الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاشية الأوكرانية، والإمبريالية الأمريكية، والطموح الإمبراطوري الروسي، والخطر المحدق بالعالم (3/2)

منذر علي

2022 / 1 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


جرت في جنيف، يوم الإثنين، 10 يناير 2022، محادثات بين نائبي وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابيكوف، ونائبة وزير الخارجية الأمريكية، ويندي شيرمان، في محاولة لنزع فتيل التوتر بين البلدين، ولكن المحادثات لم تسفر عن نتائج ملموسة. ويوم الأربعاء، 12 يناير، انطلقت في العاصمة البلجيكية، بروكسل، جَلسة مفاوضات أخرى بين روسيا وحلف الأطلسي، الناتو، بهدف الوصول إلى تخفيف التوتر المتزايد بين الطرفين، ولكنها، كسابقتها، لم تسفر عن نتائج ملموسة. والسؤال هنا هو، هل للغرب أهدافًا توسعية مطردة تجاه روسيا لا يود التراجع عنها؟ للإجابة عن هذا السؤال، ولمعرفة مسار الأحداث علينا أن نرصد موقف الغرب تُجاه روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.
الغرب يسعى لتطويق روسيا الاتحادية
كان حلف شمال الأطلسي، الناتو، قد استعد، منذ وقتٍ بعيد، لمواجهة روسيا الاتحادية، عقب سقوط المعسكر الاشتراكي. إذْ بمجرد أنْ تفكك المعسكر الاشتراكي، أجتذب الناتو إلى صفه مجموعة من دول أوربا الشرقية، التي كانت تنضوي تحت لواء حلف وارسو، مثل جمهورية التشيك، والمجر، وبولندا سنة 1999.
كما أجتذب حلف الناتو في سنة 2004 كل من بلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وكرواتيا، والدولتين الأخيرتين كانتا ضمن مكونات الدولة اليوغسلافية التي كانت ضمن دول عدم الانحياز. وفي ذات العام، أي سنة 2004، أجتذب الناتو دولًا أخرى كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي، وأقصد هنا دول البلطيق: إستونيا، ولاتفيا وليتوانيا.
وفي عام 2009 أجتذب الناتو إلى صفه ألبانيا وكرواتيا، والأخيرة كانت جزءًا من يوغوسلافيا، وفي سنة 2017 ضم الناتو الجبل الأسود الذي كان هو الآخر يدخل ضمن أراضي يوغسلافيا.
وحاول حلف الناتو، دون كلل، اجتذاب جورجيا، ولا سيما خلال رئاسة ميخائيل ساكاشفيلي بين 2008 -2013، ولكنه لم يفلح بسبب الرفض الروسي.
من جانب آخر يسعى الغرب، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية إلى إثارة النزاعات العرقية والدينية في إطار روسيا الاتحادية، في الشيشان وغيرها من دول القوقاز. كما يسعى إلى إقامة قواعد عسكرية ثابتة في الدول الآسيوية التي كانت منضوية ضمن الاتحاد السوفيتي، مثل طاجيكستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وقرغيزستان.
لقد أعقب نجاح الغرب في إسقاط الحكومة الشرعية في أوكرانيا سنة 2014، سعيٌ حثيث للغرب لتوثيق صلاته السياسية والعسكرية بأوكرانيا والتوجه لضم الدولة الأوكرانية إلى حلف الناتو وإكمال الطوق العسكري الإستراتيجي على روسيا الاتحادية من كل الجهات والجبهات.
وعلى الرغم من أنَّ الأحداث الانقلابية الدامية التي اندلعت في 6 يناير الجاري، 2022، في كازاخستان، لم تتبين أبعادها كاملة بعد، إلاَّ أنَّ كل الشواهد تؤكد على تورط تركيا وأوكرانيا والولايات المتحدة فيها. وعلى هذا فأنَّ العملية الانقلابية في هذا البلد الغني والمترامي الأطراف الذي يقع في أوراسيا، تدخل ضمن هذا المسعى التوسعي للإمبريالية الغربية ولحلف الناتو في محاولة لمحاصرة روسيا الاتحادية من جهة الجَنُوب، ومحاصرة الصين الشعبية من جهة الشمال الغربي.
صعود وإخفاق الفاشية الأوكرانية
لقد ترتب على تلك الانتفاضة العمياء، أو ما يُسمى بالثورة البرتقالية سنة 2014 في أوكرانيا، الموجهة من غرفة العمليات في السِّفَارة الأمريكية في كييف، والممولة من قبل القِوَى الإمبريالية الغربية، ومن قبل الرجعية العربية أن ترتبَ على هذا العمل الجهنمي المتناسق تقويض السلطة الشرعية المنتخبة في كييف، وصعود وسيطرة الجماعات الفاشية بقيادة، الملياردير بترو بورشنكو، ومن بعده الكوميدي البهلول فولوديمير زيلينسكي على السلطة في أوكرانيا.
وأسفر هذا الفعل المتهور تدخل روسيا، وانقسام أوكرانيا، بفعل الانقلاب، إلى شرق أوكراني، متعاطف مع الثقافة والسياسة الروسيتين، مدعوم من روسيا الاتحادية، وغرب أوكراني، متعاطف مع الغرب الأوربي وحلف الناتو.
وبذلك فأنَّ السلطة الانقلابية في كييف سعت منذ اليوم الأول إلى الصدام مع روسيا الاتحادية، ودخلت في حرب أهلية دامية مع سكان المناطق الشرقية الصناعية من البلاد، المدعومين من روسيا، واختار سكان شبه جزيرة القرم، بشكل طوعي، الانضمام إلى روسيا، وغرقت أوكرانيا في أزمة اقتصادية طاحنة، وسقطت في وحل المعسكر الإمبريالي، وافترستها النزعات الفاشية، وانحدرت إلى البؤس وامتهنت الدعارة، تحت ذريعة التقدم والحضارة!
حصيلة السيطرة الفاشية على الحكم
اليوم أوكرانيا تعيش وضعًا مأساويًا، فالغرب لم يفتح أبوابه للأوكرانيين للانتقال والعمل لديه، سواء قبل حلول جائحة كرونا أو خلال صعود المتحور "أوميكرون"، ولن يفتح الطريق لهم في المستقبل حتى لو تراجعت الجائحة لأنَّ الأوضاع الاقتصادية في الغرب بدأت تتجه صوب الكارثة نتيجة للسياسات النيو- ليبرالية، والدول الغربية، ولا سيما الدول الغنية، مثل الدنمارك وفرنسا وبريطانيا، تسعى جاهدة لمنع الهجرة إليها، و شرعت في الأشهر الأخيرة في تضييق الخناق على الاحتجاجات السياسية في الداخل، وتعتزم، تحت مبررات زائفة، أنْ تتخلص من المهاجرين المقيمين في أراضها بشكل شرعي، بما في ذلك التخلص حتى من أولئك الذين نالوا جنسية هذه البلدان في وقت سابق، وعلى هذا فالدول الغربية ليست مستعدة أن تقبل مجيء الأوكرانيين إليها أو غيرهم من شعوب شرق أوربا التي توهمت أنها هَجَرَتْ "جحيم الاشتراكية"، وتبنت الليبرالية، وتوهمت مرة أخرى أنها ستهاجر وستستقر في "نعيم الرأسمالية" في الغرب، ولكن الغرب، هو الآخر، غدا جحيما.
للحديث بقية ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن