الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسألة السلطة السياسية هي جوهر الخلاف بين العلمانيين و القائلين بأن الإسلام هو الحل

باقر جاسم محمد

2006 / 9 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في تقديري أن الحوار الذي جرى أمس على صفحات موقع الجمعية الدولية للمترجمين العرب حول قضية العلمانية و المسألة السياسية و موقف الإسلام يمكن أن يكون إنموذجا لحوار هادف و منتج. و هو حوار جاء نتيجة فعل إرادتين حرتين. و هو بذها الوصف يستحق القرادة النقدية المدققة.باقر جاسم محمد

بداية أود أن أشكر الأخ سيد يوسف على ما تفضل به من رأي حول مسألة الصراع بين العلمانيةو دعاة تسييس الدين.و الحق أقول أنني أتخذ موقفا ً منهجيا ً ثابتا ًلا أصادر فيه رأيا ً و لكن في الوقت نفسه لا أقبله على علاته. و لذلك فسوف أسمح لنفسي بمناقشة بعض ما ورد من كلام حول آراء العلمانيين و رجال الدين. تفضل الأخ سيد يوسف فعرض آراء العلمانيين بعجالة و دون فحص لجوهر الخلاف بين الطرفين الذي يتركز ، في تقديري، على مسألة السلطة السياسية أصلا ً. و طرح الكاتب الأمر و كأن العلمانيين يخشون من تولي رجل الدين المعمم لمراكز السلطة السياسية و الاقتصادية و الثقافية و العلمية. و واقع الأمر أن القضية أكبر من ذلك بكثير. و هي تنحصر على مضمون الفلسفة السياسية التي يعتمدها كل من الطرفين. و هي التي تتفرع منها كل القضايا الأخرى. كما تطرق إلى كتابات بعض رجال الدين حول بعض المعضلات موضع الاختلاف فقال عن المعضلة الاقتصادية ما نصه:
"ففي المجال الاقتصادي قدم د/ عبد الحميد الغزالي ويوسف القرضاوى وحسن شحاتة تصورات وبرامج تقدم رؤية الشريعة الإسلامية لإشكاليات الزمن وكيف ان مرونة الشريعة كانت واسعة بحيث تستوعب أى فهم مغلوط لهذا الجانب."
و الواقع أن القراءة المدققة لهذا الكلام تظهر أنه لا يقول شيئا ً سوى أن السيد الكاتب معجب بكتابات هؤلاء الباحثين دون أن يذكر شيئا ً عن ماهية الحل الاقتصادي الاسلامي حتى و لو لمحا ً. و بدلا من ذلك تحدث عن "رؤية الشريعة الإسلامية لإشكاليات الزمن وكيف ان مرونة الشريعة كانت واسعة بحيث تستوعب أى فهم مغلوط لهذا الجانب." دون أن تكون إشكالية الزمن هذه معرفة على أساس صلتها بالاقتصاد. بمعنى أن هذه العبارة يمكن أن تقال حول أي موضوع آخر.
و في المجال السياسي و التشريعي و القانوني قال ما نصه:
"وفى المجال التشريعي والقانوني والدستوري قدم المستشار على جريشة برنامج دستور إسلامي يضع الحقوق والواجبات والحريات كما ترى روح الشريعة ودون ان يكون هناك تعارض بينها وبين ثمرات العقل الحر أيا كان موطنه إلا ان يحاكم العلمانيون نيات الناس."
و لنا على هذا الكلام ملاحظتان: الأولى أن فيه من العمومية الشيء الكثير مما يجعله غير ذي فائدة في توضيح أبعاد هذا الدستور الإسلامي. و ثانيهما أن الباحث ختم كلامه بعبارة تشي بموقف سلبي من العلمانيين حين اتهمهم بمحاكمة نوايا الآخرين. و نحن إذ نقدر جهد الباحث المستشار علي جريشة فإننا نقول بأن أهم ما يمكن أن يقال بصدد نظرية الحكم الإسلامية هو أنها جاءت مجملة و غير مفصلة. و كانت الممارسة الإسلامية للحكم مبنية على أساس تقديم اجتهادات في جسر الهوة بين الكلام العام في قوله تعالى " أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم" و قوله تعالى " و أمرهم شورى بينهم". فمن هم أولي الأمر؟؟؟ و ما هي هذه الشورى؟ و ما حدودها؟ و ما هو أسلوب ممارستها؟ كل ذلك متروك لنا نحن البشر. و الملاحظ هنا أن أية مناقشة لهذه القضايا ستعيدنا إلى قضية الخلافات التاريخية بين المسلمين. و هي خلافات لم تكن مجرد خلافات فقهية؛ و إنما سال فيها دم كثير. و لو توسعنا قليلا ً في مناقشة مسألة البيعة بوصفها منهجا ً في تولى السلطة السياسية و الدينية في الإسلام لرأينا أنها تؤخذ لشخص واحد و على نطاق محدود هو نطاق " أهل الحل و العقد" و على بقية الأمة أن تبايع و إلا فإن السيف هو الخيار الثاني. و على طريقة أحد أتباع معاوية حين قال بحضور( أمير المؤمنين)" الخليفة هذا،و أشار إلى معاوية، و ولي عهده هذا ، و أشار إلى يزيد بن معاوية، و من لا يقبل بذلك فله هذا، و أشار إلى سيفه." و البيعة أيضا ً بيعة دائمة لا يجوز التحلل منها. فإذا بويع حاكم فهي بيعة له ما كان حيا ً. بمعنى أنها تفويض دائم و مطلق مدى الحياة. و هذا يفتح الباب واسعا ً للاستبداد كما قال الكواكبي قبل أكثر من قرن من الزمان. و هي أيضا ً تفويض دون أية حدود أو رقابة فعلية ضد إساءة استخدام السلطة. و دون قدرة للأمة التي بايعت الحاكم على استعادة حقها في تفويض شخص آخر. و لعل القراءة الدقيقة لتاريخ أمتنا الإسلامية تظهر كيف أن الغلبة كانت هي الجوهر الفعلي و السمة الأساسية لممارسة السلطة السياسية باسم الدين.و فضلا ً عن ذلك فإن البيعة تنصب أساسا ً على قمة هرم السلطة، أعني الخليفة. و صراعات الخلفاء ليست بخافية على أحد ممن قرأ التاريخ الإسلامي. فهل هو الأمين أم المأمون؟ هذا السؤال كان جوابه رأس الأمين المقطوعة في مجلس أخيه المأمون!
أما في المجال الفلسفي العلمي و التربوي فقد كان الكاتب يعبر عن عواطفه و لا يشرح أو يوضح شيئا ً حين قال:
" وفى المجال العلمى والفلسفى والتربوى والمعرفى هناك جهود رائعة للمركز العالمى للفكر الإسلامى بأمريكا الشمالية وجهود طيبة كان وراءها بعض المخلصين أمثال د/ عمر عبيد حسنة ود/ طه جابر العلوانى وغيرهما." فهل يكفي أن نقرأ قول الكاتب بأن هناك جهودا ً رائعة للمركز العالمي للفكر الإسلامي حتى تكون كل الإشكاليات المرتبطة بهذا العنوان الواسع " المجال العلمي و الفلسفي و التربوي و المعرفي" قد حلت بضربة واحدة؟ إن القضايا الكبرى التي تواجه البشرية جمعاء لا يمكن أن تستغني عن إسهام الإسلام الحنيف، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن لنا أن نبني تصورات لحلول شاملة لهذه القضايا مستمدة من الإسلام فقط. و ليس في هذا تجريح في الإسلام فهو ديننا، و لكن فيه دعوة للأخذ من الآخرين حين يكون لديهم ما يفيدنا. "فالحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أولى بها". أليس كذلك؟






أرسل أصلا بواسطة نذير طيار
أخي سيد يوسف:
مقال هاديء يطرح وجهة نظر صاحبه بعيدا عن الشتائم, يركز على إقناع الآخر لا دفعه نحو التطرف أكثر. قد نختلف معك في بعض الجزئيات, لكنا نوافقك في منهجيتك. أرجو أن تكون كل نقاشاتنا محكومة بحدود الاحترام المتبادل.

شكر الله مرورك اخى الكريم نذير ونفعنا بك اللهم امين
كنت اريد ان اطرح تلك الرؤى بهدوء
صعوبة الحوار العلمانى الاسلامى (وهذا يمثل قناعة شخصية لا حقيقة واقعة)
ان مصطلح العلمانية سيىء السمعة فى بلادنا وان سبب ذلك هو فشل العلمانيين فى تقديم انفسهم بصورة مرضية للجماهير

شرفنى مرورك وتعليقك اخى نذير
سيد يوسف


--------------------------------------------------------------------------------





الاستاذ الكريم باقر اشكرك جزيلا على رقى التخاطب والحوار فجزاك الله خيرا
بخصوص مداخلتك الكريمة فاستاذنك فى قول ما يلى بشكل عام

ما انقمه على العلمانيين - عموما- هو سعة اطلاعهم على النماذج العلمانية فى حين ارى بوضوح قلة بضاعتهم فى القراءة فى المشاريع ذات التوجه الاسلامى ومن هنا كانت الاحالة الى بعض المصادر فى المقالة لانى فى يقينى حين يتم الاطلاع عليها سوف نجد قلة من الاختلاف بين الاتجاهين

والامر الثانى كما تعلم -حضرتك- فان العلمانية مذاهب شتى وحصر فكرها جملة واحدة فى مقالة امر غير ممكن ، ومن هنا جاءت العجالة فى سرد ما يتعلق بالعلمانية

ولان المقالة ذات هدف محدد - سبق ذكره فى مداخلة اخينا الكريم نذير- فمن هنا جاءت بهذا الشكل
وهذا المضمون وليست الاحالة الى مصادر اخرى سوى محاولة لسد قصر المقالة فضلا عن تقديم نماذج نرجو من جمهور العلمانيين الاطلاع عليها

كما تفضلت اخى باقر بالقول ان الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق بها وليس فى هذا بدعا او خروجا على الدين او المنطق ومن ثم فما فيه مصلحة لامتنا لا تتعارض مع تعاليم ديننا فلا بأس بهذا
اما حين تصادر حريات الناس بدعوى العلمانية كما فى تركيا (مسالة الحجاب تحديدا) فاعتقد ان المسالة هنا تحتاج الى ان يراجع العلمانيون ادواتهم لا الاسلاميون

وجوهر الاختلاف بين الاسلاميين والعلمانيين هو فى مدى قبول الحكم بشريعة الله فى الحياة ابتداء
اما مسائل التفاصيل الاخرى ففيها اجتهادات بين العلماء يمكن الارتكان فيها الى ما يناسب امتنا وعصرنا وفق اجتهادات الفاقهين ومن ذلك مسالة الفصل بين السلطات وطرق اختيار الحاكم وجعلها مرتين لا تتكرر فالحق ان فى ذلك احتهادات واسعة لست ادرى لم لم يشر اليها العلمانيون

اعتقد سيكون فى الامر عودة مرة اخرى وحتى ذلكم اقول قد شرفنى مرورك ومداخلتك استاذ باقر

سيد يوسف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah