الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة والثلاثون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2022 / 1 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


فضل النماذج الأصلية على الصور النمطية

استخدم الرموز الملائمة ، وليس الصناجات الصائتة

فى مرحلة ما أثناء الكتابة ، يواجهه كل الكتاب ، الاسطورى والرمزى

والشاعرى ، وهذا يجعل من الضرورى عليهم أن يدركو ( وينتبهوا ) الى

ان للمواضيع المشتركة والشائعة للكتابة القصصية جذور عميقة فى ثقافة السرد .

" فى 1971 / وصف جون بيلجر مسيرة الإحتجاج التى نظمها محاربوا

فيتنام القدامى ضد الحرب : " لقد ظهرت الحقيقة مات ميكى ماوس ، الرجال الاخيار هم أنفسهم الرجال الاشرار متنكرون ",

انه فى التاسعة عشرة من العمر وبلا قدمين . ويجلس على كرسى متحرك

على عتبات الكونجرس الأمريكى وسط حشد تجاوز 300 ألف شخص ..

كان يرتدى زيا عسكريا اخضر وسترته مشقوقة فى الجزء الذى نزع منه

الميدليات والأوسمة التى منحت له بدلا من قدميه ، وقام مع مئات من

المحاربين القدامى الاخرين برميها على عتبات البرلمان واصفا إياها ب "

القذارة " .

بعدها ، قال لمن تحلقوا حوله فى دائرة من الشفقة عليه : " قبل أن اخسر ساقى هاتين ، قتلت وقتلت ، كلنا فعلنا ذلك ، لا تتحسروا على " ( اليوم الاخير ) .

منذ أن انشد الشاعر الإغريقى هومر ، الالياذة والأوديسة ، والكتاب

يؤلفون ويكتبون قصصا عن جنود يذهبون للحرب وعن كفاحهم ونضالهم

لإيجاد طريقة للعودة إلى الوطن مجددا .

هذا النمط من القصص – ما يسمى غالبا نمط " الذهاب والإياب " يعتبر
نمطا بدائيا وصامدا .

هو نموذج أصيل عميق جدا فى ثقافة السرد لدرجة – أننا نحن الكتاب –

نذعن لعزم جاذبيته من دون أن ندرك ذلك .

قاتل المحاربون القدامى من أجل الثروة والسمعة ، ولكن ، كما قرأنا فى

المقطع السابق ، فإن النعمة صارت لعنة .

لقد تحولت رموز الشجاعة وأداء الواجب إلى قذارة عندما نزعها

المحاربون القدامى الغاضبون من على ستراتهم الخضراء ورموا بها محتجين .

لم يعد هؤلاء الجنود الى المواكب العسكرية والمجد ، بل عادوا الى ايمان
مفقود ، وبأطراف لا يمكن استعادتها للابد .

يسعى الكتاب الجيدون الى الاصالة ، ويمكنهم بلوغها بالوقوف على

أساس من النماذج السردية الأصيلة ، مجموعة من التوقعات القصصية

التى يمكن التلاعب بها ، او تثبيطها أو تحقيقها بطرق غير مألوفة ،

بالنيابة عن القارىء .
الأمثلة على ذلك تشمل :

رحلة الذهاب والإياب
ربح الجائزة

ربح أو خسارة المحبوب

الخسارة والاستعادة

تحول النعمة إلى نقمة

النهوض من الرماد

البطة القبيحة

ليس لدى الامبرطور ملابس

الهبوط للعالم السفلى

لقد علمنى الأب " برنارد هورست " أستاذى للغة الإنجليزية فى المرحلة
الثانوية ، درسين مهمين عن هذه النماذج الأصيلة .
اولا ، قال لى إنه إذا ظهر " جدار " فى القصة " فالارجح أنه " أكثر من مجرد جدار " .

لكنه سارع الى ان يضيف أنه عندما يتعلق الأمر بالكتابة المؤثرة ، فليس
هناك ما يدعو الى أن يكون الرمز صنجة . فالدقة هى منقبة الكاتب .

رواية " الميت " للكاتب الإيرلندى جيمس جويس ، تحكى قصة رجل

متزوج اسمه غابرييل عرف فى اثناء ارتياده إحدى الحفلات أن زوجته

مازالت مسكونة بذكرى شاب كانت تعرفه .

فمنذ عدة أعوام ، مات مايكل فيورى بسبب حبه لزوجة غابرييل .

لقد قرأت المقطع الأخير فى القصة مرارا وتكرارا :

" بضع طرقات خفيفة على الزجاج جعلته يلتفت نحو النافذة .

ها قد عاد الثلج يتساقط من جديد ز راقب ناعسا ندف الثلج الفضية
القاتمة تسقط مائلة على ضوء المصباح .

لقد ان الاوان لينطلق فى رحلته نحو الغرب .

نعم كانت الصحف محقة . الثلج غطى أنحاء ابرلندا .

كان الثلج يتساقط على كل جزء من السهل الاوسط المظلم ، وعلى التلال
الجرداء ، ويتساقط بلطف على مستنقع الن وعلى اقصى الغرب ، وفى
امواج شانون المظلمة المتلاطمة .

كان الثلج يتساقط ايضا على كل جزء من اجزاء فناء الكنيسة المهجورة

على التل حيث يثوى مايكل فيورى فى قبره ، انه يتراكم بكثافة على

الصلبان المعقوفة ، وشواهد القبور ، وعلى الأشواك العارية .

شيئا فشيئا ، تخدرت روحه وهو ينصت الى الثلج يتساقط بضعف على

الكون وعلى الاحياؤ والأموات ، كحلول نهايتهم الأخيرة " .

كلمات هذا المقطع بقوة تجاوزت معناه الحرفى .

لم أدرك التركيبة العميقة لأيقوناته الرمزية ال بعد مرور اعوام عدة :

اسماء الملائكة غابرييل ( جبريل ) و(ميكائيل ) أدوات الام المسيح (

الصلبان والرماح ، و(اكليل الشوك ) .ز استحضار الايام الاخيرة ( الهبوط

والنزول والاحياء والاموات ) وكونى لم اتعرف على تلك التكيبة العميقة

لهذه الايقونات يحسب للقصة وليس عليها .

وهذا يعنى ان جويس لم يحول رموزه الى صنجات .

يعمل بعض افضل الكتاب فى امريكا لمصلحة محطة الإذاعة الوطنية

العامة , والقصص التى يحونها ، وهم يوظفون الأصوات الطبيعية توظيفا

عظيما ، تفتح عالما واسعا أمام المستمعين ... عالما جديدا ومميزا فى ان

معا ، إلا ان هذه القصص غالبا ما تتأثر بنماذج سردية أصيلة .
لقد أقرت " مارجوت أدلر " بذلك عندما كشفت لى أنها اقتبست قصتها
البارزة عن المشردين الذين يعيشون فى متروا الانفاق فى نيويورك من
الاساطير التى دائما ما يهبط البطل فيها للعالم السفلى .


وأخيرا نقلت محطة الازاعة الوطنية العامة قصة " مات سافج " ، الصبى

المصاب بالتوحد ، والذى أصبح عازف جاز بارعا وهو فى سن التاسعة

عزفت المراسلة مارجوت ميلنيكوف فى هذه القصة على وتر النوذج
الاعتيادى للبطل الشاب الذى يحقق النجاح بعد تجاوزه كل الصعاب .

ولكنها تضيف على ذلك بعدا أخر : " حتى وقت قريب ، لم يكن فى وسع
مات سافج تحمل سماع الموسيقى ومعظم الاصوات الاخرى "

لقد حول علاج حساسية السمع عند الصبى نقمته العصبية الى نعمة ،
مطلقا بذلك العنان للشغف بالموسيقى ، الذى تمثل فى عزف سافج البارع
لموسيقى الجاز .
نحن نستخدم النماذج الاصيلة ، ولكن يجب الا ندعها تستخدمنا .

يجادل " توم فرينش " خذ فى الاعتبار الحكاية التحذيرية ، التقارير
الاجبارية عن مخاطر عمليات زرع الثدى .

فدراسة تلو الدراسة تؤكد لنا سلامة مثل هذا النوع من العمليات ,

وعلى الرغم من ذلك ، فان الثقافة ترفض القبول بذلك . لماذا ؟

ربما يعود ذلك الى النوذج الأصلى الذى يدعو الى معاقبة الزهز ، او الذى
يوعز أن الشركات الشريرة لا تمانع فى الحصول على الربح من خلال
تسميم أجسام النساء.

استخدم النماذج الأصلية ، ولكن لا تسمح لها بأن تستخدمك .

والى الأداة الثامنة والثلاثون فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل