الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يهوه-إله بني إسرائيل

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2022 / 1 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يهوه هو اسم الإله الرسمي لمملكة إسرائيل ومن بعدها مملكة يهوذا القديمتين. اسمه مؤلف من أربعة سواكن عبرية (ي، ه، و، ه فيما يعرف باسم تتراجراماتون أو رباعي الأحرف) التي يقال أن نبي الله موسى قد نزلها لقومه. فمن الممارسات الشائعة عبر الشرق الأدنى استعمال الصفات عوضاً عن أسماء الآلهة، نظراً لما يحيط بالأخيرة من هالة وقداسة خاصة تصل إلى حد تحريم لفظها مباشرة من قبل المؤمنين. لذلك استخدمت السواكن العبرية ي، ه، و، ه لتذكير المؤمن لكي ينطق الكلمة "أدوناي" أو "الرب" بدلاً من اسم الإله.

إلا أن كل تلك الضوابط والأحكام لم تسري على الإله سوى في زمن لاحق؛ وليس من الواضح متى بالضبط بدأت عبادة يهوه، أو من طرف من، أو كيف. وعن ذلك كتب الباحثان ج. ماكسويل ميلر وجون هـ. هايز:

لا زال الغموض يكتنف أصول نشأة اليهوهية (نسبة إلى عبادة الإله يهوه). وحتى النسخة المنقحة النهائية من سفر التكوين- الملوك الثاني [من الكتاب المقدس] تعرض تبايناً في وجهات النظر حول هذه المسألة. هكذا نجد أن سفر التكوين 4:16، الذي نسبه النقاد الأدبيون إلى ما يدعى مصدر ’يهوهي‘، أرجع عبادة يهوه إلى البدايات الأولى للجنس البشري، بينما هناك فقرات أخرى تنسب وحي يهوه وعبادته إلى موسى [في سفر الخروج]. (111)

من جانب آخر، لا يتفق الباحث بجامعة بن غوريون، نسيم أمزالاج، مع ما يقال حول ضبابية أصول نشأة الإله يهوه ويدعي أن هذا المعبود كان في الأصل إلهاً للحدادة وراعياً للتعدين في العصر البرونزي (3500-1200 ق.م.). ثم يذكر أمزالاج على وجه التحديد وتأييداً لادعائه مناجم النحاس القديمة بوادي تمناع (في جنوب إسرائيل) وفقرات من الكتاب المقدس ومن غيره، وأوجه شبه بين يهوه وبين آلهة التعدين في ثقافات أخرى.

رغم تقديم الكتاب المقدس ليهوه كإله للإسرائيليين، لكن هناك فقرات كثيرة تظهر أن هذا الإله كان يُعبد أيضاً من قبل أقوام أخرى في كنعان.

رغم تقديم الكتاب المقدس، خاصة سفر الخروج، ليهوه كإله للإسرائيليين، لكن هناك فقرات كثيرة تظهر أن هذا الإله كان يُعبد أيضاً من قبل أقوام أخرى في كنعان. ويضيف أمزالاج أن أقواماً قديمة مثل الادوميين والقينيين والموآبيين والمديانيين كانوا جميعاً يعبدون الإله يهوه بدرجة أو بأخرى وأن هناك دليل على أن الادوميين الذين شغلوا المناجم في تمناع قاموا أيضاً بتحويل معبد مصري مهجور للإله حتحور إلى عبادة الإله يهوه.

على الرغم من أن روايات الكتاب المقدس تصف يهوه باعتباره الإله الخالق الواحد الأحد، رب الكون، وإله الإسرائيليين على وجه الخصوص، لكنه كان أيضاً وعلى ما يبدو إلهاً كنعانياً من حيث الأصل ويأتي في تسلسل الألوهية بعد الإله الأعظم إيل. كما تظهر النقوش الكنعانية الإله يهوه في مرتبة أقل شأناً وحتى سفر التثنية الكتابي يورد أن "الإله الأعظم إيل وزع على الأمم ميراثها" وأن "نصيب يهوه هو قومه ويعقوب وميراثه المخصص له" (32:8-9). هذه الفقرة تعكس المعتقدات المبكرة للكنعانيين والإسرائيليين في تعدد الآلهة أو، بدقة أكثر، تعدد التوحيد (الاعتقاد بوجود آلهة عديدة رغم التركيز على معبود أعظم واحد أحد). هكذا لا يعدو الادعاء بأن إسرائيل كانت دائماً تعبد إله واحد إلا أن يكون اعتقاد لاحق تم إسقاطه على الأيام الأولى لتطور إسرائيل في كنعان.

لقد فُسر الاسم ’يهوه‘ بما يعني "خالق الخلق" أو "واجد الوجود"، من جملة تفسيرات أخرى قدمها علماء كثر. ثم في أواخر العصور الوسطي غير الرهبان المسيحيون ’يهوه‘ إلى ’جهوفه‘، وهو الاسم الشائع الاستخدام هذه الأيام.

دُونت شخصية يهوه وصفاته الإلهية عقب الأسر البابلي في القرن السادس قبل الميلاد ودونت الكتب المقدسة العبرية خلال حقبة الهيكل الثاني (515 ق.م- 70 م) لتتضمن مفهوم المسيح الذي سيبعثه يهوه رسولاً للشعب اليهودي لكي يقودهم إلى الخلاص ويفتديهم. وفيما بعد زاد المسيحيون الأوائل على صقل الإله يهوه ليصبح خالق الكون وحافظه ومخلصه الأعظم دون شريك أو منافس كإلههم الذي بعث لهم ابنه يسوع في صورة مسيحهم الموعود، ثم فسر الإسلام نفس هذا المعبود ليكون الله في صدر منظومتهم الاعتقادية الإسلامية.
__________________
ترجمة: عبد المجيد الشهاوي
رابط المقال الأصلي: https://member.worldhistory.org/Yahweh/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو