الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكتك وأكفان ..!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2022 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في بداية تبدو لافتة ومثيرة منذ أول انتخابات جرت في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003 تشير الى نوع الأجندة المطلوب تنفيذها في البرلمان العراقي الجديد الذي جيء به في ولادة انتخابية تمت هندسة نتائج الانتخابات فيها ، لكي يجري تشكيل حكومة تنفذ الأجندة الأمريكية الجريئة، فقد شهدت جلسة البرلمان الجديد توافد نواب القوى السياسية الجدد له بطرق مختلفة وغير مسبوقة.
دخل نواب “التيار الصدري” إلى جلسة البرلمان الجديد وهم يرتدون “الأكفان”، ويطلقون شعارات تعكس ولاءهم الفردي لشخص زعيمهم السيد مقتدى الصدر، في “رمزية” كانت تشير إلى المرجع الديني الراحل محمد صادق الصدر، الذي كان يتحدى الموت أثناء القائه خطبة الجمعة في مسجد الكوفة قبل استشهاده ونجليه على يد صدام.
وكان الشهيد السيد محمد صادق الصدر، يتحدى نظام صدام الديكتاتوري ، ويرتدي “الكفن” في خطب الجمعة ويهاجم “حزب البعث” المنحل، قبل أن يقتل في عام 1998 في النجف، على يد نظام صدام. و قالت صحيفة ذي ناشيونال انترست الناطقة بالانجليزية والممولة من الامارات : ( في رسالة واضحة لخصومهم بأنهم مستعدون للمواجهة ، دخل سياسيو الكتلة الصدرية البرلمان مرتدين ملابس عسكرية وأكفان الموت التقليدية ، مما يدل على استعدادهم للموت. وكُتبت عبارة "جيش الإمام المهدي" على الأكفان ، في إشارة إلى ميليشيا جيش المهدي (…) التابعة للصدر).

من جهتهم، دخل نواب “حركة امتداد” المنبثقة من رحم ما سمي بـ “انتفاضة تشرين” إلى المنطقة الخضراء وهم على متن عربة “التكتك”، ويحملون عدة صور لضحايا تلك الانتفاضة الذين قتلوا الى جانب عناصر من القوات الأمنية على يد طرف ثالث لم تكشفهم حتى الآن، الحكومة التي توصف بأنها (تشرينية).
فقد انطلق نواب “امتداد” ومعهم مجموعة ممن يوصفون بالمستقلين ومن نواب حراك “الجيل الجديد” عبر “التكتك” من ساحة التحرير وسط بغداد صوب البرلمان.
واللافت أنه لا يسمح لعربة “التكتك” بعبور جسر الجمهورية ودخول المنطقة الخضراء بالمطلق، وهذه أول مرة يدخل فيها “التكتك” إلى “الخضراء”، والعاقل يفهم لماذا يحصل كل ذلك.

هذه الظاهرة المفتعلة من هؤلاء النواب الجدد وطريقة وصولهم إلى البرلمان وما فعلوه تحت قبته من اطلاق شعارات واعتداء البعض على رئيس السن، أثارت سخرية واسعة من قبل الكثير العراقيين الذين كتبوا على وسائل التواصل الاجتماعي ، معتبرين ما فعلوه حالة من الاستعراض الإعلامي المكشوفة أهدافه ، الذي لا يمثل أي حالة جادة في الخوض بمحاسبة الفاسدين والقتلة الممسكين بإدارة الدولة المنخرطين في كل مفاصلها ، فيما عدّه آخرون رمزية خطرة للمرحلة المقبلة وما قد تشهده من صراعات عنف دموية كما حصل في مظاهرات تشرين، خصوصاً مع محاولات يبذلها أعداء العراق لدق اسفين داخل البيت الشيعي وتمزيق وحدته لصالح الأجندة الجريئة.

وشهد يوم الأحد أداء اليمين الدستورية لأعضاء البرلمان الجدد المكون من مجلس واحد وعددهم 329 بعد انتخابات شابتها توترات واحتجاجات على التزوير ، وافتعل بعض النواب أزمة عندما قدم نواب تحالف الإطار التنسيقي قائمة تؤكد أنهم الكتلة الأكبر ، وتم الاعتداء على النائب محمود المشهداني الذي ترأس الجلسة بصفته الأكبر سناً ، و نقل الى المستشفى.
وقال المشهداني في أول تصريح له بعد خروجه من المستشفى إثر الإعتداء عليه من قبل المفسدين في الأرض: مازلت رئيس السن ولايمكن رفع الجلسة الا باذني ، فيما أشار نواب الى أن جلسة البرلمان بعد الاعتداء على المشهداني لا قيمة قانونية أو دستورية لها .
الخلافات السياسية بهذا العنف غير المعهود حول الكتلة البرلمانية التي عليها أن تشكل الحكومة الجديدة، تترافق مع انتشار سرايا السلام في مناطق مختلفة من بغداد بشكل خاص ، قد تؤدي إلى تصعيد خطير في الموقف، خاصة أن العراق عانى من عقود من الحرب والفوضى.
صحيح ، دائما ما يشهد تشكيل الحكومة مفاوضات معقدة. لكن في ضوء التعقيدات التي طرأت على العملية السياسية بعد التلاعب والتزوير الممنهجين في الانتخابات السابقة ، وتدنّي نسبة الإقبال الشعبي على التصويت، وهي النسبة الأقل منذ الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، يشير بوضوح إلى أن المطلوب هو فقط إقصاء أو إضعاف القوى السياسية التي تطالب بخروج القوات الأجنبية من البلاد ، أو جر البلاد الى الهاوية.

ومع أنها شهدت أكبر عملية احتيال وتزوير، كانت الانتخابات في اكتوبر بمثابة بلطجة سياسية استهدفت قوى محددة كان لها دور كبير في الحاق الهزيمة بتنظيم داعش الارهابي والجهات المحلية والأطراف الاقليمية والدولية التي رعته، وهاهي البلطجة تتواصل تحت قبة البرلمان في ذكرى مرور عام على حادثة مشابهة شهدها مبنى الكابيتول الأمريكي بأوامر مباشرة الرئيس السابق دونالد ترامب. فكل بلطجة ولها رئيس.

وإذ تهيمن عقدة الفوز بالمركز الأول على تكوين الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة، تواجه العملية السياسية تحديات عدة أخطرها التهديد باستخدام القوة العسكرية والشارع معاً ، بحجة التغيير بعيداً عن الأساليب الديمقراطية ،
وهي الرسالة التي حملها المجيء الى البرلمان..بـ "التكتك" و "الأكفان" !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى