الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعيد مطر في ذكرى رحيله: زميل صحافي افتقدناه !

عبدالكريم البليخ

2022 / 1 / 10
الصحافة والاعلام


اختطف القدر دون سابق إنذار، وفي هذه الأيام، قبل تسعة عشر عاماً، الزميل الصديق الصحافي الشاب سعيد مطر، بعد أن أنهى زيارته القصيرة لمدينته الرّقة، وهو في طريق العودة إلى مدينة حلب ـ عبر الطريق الذي يصل بين الرّقة ـ حلب، وتعرّض أفراد أسرته وأطفاله بإصابات بليغة نتيجة الحادث الذي وقع وأودى بحياته على هذا الطريق تحديداً، الذي طالما كتب عنه في زاويته الأسبوعية (نافذة للمحرّر)، وفي تحقيقاته الصحفية المنشورة، واستطلاعاته المصورة، وحواراته المبتكرة المتفردة، التي تعالج قضايا الناس من على منبر جريدة "تشرين" التي كان يُحرّر فيها منذ ما يزيد عن الخمسة عشر عاماً، وآخرها، ويا ليتها من مصادفة غريبة فعلاً، عندما تزامن وقوع الحدث مع ما كان قد أرسله إلى صحيفته، وأكّد عليه في زاويته الأسبوعية المنشورة تحت عنوان (ضحايا طريق الرّقة ـ حلب) يوم الأربعاء 19 / 2 / 2003 وتناوله لمساوئ هذا الطريق، والتنبيه لمخاطره، التي راح ضحيته المئات من الشباب في حوادث مفجعة .. في الوقت الذي نقرأ فيه في الصفحة ما قبل الأخيرة في الصحيفة ذاتها، نعوة مفجعة للزميل المطر، تُشير إلى تعرّضه لحادث سير مروّع على طريق الرّقة ـ حلب ، بالقرب من مدينة الثورة، حيث أكد من خلال زاويته المذكورة، قبل وفاته بساعات: (أنّه بالرغم من الموافقة على توسيع طريق الرّقة ـ حلب ورصد الاعتمادات اللازمة لذلك، ووضع الدراسات المطلوبة لتنفيذ مسارٍ ثانٍ بحيث يصبح ذهاباً وإياباً، إلّا أن أعمال التنفيذ لم تبدأ، ومع التأخير في إنجاز المسار الثاني تستمرُ الحوادث الخطرة على امتداد الطريق البالغ قرابة 200كم).
وفي موقعٍ آخر من المادة ذاتها، يؤكد الزميل المرحوم: (إنَّ عدد الضحايا الناتج عن حوادث السير على هذا الطريق تجاوز الـ (2000) مواطن خلال العام، 2002، إضافة للجرحى والأضرار المادية التي أصابت الآليات والمحاصيل الزراعية) .
كما تناول الزميل المرحوم العديد من القضايا، والمسائل التي تهم المواطنين في تحقيقاته، ومقالاته التي أمتعنا بها، وتركت صداها لدى الأخوة المواطنين من خلال تناوله لقضايا التنمية والمرافق الخدمية، وما أكثرها، ومثال ذلك مقاله المنشور بجريدة تشرين في العدد رقم (6114) تاريخ 20 / 12 / 1994 بعنوان: (في الرّقة الأشجار تموت واقفة!)، حيث كتب يقول: (المصيبة الأكبر تحويل حديقة الأطفال الوحيدة في المدينة والتي صار عمرها أكثر من عشرين عاماً إلى نادٍ ليلي .. حيث بدأت المعاول تهدمُ معالمها وتقلع أشجارها لتبني قاعات الاسمنت ولتستقطب زوار الطريق الليلي .. واستثمار مثل هذه الحدائق يتمّ في الكواليس دون الإعلان عن مزايدات علنية، كما هو حال المنشآت العائدة للمحافظة ودون إعطاء أي دور لمجالس المدن والبلدان .. فهل من يُنقذ أشجار حدائق الرّقة .. وحديقة الأطفال من معاول الهدم، وزحف الإسمنت! ففي الرّقة تموت الأشجار واقفة !! وتُقلع وهي حيّة !!) .
وفي زاويةٍ أخرى، وتحت عنوان: (الرّقة في مستنقع الوحل) المنشورة في الصحيفة ذاتها في العدد رقم 6132 تاريخ 10 / 1 / 1995، كتب المرحوم سعيد مطر، يقول:
(هل يعتقد أحد أنَّ مدينة الرّقة التي تعتبر من المدن الحديثة تعيش الآن، ومنذ بداية فصل الشتاء، وكأنه فصل يعود إلى أيام الستينات، من حيث خدماتها التحتية .. فما أن جاء فصل الشتاء، محمّلاً بأمطار الخير، حتى أضحت الشوارع في حالة يرثى لها !!.
فالطين، غطى كل الأرصفة، والشوارع من شرقها حتى غربها، ومن شمالها حتى جنوبها).
وهذا واقعها الحالي أيضاً، وما يزال مستمراً !!
وفاة الزميل الصحافي الشاب سعيد مطر نتيجة الحادث الذي تعرّض له وأفراد أسرته، ترك أثراً بالغاً في نفوس محبيه وأصدقائه، وزملائه، ومتابعة كتاباته التي يصوغها بقالبٍ جميلٍ ومتأصّل، وبأسلوبٍ رشيقٍ ومقنع، وبصورةٍ خاصة زاويته الأسبوعية (نافذة للمحرّر) التي تصدر صباح يوم الثلاثاء من كل أسبوع.
وقد تحقّق لروح فقيدنا الغالي تنفيذ المطلب الملحّ الذي ينشد، وتمنى يوماً تحقيقه، لما له من أهمية في حياة الوطن والمواطن، وهو العمل على تسوية طريق الرّقة ـ حلب، وجعله بمسارين أسوةً بالطرق الدولية الموزعة في أنحاء القطر لأهميته الخدمية والاقتصادية، وهذا المطلب ما أكد عليه زميلنا في آخر مقال نشره، في اليوم الذي خلصت فيه منيته، بقوله: (إنّه يجب الإسراع بتنفيذ هذا الطريق الدولي الهام الذي يُعاني من تدني مواصفاته الفنية، وزيادة الحفر والمطبات، وسوء أعمال الصيانة فيه، وعدم الاهتمام بوضع خطوط المنصّف بعيداً عن الصيانات الوهمية التي صرفت عليها مبالغ كبيرة جداً يمكن أن يضع حداً للحوادث، وخاصةً إن الاعتمادات تم تخصيصها والدراسات الفنية انتهت، وما على الجهات المعنية في وزارة المواصلات إلا البدء بعمليات التنفيذ) .
ويبقى لسان حالنا يقول: إنَّ فقدان الزميل الصحافي المتميز سعيد مطر تبقى خسارة كبيرة للإعلام السوري عموماً، وجريدة تشرين بصورةٍ خاصة.
فإلى جنات الخلد يا صاحب الكلمة المقنعة، الصادقة التي تركت أكثر من علامة استفهام في الوسط الصحافي، وحتى الشعبي .
______________________________
* كاتب وصحافي سوري مقيم في الولايات المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية