الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدرسة السياسية العراقية بعد 2003 ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


المدرسة السياسية العراقية بعد 2003
نفترض جدلا أن المرحلة السياسية التي مر بها العراق بعد 2003 تشكل ملامح مدرسة من طراز خاص فيها وعليها ومنها ما يمكن أن يعطي أنطباع أولي عنها ممكن تلخيصه بالنقاط التالية:.
• بما أن التغير السياسي كان جذريا وإنقلابيا نتيجة تغير قواعد الحكم وأساسيات بناء دولة ونظام تحت الأحتلال، فالنتاتج الطبيعية منه لا بد أن لا يكون العمل السياسي محايدا عن قوى الأحتلال ولا معاديا لها ولا حتى معارضا بشكل أو بأخر، فمنذ أن تولى الحاكم المدني بريمر قيادة الإدارة المدنية للأحتلال تملك معها كل أسباب القوة السياسية مضافا لها ما موجود على الأرض من قوة عسكرية، فالمتعامل مع هذه الإدارة يدرك وجوده في مفاصل الدولة والسلطة مرتهن بالبقاء بين قواها أو الخروج منها، وفقا للطريقة التي تقربه أو تبعده عن الحاكم المدني العسكري المطلق في الواقع، هذا يعني أن كل المنخرطين في العملية السياسية منذ البداية هو أدوات وصناع بريمر، وينفذون سياسة المحتل وأهدافه البعيدة والقريبة رضوا بذلك أم أبوا، وإن كان البعض منهم براغماتين أو مصلحين ينتظرون الفرصة فأولئك لا يمكن إخراجهم من طائفة الأتباع لبريمر مع كل التبريرات والأعذار.
• شهدت مرحلة بريمر الإقصائية العنيفة وعودة القوى السياسية للعراق وخاصة المهاجرة أو المهجرة، وحل إدارة الدولة السابقة ومنها القوات المسلحة وكبار القادة المدنيين وملاحقة النخب الفكرية والثقافية والإدارية بقانون أجتثاث البعث، إن تسلقت قوى هجينة أمية قليلة الخبرات وفاقدة للمهنية وحتى لأبسط مبادئ الإدارة والأقتصاد والسياسة المواقع العليا والمراكز القيادية في الدولة، مما ساهم بشكل رئيسي في ظهور معادلة (المنصب الحزب) دون أن يكون هناك عملية أنتقالية تأهليه بين فلسفة ونظام إدارة راسخ وبين بديل لا يحمل هوية ولا يملك رؤية أو تصور لمعالجة المشكلات السياسية ولا الإشكاليات الإدارية، هنا هيمنت التلقائية والتخبط وردات الفعل على سياسة الدولة، وأصبحت المصالح الحزبية في صراعاتها البينية هي أول ملامح المدرسة السياسية ما بعد 2003 والتي يمكن وصفها بسياسة الصلوات، تسويات مرهونة بحسابات خارجية وداخلية تتحرك وفق مصلحة من وضع الحسابات حتى لو كانت ضد مصلحة العراق وشعبة.
• المملح الثالث في توصيف هذه المدرسة إن جاز لنا التعبير هي ضعفها الدائم في أن تعطي رؤية أو تصور أو تختار أستراتيجية وطنية ذات ملامح معلومة وأهداف معلنة، فهي تتقلب وتتنوع وتتبدل وفقا لمعطيات الصراع الداخلي والخارجي مستثنين الطرف الكردي الذي له خطوط سياسية واضحة، ولا يتردد في إعلانها شاء الشركاء أم رفضوا، وهذا ما منحة القدرة على التحكم بالقوى الأخرى وفرض الإرادات الفئوية على الجميع، ملوحا في كل مرة بالانفصال أو التهديد بملفات النظام السابق أو حتى بأبتزاز الكثير من قادة العملية السياسية بملفات مخابراتية وفضائح متعددة الأشكال والأنواع، لذا فالجزء الأكبر من قادة العمل السياسي في العراق هم تحت ضغط الملفات وإدارة صراع نوعي داخل مكوناتهم، يمنعهم هذا من المس بالخطوط الحمراء كي لا يفقدوا الأمتيازات والمصالح، والفرصة في البقاء ضمن منظومة سياسية مفككة تتيح للجميع اللعب بالواقع السياسي دون مسئولية ومحاسبة.
• بعد إنقسام الواقع السياسي بعد 2014 ودخول داعش ضمن القوى السياسية والعسكرية المؤثرة في الواقع العراقي، تبع هذا الإنقسام إرتداد وطني كبير مس قاعدة الحكم الديمقراطي وهم الشعب الذي يختار، فلم تعد هناك عناوين وطنية جامعة وانقسم الشعب طولا وعرضا على نفسه فأصبحت مصطلحات السياسة تتمحور حوا حواضن الإرهاب ومدافعين عن تهميش السنة وبيئة موالية للدواعش نتيجة الفرز الذي أعقب أحداث الطائفية 2006 الى 2008، بالمقابل برزت فتوى النجف كمحفز طائفي نوعي مغاير ومضاد ساهم في تعميق الهوة بين مكونات الشعب وأصبح الجميع أمام خيار الضد أو الـــ مع، هنا أيضا لعبت المصالح الإيرانية دورا في توجيه العداء المفتعل بين الشيعة والسنة في كبان العراق الواحد، من خلال إدارة صراع الأدوات مع النقيض المذهبي السياسي القومي السعودية ودول مجلس التعاون، وتحت عنوان عريض ووهمي أن السعودية والقوى الحليفة هي من تدعم داعش.
• جاءت أحداث ما عرف بالربيع العربي ووضعت المنظومة السياسية العربية ككل ومنها العراقية أمام تحديات البلقنة والتفتت والصراعات العميقة داخل الوحدة الوطنية ذاتها، وبالرغم من أن العراق ليس بعيدا أساسا من أسباب الربيع العربي ومفجراته، إلا أن التصرف السياسي لم يكن بالمستوى المطلوب لأحتواء المد الجماهيري المعارض والرافض لسياسات التبعية وفقدان القرار الوطني، توضح الأمر جليا بشكل سافر ومعلن في 30 تموز 2015 وظهور شعار (بسم الدين باكونا الحرامية)، هذا الشعار الذي هز كل منظومة الحكم السياسي في العراق، والذي في غالبيتها العظمى تبنى منهج الإخوان المسلمين في طرح رؤياه وأفكاره عن شكل الدولة وكيفية ممارسة العمل السياسي حتى ضمن المنظور الشيعي.
• بعد أنتخابات عام 2018 أتضح بشكل جلي أن بناء المنظومة السياسية في العراق متين من الخارج بدليل تنامي القوى السياسية وتغولها حتى على القانون والدستور، لكنها من جانب أخر فهب مجرد مؤسسة خاوية من الداخل وضعيفة تدافع عن نفسها بقوة السلاح وسياسات الأقصاء والعداء مع الشعب من الداخل، مستندة في أهم مفاصل قوتها على العنصر الخارجي المتمثل بالضغط الإيراني على كامل مؤسسة الدولة العراقية، التي وثقته بعلاقات أقتصادية أحادية الجانب تصب في مصلحة طهرات، وأسندت قوة الحماية فيه لفيلق القدس الذي يرعى المليشيات الخارجة عن القانون والمنضوية تحت أسما لا فعلا، بقيادة المايسترو السياسي والعسكري الجنرال سليماني، كانت الولايات المتحدة تعرف تماما هشاشة المؤسسة السياسية العراقية برمتها، وتعرف أن الكثير من مفاتيحها الشيعية والسنية بيد سليماني وتابعه المليشياوي المهندس، فكان قرار التصفية بالرغم مما يحمل من خطورة وتهديد هو القرار الأهم الذي من خلاله يتم تقصيص الجناح الإيراني من جهة، وإضعاف دور المليشيات العراقية التي وجدت نفسها في حالة تخبط وعدم قدرة على الفعل دون عراب قوي ومسيطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة