحده وهو يحاول عبور الحدود التركية البلغارية بالغابات القاسية والكبيرة .طريقة التصوير، وسير الكاميرا لفترات طويلة مع البطل فقط ، تجعل المشاهد يحس بترابط وتعلق بالشخصية، وترغم المتلقي على أن يفقد التركيز خلال فترات من الفيلم ويحس بملل نوعًا ما، موضوع الفيلم بشكل عام (الهجرة إلى أوروبا برًا أو بحرًا) قوي ومؤثر ومحزن. وقال المخرج حيدر: "أوروبا من الخارج تبدو أجمل من الداخل، أحيانا هي كابوس وأشعر بالمسؤولية أمام الأزمات التي يعانيها بعض المهاجرين عندما يتعلق الأمر بوصولهم إلى قارة متوغلة في الفكر الاستعماري" . بطل الفيلم الممثل آدم علي وهو ليبيٌ، ولد في ليبيا وسافر منها، في سنٍّ باكرة، إلى إنكلترا، برفقة عائلته. تمكّن من استيعاب المستوى العاطفي لمعنى مغادرة البيت ومسقط الرأس، والرحيل إلى مكان جديد. ربما أَشْعَرهُ هذا بالخوف نفسه الذي شعرَ به كمال، الشخصية الرئيسية في "أوروبا" ، وعن أختياره لهذا الدور يقول المخرج ( حيدر رشيد) :" لم أر العدد الكبير من ألاشخاص لاختيارهم لدور آدم ، كنت أعرف ما كنت أبحث عنه ، ثم عندما رأيت آدم ، كان من الواضح تمامًا أن لديه أشياء معينة كانت ضرورية ، إنه شاب وله طبيعة هشة للغاية ، لكنه بعد ذلك يبرز هذه القوة العظيمة حقًا التي تظهر في فيلم ووجهه وجه "فيلم صامت". نظرًا لأن الفيلم يحتوي على قدر ضئيل جدًا من الحوار - فهو عبارة عن حركة وكل لقطات مقربة وأشياء ، وكذلك الجانب الشخصي من حياته. أنا نصف عراقي ونصف إيطالي – (آدم) بريطاني من أصل ليبي. لذلك فقد مر بممرات عاطفية معينة بطريقة ما في حياته بقبول وشعور مختلف. وقد أحضر بعض أغراضه الخاصة إلى الفيلم ؛ هناك تلك الأغنية التي يغنيها ، والتي كانت والدته تغنيها له عندما كان طفلاً ". إلى جانب بطل الفيلم عدد من الممثلين المحترفين من بينهم الممثلة البلغارية سفيتلانا يانتشيفا، والإيطالي بيترو تشيتشيرييلّو، والتونسي محمد زواوي، وممثلون هواة، كان من بينهم عدد من الشباب الآسيويين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البلقان بذكريات قاسية . فيلم “أوروبا” هو العمل الطويل الخامس الذي يُنجزه المخرج العراقي الايطالي حيدر رشيد، والذي شكّلت مسألة الهوية والانتماء والتعايش ما بين الثقافات، سواءٌ داخل المجتمعات او في دواخل البشر، الموضوعات الرئيسية فيها، فبعد فيلمه القصير الأول “كما الماء” الذي انجزه في السابعة عشر من العمر، أنجز شريطه الروائي الأول “المحنة” والذي تناول محنة شاب عراقي بريطاني ولد من أبٍ عراقي وام بريطانية وهي قصة مثقّف مهاجر يُغتال في بغداد بعد عودته اليها غداة سقوط النظام الديكتاتوري. شهد الفيلم عرضه العالمي الأول في مهرجان دبي السينمائي الدولي وعُرض في اكثر من مهرجان . تبع ذلك شريطٌ قصير، هو الآخر، كان العراق من جديد، مشهده وبطله. كان الفيلم بعنوان “القاع”، ونال على حائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان دبي السينمائي الدولي . وتبع ذاك فيلم وثائقي طويل ولد من تزاوج ما بين عزف البيانو وموسيقى فرقة صقليّة تعزف على آلات تقليدية، وكان بعنوان “صمتاً، كل الطرق تؤدي الى الموسيقى”، وحاز على الجائزة الثانية في مهرجان الخليج السينمائي وعادت معظلة الهوية والانتماء من جديد الى عمل حيدر رشيد حين انجز فيلمه الروائي الثاني “مطرٌ وشيك” تناول فيها حياة وحالة من يُسمّون في ايطاليا واوروبا بأبناء "الجيل الثاني"، وهم ابناء المهاجرين المقيمين في ايطاليا (بشكل قانوني) لكن دون ان يتمتّعوا بالمواطنة الايطالية ، وفسر حيدر حضور العراق في أفلامه السابقة، رغم أنه يعيش خارجه، قائلاً: "أنا نصف عراقي وآخر إيطالي، وطوال حياتي أسعى لتعلم الكثير عن العراق، فقد تربيت على شغف عميق حول حقوق الإنسان، وكلما تابعت الأخبار وجدت شيئاً مخالفاً، وكنت أسعى دوماً لطرح وجهة نظري" . وأضاف أن "الاغتراب انتهى منذ أجيال عديدة، فوالدي رحل عن العراق منذ 40 عاماً، وبشكل ما رغم ذلك استمر الإحساس بأن العراق داخلي وجزء من حياتي ومشاعري، ولهذا السبب أشعر بأنه لدي مسؤولية شخصية تجاه هذه الدولة، لأتكلم عنها وعن الهجرة أيضاً، وأحكي قصصاً لم أمر بها، لأني لم أنشأ ولم أولد فيها، فولدت في بيئة آمنة ومكان مريح، ولكني دائماً أفكر إذا حدث وولدت في مكان آخر أو حدث أمر ما لعائلتي، إنه إحساس صعب على الصعيد الشخصي". شارك المخرج المبدع حيدررشيد، المولود في مدينة فلورنسا العام 1985 من أب عراقي وهو الناقد والإعلامي القدير عرفان رشيد وأم إيطالية ، في كتابته ومونتاجه مع سونيا جانيتو، وفي حوار معه تحدث المخرج حيدر رشيد عن فيلمه قائلاً : " وهذا الفيلم مختلف تماما عن قصة المهاجرين فقط ، فالشاب العراقي آدم شاب طموح يبحث عن حياة أفضل في أي مكان غير وطنه الغرقان، وقد جاءني الفيلم عندما أتابع تجارب الحياة الواقعية للمهاجرين الذين يعبرون الحدود في كل مكان حول العالم، مثل ما نمر به يوميا، وأصبح اليوم العالم أكثر وعيا بهذه القضية المهمة جدا، والتي تعتبر كارثة إنسانية صعبة جدا بدأت منذ فترة طويلة جدا، وهكذا يقدم هذا الفيلم بصورة مغايرة عن أفلامي السابقة، ورغم هذا، فهو متصل بأفلامي السابقة خصوصا فيلمي القصير “لا حدود”، و”مطر وشيك" . وهنا يؤكد حيدر أنه "جزء من ذلك الإحساس"، ويرى فكرة إنجاز أفلام من هذا النوع "مسؤولية حضارية بالدرجة الأولى " . وقال حيدر: "حتى إن لم تكن ابن مهاجر أو لم تعانِ، فعلينا كمخرجين أن نقول شيئا تجاه مثل هذه القضايا. كمواطنين من العالم يجب أن ندافع بشكل أو بآخر، لن أقول إنني سأغير العالم لكن إن استطعت أن أغير قناعات بعض الناس خاصة من الذين يقفون في المنتصف، فهذا في حد ذاته إنجاز مهم بالنسبة لي" . ويرى المخرج الإيطالي أن "هناك المزيد من العنصرية والتحديات التي باتت تحاصر المهاجرين في السنوات الأخيرة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يتقبلون فكرة تعامل الأمن الأوروبي مع بعض اللاجئين بشكل غير إنساني ، لكن في المقابل، لا يحمّل المخرج المسؤولية للسلطات الأوروبية، بل يرى مآساة الآلاف من المهاجرين مسؤلية مشتركة، مؤكدا أن "فيلمه ليس من أجل أن يكره العرب أوروبا، وإنما بهدف الدفاع عن حقوق المهاجرين " . وأضاف : "أملي أن يسافر الناس بشكل حر لبدء حياة أفضل. أنا لم أنجز الفيلم لأخيف الناس من السفر بل لكي يجد المسافر القادم من العالم العربي بعض الحقائق التي بإمكانها أن تساعده على فهم المستقبل، والعكس بالنسبة للمشاهد الأوروبي، ربما يغير من بعض السلوكيات تجاه المهاجرين ". الخلاصة ، اراد ألمخرج حيدر رشيد أن يعلم المشاهد العربي أو من يريد أن يبدأ رحلة اللجوء الى أوروبا يمكن أن يحصل على مميزات عديدة ، لكن في نفس الوقت تُعتبر مكاناً صعباً إن لم يكن لديك إمكانية للوصول .
في الختام : فيلم " أوروبا"، يكشف لنا أن أوروبا لا تمنح المهاجرين إنسانيتهم أو حقوقهم، إذ يتعاملون معهم بشكلٍ غير عادل أو إنساني . فيلم إثارة وشحذ للوعي، حيث يُبرز الحقيقة المروّعة لما يواجهه مئات الآلاف من الأشخاص الذين يسافرون عبر طريق البلقان، وما يُحدق بهم على يد المهربين اللاإنسانيين والقوات الحكومية وغير الحكومية. كل ما يحدث في الفيلم يستند على ما حدث في الواقع فعلاً واستناداًعلى الكثير من تقارير أبرزها منظمات حقوق الإنسان . إلاّ أن الفيلم وقبل كل شيء قصة إنسانية عن كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة في رحلة البحث عن حياة أفضل ، رغم إنّه فيلم إيطالي عراقي كويتي، لكنْ من دون أنْ يعني ذلك بأنّ هوّيته منغلقة في هذه الحدود . غياب الحوار ساعد على منحه هويّة عالمية، إذْ يُمكنه حينها أنْ يكون فيلماً سورياً أو إفغانستاني أو بوسنياً أو لبنانياً. إنّه حقاً، فيلمٌ غير مُحدّد بأيّ خطابٍ إقليمي أو أوروبي، لأنّ ما يرويه حدثَ ويحدث على الحدود، في مناطق كثيرة من العالم بأسره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و