الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
كتاب -الإنسان والعلم والإيمان- يبرز أهمية العلم
صلاح شعير
2022 / 1 / 21قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
صدر عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بالقاهرة كتاب "الإنسان والعلم والإيمان"، للكاتب خالد عبد الفتاح، ويقع الكتاب في 234 من القاطع الكبير، وقد تتطرق المؤلف إلى التاريخ العلمي للعرب، الذين عرفوا التعليم الجامعي من خلال جامعات: الأزهر بمصر، الزيتونة بتونس، والقرويين بالمغرب، ويرجع الفضل للعلماء العرب في بناء القواعد العلمية لبعض المعارف، حيث اخترع بن موسي الخوارزمي المولود 781 ميلاديًا الصفر، وطريقة حل المعادلات الخطية والتربيعية.
وقد توصل أبو الكيمياء جابر ابن حيان (721: 815م) إلى أن كل المجودات بما فيها الكائنات الحية ما هي إلا نتاج العناصر الأساسية بنسب خلط مختلفة، واعتقد بناء على ذلك أن الحياة يمكن أن تنشأ داخل المعامل، إذا ما توصلنا إلى نسب الخلط الصحيحة، وهو ما تحقق لاحقًا من خلال أطفال الأنابيب والاستنساخ.
وفي مجال الجغرافيا نجد أن البيروني هو أول من أشار إلى أن الأرض كروية وتدور حول محورها. أما حسن بن الهيثم هو أول من قام بتشريح العين، علاوة على وضع معادلات الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية. إضافة إلى الكثير من العلماء مثل بن سينا في مجال الطب، ومحمد الإدريسي في رسم الخرائط، وابن رشد مؤسس علم الاجتماع.
أولا: العلم في العصر الحديث: برزت التطورات العلمية في العصر الحديث انطلاقا من العالم الغربي عقب الثورة الصناعية بصفة عامة، وظهر عصر النفط نع حفر أول بئر عام 1854 بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذا أدى إلى نمو صناعة المركبات المتحركة التي تعمل بالوقود، وخاصة عندما نجح الألماني "رودولف ديزل" في اختراع آلة احتراق تعمل بالهواء المضغوط، عام 1893. ثم توالت بعد ذلك الاختراعات العلمية بداية من الذرة حتى تكنولوجيا التشفير الرياضي الحالية. ويمثل البعد الاقتصادي محركًا للتطوير الاكتشافات العلمية، فعندما تصل تكاليف الإنتاج والتشغيل إلى المستوي المناسب، تترجم الاختراعات إلى سلع تامة الصنع؛ وهذا يحقق الإشباع للمستهلك.
ثانيًا: الوجه العكسي للنظريات العليمة: وهي النتائج العلمية التي تنشأ عكس الأنماط التطبيقية القائمة، وقد أثبتت الاكتشافات أن هناك نمط تطبيقي جديد على خلاف بعض النظريات القائمة، فعلى سبيل المثال تشير الهندسة "الإقليدية" إلى أن المستقيمين المتوازيين لا يلتقيان مهما امتدا، ويمكن أن تشأ هندسة أخرى يلتقي فيها المستقيمان المتوازيان. وبالنسبة للأسطح المستوية فإن مجموع زوايا المثلث تتكون من 180 درجة، بينما رسم المثلث على الأسطح المحنية أو الكرة تزيد زواياها عن 180 درجة.
ورغم أن الصيغة القانونية التي تثبت زيادة حجم الغاز مع زيادة درجة حرارته المطلقة عند ثبات الضغط قاعدة حاكمة؛ إلا أن العلماء قد لاحظوا عند التطبيق أن هذه القاعدة لا تصلح إلا مع الماء الذي يضخ في "المواسير"، ولا تصلح عند ضخ السوائل الأخرى، نظرًا لاختلاف اللزوجة، وهذا يتسبب في حدوث انفجارات أو تسريبات.
ثالثًا: أنواع الأخطاء العلمية: ورغم أن العلم هو أمل البشرية في الارتقاء والتقدم، إلا بعض الأخطاء تتنوع بين أخطاء غير مقصودة؛ نتيجة الفروض الخاطئة، أو أخطاء مع سبق العمد الترصد ومنها: التدليس، والتزوير والانتحال، ويمكن مناقشة ذلك من خلال عدة مستويات منها:
1- الفروض الخاطئة غير المقصودة: قد يبني بعض العلماء نظرياتهم على معطيات غير دقيقة، وربما تكون تلك المعطيات هي المعلومات السائدة في الأوساط المحيطة بهم، ومن أشهر هذه الأخطاء هي ما وقع فيه العالم الكبير "أينشتين"، عندما أضاف عاملا لا داعي له، وليس له أصلاً تجريبًا، لمعادلته في النظرية النسبية العامة، لكي تتسق هذه النظرية مع فكرة الكون ثابت الأبعاد والذي لا يتمدد، إلا العالم الفلكي "هابل" أثبت بمشاهدته عام 1929 أن الكون يتمدد ويتسع، ونجومه ومجراته تتباعد.
2 - أخطاء النشر العلمي: وبعد قيم بعض بنشر أحد الأبحاث، الخاصة بمجال الملامسات المادية بالمفاعلات، والتي يتم فيها خلط الماء بالسوائل من أجل إجراء انتقال ما بينهما، أكتشف علماء آخرون أن النتائج المنشورة تكسر القانون الثاني للديناميكا الحرارية. وتلك هي ميزة نشر الأبحاث العلمية المحكمة في دوريات علنية.
3 - التدليس العلمي: وهي نوع من الأخطاء المقصودة، وينحرف بها العلماء عن الأصول العملية الرصينة، وقد حدث ذلك في عام 1989م بالولايات المتحدة، عندما أعلن العالمان "بونز" و "فليتسمان"، عن نجاح تجربتهم في تطبيق عملية الاندماج النووي البارد، بدون حرارة، وهذا عكس النمط السائد، وظهرت الحقيقة فيما بعد، حيث تم تزوير التجربة التي شاهدها الصحفيون، وفقد كانت عبارة عن مرور تيار كهرباني في خلية كهروكيميائية، وقد لجأ العالمان إلى هذه الحيلة، لأن بعض المعلومات المغلوطة التي تسربت؛ قد أشارت إلى العالم "جونز" المشرف " على أبحاثهم النظرية في هذا المجال، قد توصل إلى نتائج معملية حول الاندماج النووي البارد، فأردا أن يسبقاه بهذا الإعلان الزائف، وإثبات هذا الشرف لنفسيهما.
العلم الكاذب: وهي العلم الذي لا أساس له، ويمثل الروسي "ليسنكو" نموذجًا من الدجل والحماقة، فقد ألغى هذا المدعي علم الورثة في النباتات، وكانت بدايته بتقدم بحث نظري إلى أحد المؤتمرات في 169 صفحة عن الزراعة، دون أن يكون هذا البحث مصحوبًا بتجارب معملية، وذلك حول تأثير انخفاض درجات الحرارة على النباتات، ورغم أن هذا ليس بجديد، تم استضافته في مؤتمر عن الحصاد بالكرملين عام 1935م، وذكر أرقاما مزورة ونتائج غير حقيقة، ووصف معارضيه من العلماء بأعداء الثورة، واستمال بهذا الحديث الثوري الزعيم السوفيتي "ستالين"، والذي نهض مصفقًا وهو يقول: "برفوا أيها الرفيق لينسكو"، ورغم أن الأخبار الواردة ذكرت أن إنتاجية الولايات المتحدة من الذرة قد بلغت نحو 220 مليون طن، عن طريق الذرة التهجين؛ ظلت القيادة السياسية تدعم هذا العالم المزور؛ تحت حجة أن إسقاط هيبة عالم الثورة "لينسكو" من إسقاط هيبة الزعيم، وراحت الحومة تدعمه رغم فشله، وظهر كذبه بدرجة لا لبس فيها؛ عندما احتلت ألمانيا أوكرانيا ذات الحقول الخصبة، وحدثت ندرة في الغذاء، وتيقن الجميع بأن أراء العلماء الذين أعدموا أو سجنوا بسبب معارضة أرائه، كانت صحيحة، وتم عزله بعد سقوط "ستالين", ولكنه عاد لللعب بعقل الزعيم السوفيتي الجديد "خروتشوف"، فأعاده مرة أخرى، ليشرف على مشروعات وهمية مثل: قمح لينسكو؛ دجاج ليسنكو، أبقار ليسنكو.
الدرس من هذه المشكلة أن الأيدولوجية السياسية؛ يجب ألا تسيطر على الحقائق العلمية، لأن إزاحة أهل الخبرة تحت شعار الثورة، يهد مستقبل التنمية، وخاصة بالمشروعات التي تدمغ بالطابع السياسي للزعيم، أو الحزب، أو الجماعة الحاكمة، وأن نقد إصلاحي يتم تصوير على أنه محاولة لإسقاط النظام، وتلك هي مشكلة التنمية في العالم الثالث، ومن هنا على متخذ القرار في البلدان النامية؛ الفصل بين القرار السياسي والاقتصادي على اعتبار أن النقد ليس له علاقة بشخص الحاكم، وإنما بالجدوى الاقتصادية للمشروع في حد ذاته.
رجال الدين والعلم: تبرز تلك المشكلة عندما يعتري بعض رجال الدين عدم الفهم، بتحريم العلوم التجريبية، وهذا النهج كان قائمًا في العصور الوسطى، عندما تم وضع رقاب بعض العلماء تحت مقصلة الكنيسة، والحكم علي أصحاب العقول المبدعة بالهرطقة، ثم حبسهم أو إعدامهم لمجرد أنهم يفكرون، وفي عالمنا العربي مازال البعض يفتي بدون علم، فعلى سبيل المثال وجدة فتوى في عام 2006 على الإنترنت، نسب فيها إلى الذهبي أنه قال: "والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره: علم السحر والسيمياء والكمياء والشعوذة".
المشكلة أن وضع الكيمياء كعلم هو أساس صناعة الدواء والصناعات الغذائية وغيرها؛ ضمن المحرمات لا علاقة له بالدين، لأن الشريعة الإسلامية لم تحرم ما يفيد البشر، ومثل هذه المقولات هي التي يجب أن ينقى منها التراث الإسلامي منها متى وجدت، أو كشفها سواءً كانت أخطاء مورثة، أو قد دست قديما أو حديثًا إلى أحد كبار العلماء.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل -البنية التحتية الهشة- في دبي هي السبب وراء الفيضانات؟|ال
.. الألعاب الأولـمبية: أين وصلت الاستعدادات في فرنسا؟
.. كيف تنتهي لعبة إيران وإسرائيل الخطيرة؟ وبيد من ورقة الانتصار
.. بايدن رهينة الصوت الأمريكي المسلم #شيفرة
.. نيويورك تايمز تمنع استخدام مصطلحات تنحاز إلى فلسطين