الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكارٌ مُتراميةٌ على أطرافِ - الحُزْن -

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2022 / 1 / 28
الادب والفن


،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الحُزنَ هو عبارةٌ عنْ مشاعر نفسيةٍ خاصة، تدفعُ المرء حيناً للبكاء أو للهدوء، و أحياناً للتأمل والتروّي و ربما للإنطواء.
وقد اعتبرته بعض العلوم الأنسانية، بمثابة شعور سلبي، ناتج عن أحداث مزعجة، تسبب الكآبة أو المعاناة...
و بحسب فهمي الآني غير الجازم، فإن الحزن أيضاً هو احدى أهم الفاعليات النفسية، التي يمكنها أنْ تنتشل الذهن، من عماء الهزل الى سكينة الرصانة،
أو تقذف به إلى حواف الجدية في الفهم،
مما يسمح له بفرصة امتلاك مزيداً من الوعي وحسن الاستيعاب،
وبالتالي تدفع بفهمه للتغلب على الفشل، وحصر الخسائر، وتجاوز خيبات الأمل وحسرات الأماني..
بل وأزعم أن نتيجة تلك الفاعلية، قد تساعد على اتساع دائرة الفهم لدى المرء، مما يعني حدوث سعة في البصيرة، وهدأة في السريرة، وخلو في الروع الثائر، ويقظة في الفهم والخاطر.
الأمر الذي قد يدفع بالمرء الحزين لاحقاً، لأن يقوم بتعديل حياته جرّاء هذا التغيير النفسي الجديد،
فلا غرابة أن نجد ذاك الذهن الحي القادم من غور الحزن، يبدأ رويدا رويداً في فهم و قبول الواقع، الذي سبّبَ له ذاك الألم أو الضرر.
بالإضافة إلى ما سبق، مازلتُ أفكر أحياناً وأتسائل بصمت،
هل يا تُرى كلّ باكٍ هو إنسانٌ حزينٌ بالضرورة.؟
إذ كثيراً ما يتراءى لي، أنّ حال البُكاء لدى الإنسان يختلف نوعاً ما عن ماهية الحزن..
فقد يبكي المرء منْ فقدٍ، أو من ألمٍ يلمُّ به، أو من نقص حاجة ما، أو ..الخ.
لكن قد لا يكون هذا الفهم حزيناً حقاً، لهذا السبب أو ذاك بالتحديد.
و قد تجدْ هناك، بالفعل، أناساً مختلفين عن أقرانهم من البشر،
قساة في مشاعرهم، طغاة في عواطفهم، هواة في خواطرهم واحاسيسهم..
لا يتسلل ثقل الحزن إلى أعماقهم، مهما أحاطت بهم الخطوب، أو صفعتهم كفوف الملمّات.
الحق و رغم مديد التفكر، لا يمكنني الإجابة بالتمام عن كيفية حدوث ذلك، أو لماذا يكون هذا الأمر بوضوح قاطع .لكن قد أقول قولاً غير جازم :
ربما بسبب فقدانهم مزيّة العطف والتعاطف، التي يتميز بها الكائن الحي، والتي تمنعه من التوحش، على حد تعبير الفيلسوف "روسو".
أو -بمعنى آخر، ربما لإفتقادهم للشعور بالمشاركة الوجدانية مع الآخرين وحاجاتهم.
أو لربما بسبب نقص ما لديهم في مستوى الذكاء العاطفي، كما يرى بعض علماء النفس ..
غير متناسين بالطبع، أنَّ الذكاء بكل أنواعه هو في الاساس قدرة وراثية ، تعمل البيئة المحيطة به، إما على تنميته أو محقه ..
على العموم، هناك من الأدباء من ذهب بعيداً في إحساسه بالأمر، فوصف الإنسان الذي لا يحزن ، بأنه إنسان ذو إنسانية منقوصة أو مُشوهة،
وآخرون رأوا أنّ الوجود الإنساني برمته، ما هو إلا " دَفْقَةُ حُزنْ ماضية "..
نجتليها جيدأً، عِندَّما يَتقلّص شّعور المرء كُلّه إلى رَغبَةٍ في البكاءِ وحَسْبْ ..
وحين تُصْبِحُ لحظات العُمْر بأسْرِها، مُجَرَّد تَشقّقاتٍ إضافيةٍ، تتوارى في بقايا هذه الرُوحْ المتدفقة ...
في جانب آخر، نجد أن الشعر القديم جاءنا بلمعة نادرة على لسان الشاعر الحكيم "المتنبي" تُؤكد ماذهبت إليه ملاحظتي أعلاه حين قال :
فَرُبّ كَئيبٍ لَيسَ تَنْدَى جُفُونُهُ ... وَرُبّ نَدِيِّ الجَفْنِ غَيرُ كَئيبِ
أما الشعر الحديث، فقد أهدانا رأيا شفيفاً لطيفاً، على لسان الشاعر والانسان " نزار قباني" حين شدا قائلاً :
لمْ أعرف ابداً أنّ الدمع هو الإنسانْ ..
و إنّ الإنسانَ بلا حـزنٍٍٍ.. ذكرى إنسانْ ..
.
للحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي