الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجمع المهني السوداني والشيوعي ولجان المقاومة : نحو استمرار الثورة حتى اسقاط الديكتاتورية العسكرية

عليان عليان

2022 / 1 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


التجمع المهني السوداني والشيوعي ولجان المقاومة : نحو استمرار الثورة حتى اسقاط الديكتاتورية العسكرية
بقلم : عليان عليان
الانقلاب الذي قاده قائد الجيش السوداني- الفريق الأول عبد الفتاح البرهاني في الخامس والعشرين من تشرين أول ( أكتوبر) 2021 ،كان متوقعا في ضوء ممارساته وممارسات محمد حمدان دقلو الملقب ب "حميدتي" التي لم تراعي المكون المدني في المجلس السيادي في مجمل القرارات التي اتخذاها دون العودة للمجلس المذكور ، ودون العودة لحكومة الدكتور حمدوك ، ولا للانتقادات الصادرة عن التجمع المهني –رافعة الثورة - ولا لتلك الانتقادات الصادرة عن أطراف من "قوى الحرية والتغيير" .
واللافت للنظر في حينه وصف البرهاني للانقلاب ، بأنه مجرد تحرك عسكري يستهدف تصحيح العملية الانتقالية، وحماية الثورة من الأخطار التي تهددها، وكأنه طرف في هذه الثورة ، متجاهلاً أنه ونائبه كانا جزءاً من نظام البشير ومفاسده ، وأنهما كانا يد البشير الضاربة في قمع الجماهير ، ما أدى إلى استشهاد العشرات وجرح المئات من المواطنين السودانيين ، هذا (أولاً ) ( وثانياً) أن تشكيل المجلس السيادي جاء في إطار تسوية انتقالية بين "قوى الحرية والتغيير" وبين القيادة العسكرية ، وعلى أن تؤول قيادة المجلس في المرحلة الأولى للفريق البرهاني ، وفي المرحلة الثانية للمكون المدني ، على أن ينتهي عمل المجلس لاحقاً بإجراء انتخابات حرة تؤدي إلى تشكيل حكم مدني .
لكن البرهاني وعشية تسليم رئاسة المجلس "لقوى الحرية والتغيير" ، أقدم على الانقلاب في الخامس والعشرين من تشرين أول ( أكتوبر) 2021 ، ليحول دون تسلمهم رئاسة المجلس ، وليفصل المسار السياسي اللاحق على مقاس توجهاته السلطوية على قاعدة ترسيخ حكم الجيش ، ما يمكنه من تشكيل الحكومات وإقالتها على المدى الطويل ، وقام بحل الحكومة التي يرأسها الدكتور "حمدوك" ووضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله واعتقل العديد من الناشطين السياسيين ، وأصدر مرسوماً بإعادة تشكيل المجلس على النحو الذي يضمن له السيطرة على مقاليد الأمور ، مستميلاً بعض الأطراف السياسية من "قوى الحرية والتغيير" ، ومتضمناً أدوات القمع الرئيسية مثل محمد حمدان دقلو ( حميدتي) وشمس الدين الكباشي، ومالك عقار ، وياسر العطا، والهادي إدريس ، والطاهر أبو بكر ورجاء عبد المسيح.
البرهاني يعيد تشكيل مجلس السيادة على مقاس توجهاته السلطوية:
لقد أعاد البرهاني تشكيل المجلس السيادي، ليضم بعض أعضاء "قوى الحرية والتغيير" كرشوة لهم ليوحي بأن قوة التغيير معه ، كما استمال آخر رموز التمرد ، عبد الواحد النور – رئيس حركة تحرير السودان- ومقرها دارفور ، وعبد العزيز االحلو – قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) المقيم في جبال النوبة جنوبي كردفان ، وضمهما إلى عملية السلام المزعومة ليوظفهما في مواجهة قوى الثورة.

لقد أدرك التجمع المهني – المكون الرئيسي "لقوى الحرية التغيير"- التي تضم مختلف القوى والأحزاب السياسية المعارضة والنقابات المهنية ، حقيقة توجهات البرهاني وسياساته ، "خاصةً بعد تطبيعه العلاقات مع الكيان الصهيوني، دون الرجوع للمكون المدني في المجلس ولا للحكومة التي يرأسها حمدوك ، الذي سبق وأن أدلى بعدة تصريحات مفادها أنه ليس من صلاحيات رئيس المجلس البت في هذه المسائل قبل إجراء الانتخابات .
وفي ضوء هذا الادراك ، أشعل التجمع المهني المظاهرات الصاخبة مبكراً قبل الانقلاب بعدة أيام مستثمراً ذكرى انتفاضة عام 1964 التي أطاحت بحكم الرئيس عبود ، وواصل الثورة بعد الانقلاب معيداً للثورة عنفوانها ، ما أربك رئيس المجلس البرهاني ودفعه للتراجع عن بعض القرارات التي أصدرها ، والتي قضت باعتقال الدكتور حمدوك وأعضاء حكومته واعتقال العديد من الناشطين السياسيين .
ثم قام البرهاني بتشكيل حكومة جديدة برئاسة "حمدوك "، بعد أن شكل المجلس السيادي على النحو الذي يخدم توجهاته ، ثم حدد مساراً جديداً للعملية الانتقالية بحيث تجري الانتخابات عام 2023 ، وذلك في تكتيك يستهدف احتواء التحرك الشعبي وبعد ذلك " لكل حادث حديث"، مستنداً إلى تحالفه الارتهاني لدول الخليج وتحديداً السعودية والإمارات ، ومستنداً أيضاً للكيان الصهيوني الذي لعب دوراً هاماً في هندسة الانقلاب ، حتى يمتص غضب واشنطن التي أزعجها أن يقدم على هذه الخطوة عبر استشارة أدواتها ووكلائها في المنطقة ، وليس عبر التنسيق معها، خاصةً وأن انقلاب البرهاني جاء بعد يومين من لقائه مع المبعوث الأمريكي " جيفري فيلتمان".
لقد تطورت الأمور لاحقاً بعد استقالة الدكتور " عبد الله حمدوك" الذي حاول منذ توقيعه اتفاقا سياسيا مع البرهان في 21 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، استقطاب دعم القوى السياسية لهذا الاتفاق، لكن محاولاته باءت بالفشل ، بل واتهم من بعض تلك القوى بـ "خيانة دماء الشهداء".
ويؤكد العديد من المحللين ، أنه رغم إعلان البرهاني بأنه ستتم إجراء انتخابات عام 2023 لنقل الحكم إلى المدنيين ، إلا أن الجيش يصر على عدم الخروج من المشهد على الرغم من تصريحات البرهان وتعهداته بإتمام عملية الانتقال السياسي ، وحديثه عن ضرورة استكمال هياكل الفترة الانتقالية ،والإسراع بتعيين رئيس وزراء جديد خلفا لحمدوك.
وترى صحيفة واشنطن بوست أنه مع انسداد الأفق السياسي وحالة انعدام الثقة بين أطراف المعادلة الساسية في السودان ، يسعى الجيش إلى كسب مزيد من الوقت بإبعاد موعد الانتخابات حتى تظل مقاليد الأمور في يده سعيا للحفاظ على مصالحه.

الثورة مستمرة في مواجهة عنف العسكر:
ما لفت انتباه المراقبين مسائل محددة أبرزها :
1-إصرار الثوار السودانيين على الاستمرار في ثورتهم بقيادة " تجمع المهنيين" وأطراف من "قوى الحرية والتغيير" ، ورفضهم إجراء الحوار الذي يدعو إليه برهاني ، إدراكاً منهم أن الحوار يستهدف احتواء تحرك الشارع السوداني وإجهاضه.
2- توحد قوى الثورة الأساسية " تجمع المهنيين والحزب الشيوعي ولجان المقاومة" على رفع الشعار الثلاثي: " "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية"، حتى الوصول إلى سلطة مدنية خالصة تتيح تفكيك الشمولية.
3- لجوء القوى الثورية إلى تشكيل " لجان المقاومة" في مختلف الأحياء ، لتصعيد المواجهات مع الطغمة العسكرية وأدواتها الأمنية ، حيث يسجل للحزب الشيوعي السوداني قصب السبق في تشكيل هذه اللجان..
4- عنف قوى الانقلاب العسكري في قمع المسيرات المليونية ، عبر اللجوء إلى استخدام الذخيرة الحية والغازات السامة ، ما أدى إلى ارتقاء ما يزيد عن (65) شهيداً وإصابة المئات بجروح ، ناهيك عن لجوء قوى الأمن إلى اغتصاب الفتيات في بعض الأحياء أثناء عمليات الكر والف بين الجموع الثائرة وبين أجهزة السلطة القمعية، ووفق لجنة أطباء السودان فقد تعرضت 13 امرأة على الأقل لحوادث اغتصاب.
ميثاق الثورة :
لقد أفشلت الثورة الراهنة في السودان، كل تكتيكات الفريق البرهاني ودعواته للحوار واستمرت بزخم متصاعد في الخرطوم ،وأم درمان، وبور سودان وبقية المدن السودانية عبر تنظيم المسيرات المليونية في أكثر من يوم في الأسبوع ، متحدية كل أساليب القمع وكل محاولات قطع التواصل بين الثوار عبر فصل خطوط الإنترنت ، وباتت الجماهير أكثر إصراراً على التواجد والاعتصام في ذات المكانين الذي اعتصمت فيه الجماهير الثائرة ضد نظام حكم البشير الذي أطاح به الجيش في نيسان ( إبريل) 2019 وهما ساحتي القصر الرئاسي وقيادة الجيش ،، وذلك رغم تواجد القوات الأمنية الكثيف الطرق المؤدية إلى القصر ومقر قيادة الجيش.
والتطور الأبرز في عمل قوى الثورة ، تمثل في قيام تجمع المهنيين ببلورة ميثاق وطني شامل يحدد رؤية قوى الثورة واستراتيجيتها ، تضمن عدة بنود أبرزها :
1-إسقاط المكون العسكري وسلطته بشكلٍ تام.
2-حصر مهام الجيش في حماية الدستور، والدفاع عن الوطن والمواطنين من المهددات الخارجية، وحماية الحدود ، وأن يحصل رئيس مجلس الوزراء المدني على منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة ذات الطابع القومي والعقيدة الوطنية، وأن تخضع موازنة الجيش لولاية وزارة المالية.
3-يحدد الميثاق فترة انتقالية قوامها 4 سنوات، تعقبها انتخابات تنظمها مفوضية مستقلة وخلال هذه الفترة، يحكم مجلس وزراء مدني، يمثل السلطة التنفيذية والإدارية الفعلية للدولة.
عقبات في وجه قوى الثورة :
لقد اصطدمت قوى الثورة بعدة عقبات منذ انقلاب 25 تشرين أول الماضي أبرزها :
1-الانقسامات التي تسود صفوف " قوى الحرية والتغيير"، ففي حين انضم بعضها للمجلس السيادي الذي شكله البرهاني ، نرى أحزاباً عديدة من "قوى الحرية والتغيير" التي تشارك نسبياً في الثورة ، لا تزال تراهن على الحوار مع قيادة الجيش ، في حين أن التجمع المهني الذي يقود الثورة عملياً إلى جانب الحزب الشيوعي السوداني ولجان المقاومة يرفض أي حوار مع الجيش ، ويصر على الاستمرار في الثورة حتى إسقاط حكم ودور العسكر .
2-افتقار القوى الثورية إلى التحالفات الدولية ، فالإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي رغم اعتراضها على الانقلاب العسكري ، إلا أنها لن تفرط بالعسكر – حصانها الرابح- الذين سارعوا للتطبيع مع الكيان الصهيوني تنفيذاً للتعليمات الأمريكية ، إذ أعلنا أنهما لن يدعما أي رئيس وزراء أو حكومة يتم تعيينها دون انخراط واسع من المدنيين ، فالأمريكان والأوربيون يخشون من تطور قوى الثورة وفق شعارات معادية للغرب الاستعماري ، وبالتالي نراهم يسعون لاحتواء الثورة ، والمراهنة على الأطراف الليبرالية فيها.
3- هنالك قوى دولية وازنة ورئيسية مثل روسيا والصين في مجلس الأمن لم تحدد موقفاً رافضاً أو مدينا للانقلاب بل أن روسيا وعبر مندوبها في المجلس، لم تعتبر أن ما أقدم عليه البرهاني انقلاباً ، وذلك ارتباطاً بمراهنات على العسكر في الحصول على مشاريع اقتصادية ، خاصةً وأن الجيش يسيطر على مقاليد الحياة الاقتصادية من تجارة وصناعة وزراعة ألخ.
4- الدعم غير المحدود الذي يتلقاه العسكر من كل من السعودية والإمارات كونهم ساروا في ذات النهج التطبيعي مع الكيان الصهيوني ، وكونهم استمروا عل ذات نهج البشير في إرسال قوات سودانية للقتال في اليمن في إطار التحالف السعودي الإماراتي ضد الجيش واللجان الشعبية بقيادة حكومة صنعاء وأنصار الله .
لقد أطلقت الأمم المتحدة مبادرة بشأن عملية سياسية جديدة بهدف "استعادة مسار التحول الذي يحقق تطلعات الشعب السوداني"، مفادها "المشاركة في مبادرة الحوار كل أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين، بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة".
وقد أعلن تجمع المهنيين السودانيين والحزب الشيوعي رفضهما مبادرة الحوار التي أطلقتها الأمم المتحدة، وبينما رحبت قوى سودانية أخرى ومجلس السيادة بالمبادرة، وقال تجمع المهنيين في بيان له، في التاسع من شهر يناير ( كانون ثاني) الجاري ، أنه متمسك بلاءاته المعلنة من قبل قوى الثورة في وجه الجيش "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية"، حتى الوصول إلى سلطة مدنية خالصة تتيح تفكيك الشمولية ،وقال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي "كمال كرار" إنه لا حوار في ظل ما سماها سلطات الانقلاب في السودان، وإن الحوار مع هذه الحكومة الحالية مرفوض تماما.
وتجمع المهنيين السودانيين رغم إدراكه لهذه المعوقات ، وبحكم دوره القيادي مصر على الاستمرار في الثورة ، مراهناً على أن تطور العامل الذاتي للثورة كفيل بتغيير الظروف الموضوعية والعوامل الدولية لصالح الميثاق الذي يضمن قيام دولة مدنية .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا