الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الفولكلور الكردي-تحل بالصبر تكن أمير مصر

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2022 / 1 / 17
الادب والفن


الحكاية الثالثة عشرة
تحلَّ بالصبر تكن أمير مصر

في قديم الزمان، زمان الملوك والسلاطين، عاش كهل حكيم لم يرزق بمولود سوى ابنة وحيدة. في أحد الأيام طلبت الابنة من أبيها أن يأخذها الى سوق الصاغة كي تشتري بعض الحلي والجواهر فوافق الوالي وأخذ بيدها ودارا في السوق طويلاً حتى أعجبت بلؤلؤة جميلة ثمينة فاشتراها لها دون مساومة.
عندما عادا الى القصر تفقدت الفتاة أغراضها فاكتشفت أن اللؤلؤة قد سقطت منها في الطريق فحزنت أشد الحزن وانهمرت الدموع من عينيها. رق الوالي لبكائها وقال لها:
- هلمي كي نعود الى السوق واشتري لك واحدة أجمل منها.
لكن الفتاة ردت بأن تلك اللؤلؤة فريدة لا نظير لها وأنها لا تريد غيرها. فاستدعى الأب مناديه وأمره بأن يدور في المدينة وينادي بأن من يعثر على لؤلؤة الأميرة ويعيدها الى القصر سينال مكافأة قيمة. سمع أهل المدينة النداء وشرعوا بالبحث عن اللؤلؤة المفقودة. وكان في المدينة فتى يتيم وحيد قدر له أن يعثر عليها قبل أن يسمع النداء فلما سمعه قال:
- الحمد لله لقد ظهر صاحبها. فلأذهب وأسلمها له فخبز الحرام لا يشبع بطنا!
وتوجه نحو قصر الوالي وقال له هذه لؤلؤتكم يا سيدي ثم استدار لينصرف فناداه الوالي:
- تريث يا ولدي كي أعطيك هديتك.
لكن الفتى شكره وقال:
- أنا لم أفعل شيئاً غير إعادة المال الى أصحابه و لا حاجة بي يا سيدي لأية هدية فهذا حرام!
- لكنني أعطيك اياها برضاي فلماذا تكون حراماً؟
- ولماذا لم تهدني شيئاً قبل هذا؟ أليست هذه مكافأة على إعادة اللؤلؤة؟
واستأذن منه وخرج. فرحت الفتاة كثيراً باللؤلؤة أما الوالي فقد فرح كثيراً بوجود فتى مثله في المدينة.
مضت الأعوام وتقدم العمر بالوالي وصار يفكر في مستقبل ابنته وفي تزويجها لرجل يناسبها فأمر وزيره بأن يبني لها قصراً جوار قصره. شرع الوزير بتنفيذ الأمر واستقدم العمال والبنائين، وكان الوالي يستمتع كل يوم بمراقبة القصر الجديد ومراحل تشييده فلاحظ أن وجبات العمال والبنائين كانت تتغير يومياً فتذهب مجموعة وتأتي غيرها إلا شاب مليح ظل مواظباً على العمل كل يوم حتى شارف البناء على الانتهاء. فأرسل الوالي في طلبه وقال له:
- يا ولدي إني أراك تعمل في بناء القصر دون انقطاع منذ اليوم الأول فمن أنت وما حكايتك؟
- أنا يا مولاي إنسان فقير ليس لي أحد في هذه الدنيا، لا أب ولا أم ولا أهل وعليَّ أن أعمل كي أعيل نفسي وأعيش كالآخرين. وأنا أؤمن أن المرء متى بدأ بعمل فعليه إتمامه فليس حسناً أن يعمل المرء كل يوم في مكان فهذا يقلل همته.
استحسن الوالي حديث الشاب وقال في نفسه ما من أحد أنسب للزواج من ابنتي، إنه شابٌ عاقل حكيم وأتوقع له مستقبلاً عظيماً. وهكذا قربه اليه وقال له:
- تعال وضع يدك في يدي فقد زوجتك ابنتي.
فتقدم الفتى وصافح الوالي وقبل الزواج منها. ثم قال له الوالي:
- أنت تعلم يا ولدي بأنني لم أزرق بذرية غير هذه الفتاة ولهذا بنيت لها هذا القصر كي تعيشا فيه قريبين مني ولا أشعر بالوحدة بعيداً عن ابنتي.
وأقيمت الأفراح والليالي الملاح وعاشوا في سعادة ووئام. وفي احدى الأيام رأى الشاب زوجته وقد شبكت تلك اللؤلؤة على شعرها فقال لها:
- يا فلانة ألم تضع هذه اللؤلؤة منك؟
- بلى والله، لكن ولداً فقيراً عثر عليها وأعادها الينا ثم رفض أن يأخذ هدية أبي نظير أمانته وغاب ولم نعرف عنه شيئاً.
- لا تحملي هم ذلك الولد يا جميلتي. أنا ذلك الفتى وها قد نلت جائزتي من أبيك. أنت جائزتي الثمينة!
غمر الفرح الأميرة عندما سمعت ذلك ورمت نفسها في أحضان زوجها وتعانقا في محبةٍ وهناء. أما أنا فقد غادرتهما على تلك الحال وجئت كي أقص عليكم الحكاية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كاتب مرهف
اريان بوتاني ( 2022 / 1 / 17 - 17:19 )
انت تقص اجمل القصص اخ ماجد. ولا حتى الف ليلة. لاكلت يداك ، إستمر وإتحفنا بالمواعظ والحكم من خلال كتاباتك الجميلة، والتي فيها نوع من الإنسانية التي قل مثيلها في هذا الزمن وحيث نحن بامس الحاجة لها. وشكرا لك

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا