الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهولوكوست في الواقع العربي

أميرة أحمد عبد العزيز

2022 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تعريف الهولوكوست: الحرق الكامل للقرابين المقدمة للإله.
استخدم هذا المصطلح للإشارة إلى الجريمة التي ارتكبت في حق يهود أوربا وقت الحرب العالمية الثانية، واستخدام مصطلح هولوكوست وليس جريمة لصبغ الأمر بهالة من القدسية.
ذكر روجيه جارودي في كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة (الإسرائيلية): ((ذلك لأن ثمة طابعا مقدسا لمعاناة اليهود وموتهم، وهو ما يتجلى في معني كلمة هولوكوست "Holocauste" الوارد في معجم لاروس الشامل (جزءان، باريس ۱۹۹۹، ص ۷۷۲)، والذي جاء كالتالي: «الهولوكوست طقس للتضحية مألوف لدى اليهود، وفيه تحرق النار القربان بالكامل. ومن ثم، فإن استشهاد اليهود لا يقارن بأي استشهاد آخر، فطبيعته المقدسة تجعله جزءا لا يتجزأ من مشيئة الله وإيذانا بعهد جديد، شأنه شان صلب يسوع في الفكر الديني المسيحي. ولهذا لم يكن غريبًا أن يعلن أحد الحاخامات أن «إنشاء دولة إسرائيل هو الرد الإلهي على الهولوكوست)).
لقد استغل الصهاينة جريمة ارتكبت في تحقيق أغراضهم الشريرة وتبرير جرائمهم، إن الوصف الصحيح لما حدث مع يهود أوربا وقت الحرب الأوربية الثانية (العالمية الثانية) هو جريمة، ولم يكن اليهود هم الضحايا الوحيدين لهذه الحرب، فضحايا الحرب العالمية الثانية تقريبا 50 مليون، منهم تقريبا 20 مليون من الروس، كما لم يكن اليهود الألمان هم فقط ضحايا النظام النازي، فمن ضحاياه الغجر وزنوج والسلاف وشيوعيين ومعاقين......إلخ، فلماذا اختصر الصهاينة وأولياؤهم المعاناة والضحايا لهذه الحرب في اليهود فقط.
أن من مظاهر طغيان الصهاينة وأولياؤهم اتجاه التعامل مع هذه القضية يظهر في:
1- إعطاء مظهر القدسية للأمر، مما يجعله من المسلمات الغير مطروحة للمناقشة العلمية حول الأسباب والظروف وملابسات الأحداث، وفهم المشكلة بشكل علمي، والكشف عن الحل الصحيح، والذي يتنافى مع أفكار الصهاينة وأولياؤهم الذين دفعوا في اتجاه احتلال فلسطين كحل مزيف لمشكلة يهود أوربا –أن هذا لهو إرهاب فكرى يا سادة-.
2- تجاهل جرائم الحرب الأوربية الثانية (العالمية الثانية) والتركيز على الجريمة ضد اليهود فقط مما يمثل طغيان على حق الآخرين.
3- إن هذه الهالة من القدسية التي صبغت بها تلك الجريمة، لم تتوقف عند مدعيها، بل أرادوا هؤلاء معاقبة منكريها، وهذا أيضا إرهاب.
4- استغلال الضحايا لتبرير الخيانة وارتكاب الجرائم والاستعمار واحتلال أراضي الغير وقتلهم وتشرديهم.

إننا في الوطن العربي قد نكون أكثر من عانى ومازال يعاني جراء جرائم الأوربيين والأمريكان، وثمة جريمة ما زلت قائمة كالماضي المستمر في واقعنا حتى الآن، متمثلة في وجود الكيان السرطاني المسمى (إسرائيل)، والذي زاد من حدة بقية المشكلات بالوطن العربي من استبداد وتبعية وتجزئة واستغلال.
إننا بحاجة لنفهم مشاكل مجتمعنا وأن نعى أن إضافة عائق لا يلغى باقي العوائق أو يرجئها، بل علينا محاربة الاستبداد والاستغلال والتبعية والاستعمار والصهيونية والتجزئة معا، هي معركة واحدة تحتاج وحدة الصف العربي، ووحدة الشعب العربي، (ووحدة الحركة الوطنية).
إن واقعنا العربي شديد التعقيد، فقد صنع الاستعمار العوائق تقف حائلا دون تطور الشعب العربي وصعبت التحامه لصنع حالته الثورية التي تحقق التحرر، استبداد وتجزئة ورأسمالية تقف حائلا بين أبناء الشعب العربي وترهقه سعيًا وراء لقمة العيش وتفسد أحواله وتترصد بتراثه وثقافته.
إن مظاهر الإفساد تظهر جليًا في النخبة والتيارات الوطنية في الوطن العربي مما يحول دون وحدة صفهم ليكونوا بداية لحركة وعى وكسر جدار الخوف بين الجمهور.
ومع 2011 والحالة الثورية التي واكبتها، بدلا أن توحد جرائم المستبدين وأعوانهم ومواليهم من الخواجات الحركة الوطنية وتجعلها أشد تمسكًا حتى تتمكن من إحراز النصر، حدث بدلًا عن هذا شق في قلب الصف الوطني.
إننا في الوطن العربي صنعنا من الجرائم بعد ثورات 2011 أكثر من هولوكوست، ووضعنا على كل منهم هالته فأصبحت فرقة لا وحدة، ففي مصر صنع من يسموا التيار المدني قبل 30 يونيو هولوكوست خاص بهم في مواجهة التيار الإسلامي وكل من يرغب في دفع الدفة في اتجاه مخالف لهواهم، وبرروا بصنعهم هذا مواقف خائنة ودفعوا الوطن لمزيد من الاستبداد والتبعية، أما عن التيار الإسلامي وبخاصة الإخوان المسلمين فقد صنعوا من جريمة رابعة هولوكوست التيار الإسلامي، ليتوقف الحديث عن أية قضايا لا تخدم التيار الإسلامي ولم تصبح جريمة رابعة في مواجهة المجرمين الذين صنعوها وصنعوا مثلها –فقط-، بل أصبحت أكثر في مواجهة الوطنيين وبقية الحركات الوطنية التي تريد التغيير، إن لم يكن على (هدى) وهوى التيار الإسلامي وعلى رأسه الإخوان المسلمين، كما أصبح الأمر يستخدم لتبرير مواقف خائنة ومضللة للواقع.
إن الجرائم التي حدثت بعد 30 يونيو حتى إن كان من مات فيها مثل رابعة والنهضة وما قبلهم وما بعدهم فقط من التيار الإسلامي – وهذا ليس أمر دقيق- هم في الحقيقة الموضوعية أبناء الوطن وبالتالي تلك مصيبة الوطن –مصيبتا جميعا-. كما أن دماء الشهداء الذين ماتوا من أجل مستقبل أفضل للوطن يستوجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا حتى لا تذهب دمائهم هباء، وذلك بالتركيز على فهم مشكلات الواقع وفهم الحلول والعمل، وهذا يحتاج إثارة الجدل الاجتماعي.
إن وضع هالة القدسية وصناعة فكرة هولوكوست التيار الإسلامي، له أوجه شبه بهولوكوست يهود أوربا، فكما يجعل الصهاينة وأولياؤهم هذا الأخير في مواجهة كل من يرفض مواقفهم وأفعالهم، كذلك يحدث من خلال الأول لدفعنا لقبول مواقف خائنة أو مضللة للواقع، بل والصد عن الجدل الاجتماعي لاكتشاف الحلول الصحيحة لمشكلات الواقع. ويمد التيار الإسلامي تاريخ الهولوكوست خاصتهم لعهد جمال عبد الناصر وبعد ثورة 1952، فإذا حاول البعض منا أن يتحدث عن هذه المرحلة لاكتساب فهم أعمق للواقع وخاصة فيما يخص مشاكل التبعية والاستغلال والتجزئة و(إسرائيل) تجدهم يسعوا لإبقاء الفهم السطحي لهذه الفترة، ويسيدوا فكرة أن مشكلة الوطن العربي ستنتهي بنهاية حكم العسكر ونصر التيار الإسلامي وتمكينه -وهذا فهم مضلل-.
إن الواقع العربي نظرا لأنه واقع واحد لذلك لا يقبل التجزئة في فهمه ولا في فهم الحلول ولا العمل، فواقعنا العربي به استبداد واستغلال وتجزئة وتبعية و (إسرائيل)، ونحتاج وحدة صف وطني عربي ضد كل هذا وذلك دون وضع هالات قدسية على أي تيار.
وفى النهاية نذكر قول سيدنا أبو بكر الصديق (الصدق أمانة، والكذب خيانة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد