الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق اختار التضخم المالي مقابل توفير فرص العمل

محمد رضا عباس

2022 / 1 / 20
الادارة و الاقتصاد


انها حقيقة , هناك علاقة عكسية وقوية بين نسبة التضخم المالي ونسبة البطالة في البلاد في الأمد القصير. أي قلة العاطلين عن العمل يقابلها زيادة في نسبة التضخم , والعكس صحيح. بهذه المعنى , فان زيادة لمصاريف الحكومية والأهلية خلال فترة معينة يؤدي الى زيادة الإنتاج , وفي الحالة العراقية زيادة في عدد المسوقين وتفرعاتها , زيادة الطلب على الايدي العاملة (بكل أنواعها) , وانخفاض في عدد العاطلين عن العمل. مرة أخرى , سيرجع سوق عمال البناء بكل اختصاصاتهم الى عافيته , عدد الزائرين الى المطاعم والفنادق سيكبر , زيادة الطلب على سواق السيارات والشاحنات , وربما زيادة في التوظيف الحكومي من شرطة وقوات امنية , مدرسين , ومهندسين. بالمقابل , فان الزيادة في الطلب العام (زيادة المصاريف الحكومية والأهلية على السلع والخدمات) يؤدي الى تزاحم المشترين , مما يؤدي الى زيادة في الأسعار , او التضخم المالي.
نسبة زيادة التضخم يعتمد على قدرة البنك المركزي على السيطرة عليها , لان الافراط في المصاريف الحكومية والأهلية قد يؤدي الى تضخم مالي مفرط يحرق جيوب المواطنين , ولاسيما أصحاب الدخول الثابتة. ولا نحتاج هنا الى مثل لذلك التضخم المفرط الى العراقيين , حيث تكوا جميعا بحرائقه في زمن المقاطعة الاقتصادية العالمية ضد العراق بعد ان احتل العراق دولة الكويت الشقيقة.
باعتقادي ان نسبة تضخم حتى وان وصلت الى 10% في العراق هي نسبة معقولة , اذا استطاعت هذه النسبة ان توفر عمل محترم الى حمد. العاطلين عن العمل , وخاصة الشباب منهم , يشكلون خطرا حقيقيا على الامن الوطني , الحياة الاجتماعية , وعلى أنفسهم وعوائلهم. العاطل عن العمل يعيش في دوامة القهر والحرمان , خيبة امل , مرارة العازة , الدونية والانزواء. عائلة العاطل عن العمل تنظر الى أولادهم نظرة الحزن والقهر وهم ينظرون الى أولادهم يقضون ايامهم في البيت او المقاهي بدون عمل , وهم في مجد قوتهم وعطاءهم. وصدقني , ان انتشار تجارة المخدرات بشكل مرعب بين الشباب ما هو الا انتاج البطالة وقلة فرص العمل. وان قلة فرص العمل والفقر هي التي أدت الى ازدهار تجارة الأعضاء البشرية , والى موجة التسول , الجريمة , والبغاء والدعارة.
ودعني ان اخرج عن صلب الموضوع قليلا وأقول , ان من قدم نفسه لحكم العراق , كل السياسيين من غير استثناء, يجب ان يحاسب امام الشعب عن اخفاقهم بإدارة الاقتصاد الوطني. ميزانية الدولة العراقية هي الأعلى في المنطقة , وبدون شك الأعلى بين الدول القريبة من عدد سكان العراق , ولكن مع هذا بقيت التنمية الاقتصادية بطيئة , وبقي العراق يعتمد على بيع النفط , ولم تستطع الحكومات المتعاقبة من إعادة الحياة الى القطاع الزراعي والصناعي ولم تستطع حل مشكلة الانقطاعات الكهربائية ولا مشكلة السكن. ان الحكم يحتاج الى عقول وخبرات ووطنية وتضحية وحب الاخرين. مع الأسف , لقد غابت هذه الوجوه عن العراق بعد التغيير. طبعا , لا أعني ان النظام السابق للتغيير كان أحسن من الذي تلاه , على العكس , وانما أساس كل ما يجري في العراق من إخفاقات أساسه النظام السابق. على كل حال نقول لقادة العراق النشامى ان قيادة البلد مثل العراق ليس بالعنتريات والمحسوبة والمنسوبية ولا بحب الطائفة وبحب القومية , وانما في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
كما ارجوا ان لا يفهم ان كل من تسلم وظيفة حكومية في العراق بعد التغيير من الفاسدين او من الجهلاء. لا , هناك من تسلم مناصب حكومية رفيعة من النجباء والعفيفين وهم قادرون على قيادتها، ولكن موجة الفساد الإداري والمالي قد اغرقتهم واسكتت أصواتهم. أتمنى على القيادة الجديدة ان تعي درس الانتخابات الأخيرة وأتمنى ان يتذكر قادة البلاد القدامى والجدد ان المال زائل مهما كان حجمه ولا يبقى الا الاسم , وسيذكرهم العراقيون بالخير ان كانوا من المصلحين وبالشر ان كانوا من الفاسدين.
رجوعا الى صلب الموضوع , نسبة التضخم المالي في العراق في العام الماضي كان حوالي 6.5% , فيما ان النمو الاقتصادي كان حوالي 5% , مع بقاء نسبة العاطلين عن العمل بين 15% و20% , وبين الشباب تزيد على 25%. لهذا السبب فقد صرح الأستاذ مظهر محمد صالح ان البنك المركزي العراقي سيقوم بطرح مبلغ ترليون دينار عراقي من اجل تشجيع القطاع الخاص ودعم التنمية الاقتصادية.
القرار كان في محله وسوف يساعد الاقتصاد الوطني بالاندفاع نحو النمو وتوفير فرص العمل وخاصة لشريحة الشباب , اذا استخدمت هذه الأموال بالطرق الصحيحة. المضاعف الاقتصادي , يعني ان المصاريف العامة (الحكومية والأهلية) تتضاعف بحجم هذه المضاعف , وعليه فان مضاعف يساوي 2 وهو رقم متفق عليه بين الاقتصاديين للدول الغير صناعية , سيرفع مبلغ ترليون دينار الى 2 ترليون دينار , وهو مبلغ بدون شك سيحرك السوق العراقية , خاصة إذا استعمل هذا المال في شراء وانتاج بضائع عراقية , والا ان صرف هذا المبلغ على البضائع المستوردة سوف لن يضيف شيء الى الاقتصاد العراقي. وفي هذه المناسبة , فان قبل يومين دعا الرئيس الصيني الدول الصناعية الى عدم رفع الفوائد. هذه الدول رفعت نسبة الفوائد من اجل السيطرة على التضخم المالي في بلادهم , ولكن هذه السيطرة سوف تؤثر سلبا على الاقتصاد الصيني , لان انخفاض المصاريف في الدول الصناعية يؤثر سلبا على حجم الصادرات الصينية والتي تعاني من انخفاض في نسبة التنمية الاقتصادية بمقدار 4%. بمعنى , ان الصرف على الاستيرادات مهما بلغ حجمها لا ينفع البلد بقدر ما ينفع البلد المصدر للبضائع , فتفقهوا يا اولو الابصار.
وعليه , فان توفير عمل الى حمد سيحرر حمد من الاعتماد على الوالد والعمة والخالة , ويرجع حمد شعوره بالفخر والاعتزاز , ويرسم على وجه الجد والمثابرة , وينظر الى المستقبل نظرة تفاءل وازدهار. مع هذا المبلغ سوف لا تبقى نسبة التضخم المالي 6.5% , وربما سوف ترتفع قليلا, ولكن حمد لا يهمه كثيرا اذا قضم التضخم المالي مبلغ صغير من راتبه الشهري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل


.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ




.. متحدث مجلس الوزراء لـ خالد أبو بكر: الأزمة الاقتصادية لها عد


.. متصل زوجتي بتاكل كتير والشهية بتعلي بدرجة رهيبة وبقت تخينه و




.. كل يوم - فيه فرق بين الأزمة الاقتصادية والأزمة النقدية .. خا