الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاشية الأوكرانية، والإمبريالية الأمريكية، والطموح الإمبراطوري الروسي، والخطر المحدق بالعالم (3/1)

منذر علي

2022 / 1 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قبل أشهر قليلة حشدت الحكومة الأوكرانية، بمساعدة غربية، قوة عسكرية كبيرة على حدودها الشرقية للانقضاض على المعارضين الأوكرانيين لسياستها والمواليين لروسيا في إقليم دونباس وغيره من المناطق الشرقية الأوكرانية، ثم زعمت، مُسْتَدِرَةً الشفقة الغربية نحوها، أنَّ روسيا حشدت قوة عسكرية ضاربة في حدودها الشرقية، وأنها على وشك أن تغزوها، وطلبتِ المساعدة من حلف الناتو، وبشكل خاص، من الولايات المتحدة الأمريكية لصد ما عدته العدوان الروسي المرتقب على أراضيها. وتجاوب الغرب مع أوكرانيا وأثار ضجيجًا مدويًا، ومد أوكرانيا، بشكل سري ثم بشكل علني، بمزيد من الأسلحة، وهدد روسيا، وأبدى استعداده لمعاقبتها بشكل قاسٍ، إذا تجرأتْ، هذه الأخيرة، وغزت أوكرانيا. وردتْ روسيا بقوة على التهديدات الغربية والأمريكية، وأقامت مناورات عسكرية في أراضيها المحاذية لأوكرانية، وأطلقت مجموعة الصواريخ الجديدة، فوق الصوتية، ووعدتْ بأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها. وعلى إثر هذه التصريحات الحادة والمتبادلة، توترت العلاقات المتوترة أصلًا وبلغت ذروتها بين القطبين الكبيرين، روسيا وأمريكا. و في العاشر شهر يناير الجاري، التقي في جنيف وفد روسي، برئاسة نائب وزير الخارجية، سيرجي ريابيكوف، وآخر أمريكي، بقيادة نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان في محاولة لنزع فتيل التوتر بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأوضاع في أوكرانيا.
جذور المشكلة:
عقب سقوط ميخائيل غورباتشوف، رائد كارثتي "البروسترايكا والجلاسنوست" (إعادة البناء والعلنية) سنة 1991، وإزاحة الحزب الشيوعي من الحكم ، وصعود بوريس يلتسن وجماعته، والتفكك المؤسف للاتحاد السوفيتي، الذي تم بفعل تضافر جملة من العوامل كالفساد البيروقراطي في قمة الهرم السياسي، ونشاط المافيا الداخلية، والجمود الاقتصادي، والحصار الخارجي وحرب أفغانستان والدور التخريبي للمخابرات الغربية، برزت حركتان شعبيتان على المسرح السياسي في جمهورية أوكرانيا وثيقتا الصلة بما يجري من تجاذبات بين روسيا الاتحادية والغرب حول الشأن الأوكراني.
الأولى، حركة أوكرانية شعبية مشروعة، برزت عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، وكانت تهدف إلى تصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية المختلة، وصون المكتسبات التقدمية للتجربة الاشتراكية، والحفاظ على الروابط الأخوية التاريخية مع روسيا الاتحادية وبيلاروسيا ومجموعة دول الاتحاد السوفيتي المستقلة. وكانت هذه الحركة الشعبية تحظى بدعم الدولة الروسية لاعتبارات وطنية وتاريخية واستراتيجية، وتحظى، بشكل خاص، بدعم الحزب الشيوعي الروسي لاعتبارات عقائدية ووطنية وأممية.
الثانية، كانت حركة شعبية، مضادة، في اتجاهها العام، للحركة الشعبية التقدمية الأولى، وكانت تقود الحركة الثانية نخبة شعبوية، متجذرة في نزعتها الفاشية، تمتد في التاريخ إلى منظمة" القوميين الأوكرانيين" الفاشية، بقيادة ستيبان بانديرا، التي تأسست سنة1941، بمباركة نازية بعد الهجوم المضاد للجيش الأحمر في معركة ستالينغراد. وهذه المنظمة الفاشية، المتلفعة بالشعارات القومية، تعاونت مع الألمان إبان الحرب العالمية الثانية ضد الدولة السوفيتية، ولكنها سُحِقت، وأنتصرَ الاتحاد السوفيتي.
الحركة الفاشية الأوكرانية والغرب
هذه الحركة الفاشية الأوكرانية التي تعاونَ قادتها في الماضي مع الفاشية الألمانية، ضد الدولة السوفيتية، تدعو اليوم إلى تبني الرؤية الليبرالية الجديدة على صعيد الاقتصاد، و إلى اجتثاث القيم السياسية التقدمية في المجتمع الأوكراني، المترسخة منذ العهد البلشفي، وإلى حظر الحزب الشيوعي الأوكراني، وقد نجحت في ذلك، وإلى تعميم الرؤى السياسية العنصرية في المجتمع تُجاه الأعراق الأخرى، ولا سيما من ذوي الأصول الروسية، الذين يشكلون حوالي 30% من مجموع سكان أوكرانيا، و إلى الالتحام بالغرب الإمبريالي، والدخول في حلف الناتو، و الوقوف مع الغرب صفًا واحدًا في مواجهة روسيا الاتحادية، وتمزيق الروابط التاريخية معها، وتقويض كيانها السياسي، وهي اليوم، وكما كانت في الماضي، مدعومة من الدول الغربية وبشكل خاص من قِبَلِ الأوساط الفاشية في تلك الدول.
أوكرانيا وصعود الفاشية
كانت الصراعات بين الكتلتين المتناقضتين، الشعبية التقدمية والشعبوية الرجعية، على أشدها بين 1991- 2013، ولكن الصراعات بلغت ذروتها في فبراير 2014 حينما فشل الحراك الشعبي التقدمي في أوكرانيا وسقطت السلطة السياسية في كييف في أيدي القِوَى الفاشية، على الرغم من وجود مجتمع متفتح ووجود قاعدة تعليمية راسخة. لِمَاْذَا؟
لأن قيادات الحراك الشعبي التقدمي كانت جامدة ومتخشبة وتفتقر إلى الحيلة وتنزع إلى المثاليات، وكانت القيادة الروسية مشغولة بهمومها المتعددة على الصعيد الوطني والدولي، فيما كان الحراك الشعبوي الرجعي ناشطٌ ويقظ، ومدرب ومبادر، وكان المخططون الغربيون، ولا سيما الولايات المتحدة، ماهرين وقادرين وأهدافهم واضحة وخططهم متقنة.
الأوهام الأوكرانية والاستخبارات الغربية
تشابكت الأوهام الأوكرانية البريئة مع نشاط الاستخبارات الغربية الماكرة عبر حلقة الجماعات الفاشية. إذْ انطلقت "الفورة الشعبية" من الأوهام الليبرالية، التي بثتها القِوَى الإمبريالية الكبرى، بغية اجتثاث اليسار في أوكرانيا وتطويق روسيا الاتحادية، المُنَافِسة والمناهضة للتوسع الغربي.
فالجماهير الشعبية الأوكرانية، في فبراير 2014، تحركت ضد النظام الشرعي، المنتخب ديمقراطيًا، رغبة في الالتحاق بالاتحاد الأوربي، وفتح الأبواب للعمالة الأوكرانية لكي تتمكن، بشكل قانوني للانتقال، دون قيود، من أوكرانيا إلى سوق العمل في الجزء الغربي من أوربا، ولا سيما إلى الدول الغنية، مثل ألمانيا وفرنسا، وهولندا، وبريطانيا، وغيرها.
غير أنَّ وكالات الاستخبارات الغربية، وبشكل خاص الأمريكية، ولأسبابها الخاصة، استغلت هذه الدوافع الإنسانية الطبيعية لدي المواطنين الأوكرانيين، ولا سيما لدي الشبيبة، و عملت من خلال الجماعات الأوكرانية الفاشية المرتبطة بها وأجهزة الدعاية الغربية، على حقن عقول الشباب بكثير من الأوهام، وأنفقت الاستخبارات الأمريكية ما يزيد عن 5 مليار دولار، كما تؤكد التقارير الغربية الموثقة، من أجل إسقاط السلطة الشرعية في أوكرانيا، بقيادة، فيكتور يانوكوفيتش، وإفساح الطريق أمام القِوَى الفاشية في أوكرانيا المناهضة لروسيا الاتحادية والموالية للغرب الإمبريالي، وقد أفلحت في ذلك.
للحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اممعه ذليله للوحوش من بعض الروس العدوانيين ماتستحي
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 1 / 23 - 04:30 )
اكثر شوفينية وعدوانية من الاستخباراتي بوتين


2 - موضوع ممتاز
سائس ابراهيم ( 2022 / 1 / 23 - 16:28 )
موضوع ممتاز استمتعت بقراءته واستفدت من معلموماته، عاش قلمك. نصيحة لوجه الفكر والعقل : لا تلق بالاُ إلى التعليق السابق لمسعور متخلف فحاله دائماً هكذا مع المقالات القيمة الدسمة. ه
تحياتي الحارة
ابراهيم


3 - الإمبريالية الأمريكية المخربة
عبد الفادي المعمار ( 2022 / 1 / 23 - 22:38 )
شكرا استاذ منذر على هذا التحليل المنطقي للأحداث الأخيرة في اوكرانيا ، نحن بإنتظار الأجزاء الأخرى ، بالتوفيق


4 - ليش روسيا الاستبداديه الاسيويه المتخلفه تمنع كييف
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 1 / 24 - 16:52 )
من الانضمام لاوربا والتقدم والازدهار-روسيا الغارقه بالتخلف والفقر والاستبداد الاسيوي المنغولي لاتتمسك ببربريتها للروس البؤساء فقط زلكنها تمنع دول الجوار من دخول الحضارة الجديده حضارة ال=مقراطية والرفاه حيث العلم والعمل والثقافة الميليونيه-ويؤيدها الكثير منا ضحايا الفكر الاسلامي المتوحش والعروبة النازيه-وافق شن طبقه

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي