الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم خاص(ايتوري سكولا)1977: الواقع هو استسلام وبحث مؤقت عن نصر حتى لو كان كتوما او خفيا

بلال سمير الصدّر

2022 / 1 / 24
الادب والفن


نستطيع القول أن هذا الفيلم المتوسط في مسيرة ايتوري سكولا الفنية هو الأهم على الأطلاق،أي نحن نتحدث عن ذروة انتاج المخرج وحدث ولا حرج....
فالفيلم حصل على ترشيحات عديدة وجوائز كبرى،من ضمنها الأوسكار وسيزار...ولكن عن ماذا يدور أو يتحدث فيلم يوم خاص....؟
للوهلة الأولى،يبدو الفيلم بسيطا جدا مقتضبا في الحوار والكلام،على ان الفيلم ينطلق من حالة خاصة جدا(غابرييل مارسيلو ماستروياني)،وحالة أقل خصوصية هي (أنتونيتا-صوفيا لورين)
اليوم الذي تدور فيه الأحداث هو يوم سيزور فيه هتلر موسوليني،ونظرا للظروف الاجتماعية الصعبة التي تعاني منها أنتونيتا فهي ستعتذر عن حضور هذا اليوم الذي سيشارك فيه الشعب الايطالي برمته مع المبالغة طبعا....
ايتوري سكولا الذي يلجأ الى الصورة الوثائقية لتأصيل هذا اليوم،ليس لجعله نقطة فاصلة في التاريخ الايطالي،بل ليعكس الوضع الاجتماعي للمجتمع الايطالي الغارق في معطيات الحزب والنظام حتى الثمالة تجعله لايفكر أبدا-مجرد تفكير-بالتمرد أو حتى معالجة الواقع من خلال وجهة نظر أخرى.
إذا،أنتونيتا هي ربة منزل تقليدية جدا،منشغلة بتربية ستة اطفال،ومهتمة بحضور الطفل الجديد حتى تحصل على جائزة الدولة،ومع زوج يخونها باستمرار وبشكل واضح،الأمر الذي يؤدي بنا ان نقول بأنها امرأة فاقدة لأدنى درجة من الاحترام....
ولكن هناك جارها غابرييل التي تلتقي به من خلال صدفة قدرية مبوقة باهتمام مسبق،وهو الذي يمكث بدوره في المنزل في هذا اليوم،وهو يعبر عن نفسه قائلا:اعتدت على ذلك منذ كنت صغيرا...أمكث وحدي تماما
هو شخص يعاني من وحدة مطقعة،وفي نفس الوقت يبحث عن الكلام مع شخص لايعرف ولايبحث عن سبب صمته الذي يخفي من وراءه ماضي لايمكن البوح به..
وبالتالي،يتدرج الفيلم لينغلق على شخصيتين فقط،والخلفية الكاملة للقائهما هو يوم استقبال الفورهر
جابرييل مذيع موقوف عن العمل،وهي تتمسك بوجوده كعلامة امل،فكلاهما يحمل عاملا مشتركا هو القهر،وللوهلة الأولى يظن أن بينهما حاجز كبير،ولكنه مكسور أو مبني على عواطف وهموم مشتركة،فالفيلم هو عن مسافة فاصلة (غير مرئية) بين شخصيتين ينقصهما الكثير جدا من الترابط...
مالكة المنزل تهم دائما بالمقاطعة،ولكن أنتونيتا تخلق له الأعذار دوما،وهي ترغب بوجوده،والخيانة التي ترغب بها لتفجير العامل المشترك بينهما ألا وهو الوحدة والاهمال وقلة الاحترام....حالة الانهزام الشديد التي تعاني هي منها،بينما هو يعاني من رفض مزدوج،فالمجتمع يرفضه وهو يرفض هذا المجتمع ايضا...
يقول غابرييل مخاطبا أنتونيتا...في ألبوم صورك قلت:
الرجل يجب ان يكون زوجا أو أبا أو جنديا...أنا لست زوجا ولا أبا ولا جنديا
لاحقا سيتعرف غابرييل لها بشذوذه الجنسي...هو ذو توجهات فاسدة معوجة حسب ما ينظر اليه المجتمع
هل ستزداد المسافة بينهما بعد هذه الاعترافات الساخنة...؟!
على العكس...جابرييل هو الحيز الذي تعلن فيه انتونيتا استسلامها،وفي نفس الوقت مقاومتها للواقع الواهية جدا....
هي،تمرس الخيانة ولاتشعر بالذنب ابدا...بالمطلق..فالواقع مفروض عليها...الواقع هو استسلام وبحث مؤقت عن نصر حتى لو كان كتوما او خفيا.
بينما هو في ميوله الجنسية الوجه القادم للسلطة الباحث عن اتباع...الباحث عن منفس اعلامي للتعبير فقط وليس للتمرد أو للثورة...
الاقتراب بين الشخصيتين لايخلق واقعا جديدا،ولا حتى مجرد حلم بالتمرد على الواقع...
فالنظام هو المسيطر والحزب هو الغالب بحيث ينتهي الفيلم نهاية عادية...طبيعية جدا
فأنتونيتا تقرأ رواية عن الفرسان الثلاثة التي أهداها اياها غابرييل وهي تنظر من غرفتها اليه،بينما هو-في هذه اللحظة بالضبط-يهم بجمع اغراضه استعدادا للنفي...
الخلفية هي يوم استقبال هتلر...ولكن ماذا تعني هذه الخلفية بالنسبة لرجل شاذ يعاني من الوحدة وربة منزل منهزمة داخليا؟!
ايتوري سكولا يمزج الواقع الاجتماعي بالسياسة التي ليست سوى معطى مهم من هذا الواقع،والتفكير بهذا الشيء اصلا جعل امكانية تكثيف العلاقة الانسانية غير ممكنة بأكثر مما هي على هذا النحو،والفيلم على اقتضابه في الكلام،ونهايته الطبيعية التي ليست سوداوية على الاطلاق،لأنها محتكمة الى واقع طبيعي وليس محتمل لايمكن سرده بغير هذه الطريقة التي رواها فيها ايتوري سكولا...
فبالتأكيد ان الوحدة التي يعاني منها مارسيلوماستروياني في هذا الفيلم لايتوري سكولا،مختلفة تماما عن الوحدة التي كان يعاني منها في الليالي البيضاء للوكينو فيسكونتي.
26/11/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج