الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصرون؛ رواية لفيصل حوراني

مهند طلال الاخرس

2022 / 1 / 19
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


المحاصرون..رواية لفيصل حوراني من القطع المتوسط تقع على متن ٢٣٢ صفحة، وهي صادرة بطبعتها الاولى سنة ١٩٧٣ عن نفس الكاتب، والرواية صدرت بطبعتها الثانية على متن ٢٠٠ صفحة عن المؤسسة الفلسطينية للارشاد القومي سنة ٢٠٠٤ .

وفي معرض تقديمه للرواية في طبعتها الثانية كتب حوراني : "هذا النصّ هو إعادة إنتاج للرواية التي عنوانها (المحاصرون) والتي نشرتها العام ١٩٧٣، وكانت أول نصّ أدبي أكتبه ، ثم لم أعد نشرها، وإعادة الإنتاج هذه اقتضتها دوافع فنية في المقام الأول".

المحاصرون؛ رواية لفيصل حوراني، تتحدث عن أحداث ايلول الاسود في الاردن، والذي وقعت احداثه بين الفدائيين الفلسطينيين من جهة والنظام الاردني وجيشه من جهة اخرى.

الرواية كتبت بصورة تسجيلية سلسة ومشوقة، وهي ذات احداث واقعية، ولا تخلوا الرواية من المواقف النقدية ايضا لكثير من المظاهر والممارسات والشعارات في حينها، وبالاضافة لكل ذلك فالرواية بعيدة كل البعد عن البغضاء والتهويل والفبركة، وتتناول الرواية الاحداث بصورة تحبس الانفاس وتدمي القلب، لكنها مشبعة بكثير من العنفوان، كل هذا من خلال سيرة بطل الرواية خالد وحبيبته سميرة.

هذه الرواية تعد من بواكير الاعمال لفيصل حوراني أقل ما يقال عنها رائعة خاصة انها من الروايات القليلة التي كتبت وتناولت احداث ايلول الاسود، دون اغفال عن تناول جوانب الموضوع المختلفة مثل: استعراض النكبة والنكسة واندلاع الثورة وسنوات العنفوان في الاغوار الاردنية وبداية الاحتكاك بين قوات الثورة والنظام الاردني وجيشه وصولا الى حصول الصدام، ثم الاعتقال في سجن الجفر، مع عرض لصور متعددة من التعذيب والتحقيق في المعتقل، والتي يقودها الضابط الرائد.

تندلع حرب حزيران وبطل الرواية خالد في المعتقل لدى النظام الاردني، يطلق سراحهم مع اندلاع الحرب وسقوط الضفة، ينضم خالد لصفوف الثورة ويتعرف على سميرة المنضمة ايضا لصفوف الثورة.

في الرواية يجتمع خالد مع سميرة، من خلال تقاطع سيرتهما، فخالد هاجر واهله من المسمية على اثر النكبة ١٩٤٨ الى غزة ، ومن هناك يذهب الى دمشق حيث اقارب له ويكمل دراسته الجامعية، وهي اشارة الى سيرة الكاتب نفسه.

بينما سميرة يهجر اهلها من حيفا ويرتحلون الى دمشق ثم الكويت لغاية العمل وكسب الرزق، في الكويت تتعرض العائلة لكثير من المواقف السلبية والتي تنتقص من ادميتهم وفلسطينيتهم، من هذه المواقف قيام عجوز كويتي سبعيني بطلب يد سميرة ابنة ١٧ عاما، وترفض سميرة، وعلى اثر تدخل سافر من العجوز الكويتي ترحل سميرة واهلها لمصر.

يجتمع خالد وسميرة وتدور حولهم الاحداث ومن خلالهم تطرح القضايا الى ان تندلع احداث ايلول الاسود، ويعتقل خالد وسميرة، وفي السجن يتبادلان الرسائل عن طريق السجان المعاقب اصلا بهذا الموقع.

حاول الكاتب ملامسة وجع التجربة الفلسطينية اثناء المرحلة الاردنية وان غيب الكاتب المكان والشخوص والاسماء، لتعبرّ هذه التجربة الفردية التي عرضها الكاتب عن الأنا الجمعية الفلسطينية التي تعرّضت للاستلاب والتغريب والتذويب والإهانة.

وخالد الذي يقبع في المعتقل، ورغم ما يعانيه من فعل التعذيب والإهانة والاستهداف يبقى صامداً ولا ينهار، لتختتم الرواية بفكرة الإرادة الفلسطينية الصلبة التي ترفض الإذعان والرضوخ مهما دارت الدوائر ..

وبالرغم ضيق الزنزانة ووحشية العزل وانفراديته إلاّ أن الذاكرة تنثال بحرقة وحرفية، حيث تشكل بتداعياتها واوجاعها سيرة الفلسطيني المغضوب والمتآمر عليه من الجميع..

في الزنزانة وعبر حالة وجدانية وقائعية تجعلنا نتعرف وبوضوح إلى خالد وبداياته وهواجسه ويومياته وتفاصيل العمل الحزبي والضغوط النفسية التي يمّر بها المعتقلون ..

ومن هنا فإن عنوان الرواية (المحاصرون) يحمل رمزية عالية نجحت بتلخيص احداث الرواية بشكل رائع يحسب للكاتب، هذا علاوة ان اسم الرواية ومن خلاله استطاع الكاتب كشف الغطاء عن أولئك الذين وقعوا في الأسر، وإشكالية العلاقة مع السجان والمحقق في المعتقل ..

هذه الرواية تضاف الى سلة الاعمال الادبية الخالدة التي كتبت عن فترة احداث ايلول الاسود مثل: حبيبتي ميليشيا لتوفيق فياض، حب اقوى من الانتقام لبرهان نهاد جرار، كتابات على جدران الزنزانة لغازي الخليلي، موسم الثلج الحار لمحمود عيسى، الرحلة الاخيرة لهشام شرابي، الصبار لسحر خليفة، بوصلة من اجل عباد الشمس ليانة بدر، الوطن في العينين لحميدة نعنع، خط الافعى لليلى عسيران، العشاق والبكاء على صدر الحبيب لرشاد ابو شاور، الكلمة والبندقية مجموعة الاذاعة، اسير عاشق لجان جنييه، قصة مستشفى الاشرفية وايلول في جنوب الاردن لمحجوب عمر، ١١ يوم مات بعدها جمال عبد الناصر ليسري هاشم، وقصائد منقوشة على مسلة الاشرفية كتاب لمجموعة من الشعراء...

من الرواية:

"..كم كان يقول لهم اذا لم نكون تنظيما سياسيا مدربا على العمل في كل الظروف فإن بنادقنا ستصبح بغير فائدة،كانوا يعتقدون ان البندقية هي كل شيء.."

"اخرس ياقلم ودو يارصاص !هذا شعار الثوار ايها الرفاق!بصدورنا اذا عزت المتاريس، بزنودنا اذا عزت البنادق، بأظافرنا اذا عزت الحراب، سنحطم الاستسلام والمستسلمين، سنقضي على المشاريع المشبوهة، سندمر قرار مجلس الامن، سنحفر قبر الحل السلمي والتسويات السياسية.."

رواية كتبت بمداد من دم وروح، وهي تستحق ان تعتلي رفوف مكتباتنا بجدارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان