الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آراءٌ بَسيطةٌ غير مُلزمة لأحَد..(4)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2022 / 1 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فيما يلي تعليقي البسيط على هامش الندوة النقاشية التي جرت في منتدى " التجمع العربي للتنوير"
التي كانت بعنوان : التراث الديني.. الجغرافيا والتاريخ. ِالتأثير والتأثر
--------------
الحقُ أنّ هطول الأسئلة الغزير، جعلني حقاً في عصف ذهني، لا أعرف منْ أين سأبدأ ، وعن أيّ سؤال سأناقش أو أُجيب ..
فكل سؤال اعلاه يصلح في تقديري لأن يكون له حلقة بحث ونقاش لوحده ..
ولربما يتطلب الأمر مجلدات ضخمة، للاجابة على كل هذه الاسئلة الهامة والاستفسارات العميقة..
باختصارٍ شديدٍ، وربّما مؤذٍ للمُرادِ قوله :
كما أذكر فإنّ كلمة ( دين ) في اللغة العربية تدلُّ على عدة معاني، منها على سبيل المثال لا الحصر : القهر والغلبة والجزاء و ,,و الخ، و من هنا كانت احدى أسماء الله ( الدّيان ) أي القهار الغالب والمُجازي و.و.. ومعنى دانَ لهُ أي أطاعه وانقاد له .
ونلاحظ لها معنى آخر هام، في القول هذا ديني ودَيدَني أي عادَتي ودَأبي . أو طريقتي وملّتي ..في الطاعة والانقياد .. وهكذا . أما الانثروبولوجيون (الباحثون في علوم أصل الإنسان) فقد عرفوا الدّين بأنه مجموعة من الأفكار المُجرّدة والقيم المُحددة، والتّجارب المُتراكمة، والقادمة منْ رحمِ الثقافة المجتمعية لقومٍ منَ الأقوام، وهي تتمظهر على شاكلة رؤية ملزمة للافراد نحو العالم ، وتستحكم الأفكار الشخصية والأعمال فيهم . بمعنى أنهم رأوا أيضاً أن الدين هو نظام اجتماعي-ثقافي يتألف من سلوكيات وممارسات معينة.
لكن مع الاستعانة بالفهم الفلسفي البسيط الذي لدي ، أنا أزعم أنّ الأديان بعامة، هي إجابات بدائية طفولية للفهم الانساني، مجالها الغيبيات أو الماورائيات. وهي مرحلة أولى للوعي الإنساني، كانت بمثابة اتاحة الفرصة في الفهم، لتدخل المُطلق المُتصور الموهوم، و تمكينه من التحكم بالواقع النسبي المعلوم .. ولهذا تُعتبر - في تقديري - اطارات وثوقية ايمانية متوارثة للفهم البشري ، يحملها الإنسان في قلبه لتسيير شؤون حياته نحو التوجه والاخلاص ..
و هي - اي الاديان - تنهض في محكمات دوغمائياتها على التسليم والايمان، و ترتكز غي جوهرها على اليقين المطلق الصارم المُؤسّس على انفعالات الخوف والعاطفة، والتي تشكل الاساطير والخرافات بنيتها العقائدية، فلا تخضع لمبادئ عقل، ولا يمكن أن تعود في جوهر أفكارها الى اسس المنطق أو مبادئ العقل، ولهذا نقول أن الانسان يؤمن فيها بقلبه أولا . ثم بعد ذلك يبدأ في أن يعقلها ويعتقدها بعقله ..ثم تطبع سلوكياته ثم .. الخ.
ونلاحظ أن معظم الاديان المعروفة والمؤثرة ، - عدا عن سمة الذكورية التي تتسم بها بعامة-، تتقدّم الى أفهام الناس، وهي تحمل بين طيات نصوصها وتعاليمها حقائق يقينية مطلقة واجابات نهائية منجزة عن كثير من شؤون الحياة والكون، الامر الذي لا يفعله العلم، الذي يقوم على الحجة والتجريب والبرهان كما نعلم.. بالطبع ،
وكذلك تتشابه الأديان في انها ابنة البيئة، التي نبتت فيها، و نتاج الوعي المتراكم المُكوّنْ لها ..ولها اشكال متعددة ( بعضها يقوم على اثر الكلمة في تقديم تعاليمه مثل كسرات الشعر و شذرات السجع، وبعضها يقدم تعاليمه على هيئة طقوس وفنون وبعض التاملات، و و و الخ
لكن و على الرغم من تشابهها هذا ، إلا أنها ليست على سوية واحدة، وشكل واحد، أو طقوس واحدة في الاعتقاد والتعبد والأثر ..وكذلك في كيفية التأثير على سلوك مؤمنيها واتباعها الخُلّصْ..
فهناك مثلاً الاديان الشمولية التسلطية المفتوحة، اي التي - كانت و مازالت - تقبل مؤمنين واتباع جدد ، وهي اديان دعوية ، تسعى دائما الى عالمية رسالتها، وفرض دوغمائياتها على باقي الناس، بأشكال عدة، اما بالقتل والسلب او والجهاد او بالحسنى والموعظة الحسنة،أو .. أو,,
وهناك ايضا الاديان التسلطية الشمولية المغلقة ، التي تخص قوم معينين ، يزعمون انهم مميزين، عن غيرهم من الناس لاسباب جغرافية او عرقية او ..او . ويعتقدون في ان ذاك المطلق المُتعالي قد خصّهم وحدهم بالهداية دون عن العالمين،( مثلا اليهودية و ..الخ .
والنوع الثالث الاخر من الاديان هي الاديان الشمولية العامة لكن غير التسلطية (البوذية -الطاوية ..الخ..
قصارى القول:
بلا شك ان بعض سلوك المرء يتاثر بما يدين أو يؤمن او يعتقد .. ان لم نقل ان السلوك برمته يقوم على أثر الافكار التي يعتنقها المرء ..
ولعل هذا هو سبب تكرارنا المستمر، لمقولتنا الدائمة
( الداعشية هي نص معقود و فكر مسنود اولاً، قبل ان تكون سلوكاً مشهود)..
وكما أزعم ، من آمن و دعا الى إلهٍ قاسٍ يعاقبُ لا يرحمْ ، سيكون سلوكه حتماً متأثرا بقساوة ما يؤمن به، من سطوة نصوص و غطرسة ألهة . وكذلك العكس.
وكما نرى، فإن دعوى بعض المعتقدات غير التسلطية، يقوم ايمانها برمته على الدعوة للفهم والاستنارة العقلية وحسب، و هناك منها ما يقوم على فكرة اله المحبة وليس اله الخوف والعقاب حسب ..الى اخر ما هنالك..
نقطة اخيرة لابدّ لي من ذكرها، وهي أنّ المؤمن في بعض الاديان رغم انها تعادي في تعاليمها الصحراوية حضور وعي الجمال، وتؤكد على دونية المرأة بوقاحة، و تهمل الدعوة الى تنمية ذائقة الفنون والموسيقى، الا ان هذا الانسان المؤمن فيها - وكما نعلم - كان لابد وان يتفنن فيها بشكل او باخر، واستطاع مع مرور الزمن أن يتمرد في النهاية،
ربما لانه أدرك بفطرته ان في ذلك التحريم والمنع والجلافة شيء ضد طبيعة الحياة الانسانية، فلجأ في اسيلاد الفن الى فنون العمارة مثلاً ، أو لاستبدال الرسم مثلا بالخط، والموسيقى بالانشاد و و الخ ..
في حين أننا نلاحظ أن هناك بعض الاديان المتشابهة، التي نشأت في الحواضر على العكس ، نجدها قد استعانت بالفن والموسيقى في طقوسها كي تغلب و تدوم .. ولم يكن غياب المرأة فيها ملاحظ على الاطلاق ..
هنا اتوقف، وانا اعلم جيدا اني قد اطلت، وربما اسرفت في تناولي لبعض النقاط، او قصرت في فهم بعضها ..
الا انه في النهاية لا يسعني سوى ان اشكر اخي وصديقي الاستاذ المفكر التنويري "احمد عبد العال" على اثارته هذه الاسئلة الفكرية الجوهرية الرصينة والهامة . لكم كل الشكر على أناة الفهم والصبر والإهتمام و سعة الصدر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة