الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 51

علي دريوسي

2022 / 1 / 28
الادب والفن


انتهى عيد الأضحى وانتهت معه حياة المِسكينة الخاضعة رهان.
مضت تسعة أيام على قصة موتها الشنيع على يدي أبيها الأمير مصطفى.

كانت السيارة تنهب الطريق صباحاً والمطر يهمي.
في تلك اللحظة كنت جالساً إلى جانب صديقتي تولين في طريقنا من شمال غرب ألمانيا إلى أقصى جنوبها. تولين تقود السيارة بهدوء وثقة دون أن تنبس بكلمة وأنا أستمع إلى موسيقى تصدح من مسجّل السيارة، أنظر عبر زجاج النافذة المغبَّش دون تركيز وأفكر بما ينتظرني في المدينة الجديدة آملاً أن تكون محطتي الأخيرة، تعبت وسئمت في السنوات الأخيرة من كثرة التنقل بحكم العمل والدراسة.

اتفقت مع تولين على قضاء أيام ثلاثة في أحد فنادق المدينة لنبحث عن بيت لي للاستئجار، ريثما أكون قد انطلقت بعملي الجديد وتعرفت على المدينة، في الخطوة اللاحقة سأشتري شقة حتماً.

تمتمت دون أن أتوقع منها إجابة: "أسنتمكن في هذا الوقت القصير من إيجاد شقة في هذه المدينة الصغيرة المزدحمة؟"
ردّت عليّ وعيناها مصمغتين على الاوستراد أمامها: "لا تقلق سنستأجر لك على الأقل غرفة في بنسيون".

أمضيت ليلة البارحة في منزل تولين العائلي، كانت ليلة استرخائية ممتعة.
استيقظنا باكراً، طلبت تكسي تقلنا إلى شركة تأجير سيارات، لا أحد يرغب بإرهاق سيارته الخاصة بالمسافات الطويلة، استأجرت سيارة "فورد" حديثة مؤمنة بشكل كامل لثلاثة أيام.

بعد مضي حوالي ساعة على سفرنا أحسّت تولين بضغط غير مريح في مثانتها، أعلمتني عن رغبتها بالتوقف أمام مطعم محطة الوقود القادمة، ذهب كلانا إلى دورة المياه ثم إلى كافتيريا المحطة لشراء كوبين من القهوة، وقفنا ندخن مع القهوة ذات المذاق الصباحي الرائع، تولين مدمنة قهوة وسجائر وجنس دون قُبَل.

دخلنا المدينة بعد سفر متواصل لعدة ساعات، توجهنا إلى قلعتها التي حُولت إلى فندق بأسعار زهيدة والمعروف باسم "يوغند هيربيرغه"، حين علمنا أن آخرين قد يشاركوننا بالغرفة توجهنا إلى مركز المدينة للبحث عن غرفة نظامية في أحد الأوتيلات المعدودة على أصابع اليد الواحدة، بعد لأي وجدنا غرفة في أوتيل يونيون في الشارع الرئيسي للمدينة، ذهبنا لتناول الطعام وعدنا إلى الغرفة.

كنا مرهقين من السفر المتعب، استحممنا سوية، تحت رذاذ الماء الساخن انحنت الرعْبُوبة تولين بجذعها إلى الأمام والأسفل وكأنها تقطف لباس القطة من تحت أشجار الزيتون في جبال تركيا الساحلية، بينما استلقت ساعدي اليمنى على كَفَلها وأمسكت أصابع يدي اليسرى شعرها القصير، وشرع جسدي بالحركة مثل مكبس بلوك في معمل ضيق لإنتاج الخفان (حجارة البناء).

قبل أن أغفو فكرت في خيالي أن تولين ـ رغم طيبتها وأصالتها ـ ليست المرأة التي أرغب بوجودها إلى جواري في حياتي القادمة، وهي كانت متأكدة من ذلك، خاصة بعد أن أخبرتها أنني راحل إلى الجنوب، واحدة مثلها غير قادرة على الولاء لرجل حر مثلي حتى لو أرادت، حب الرجل للمرأة اهتمام وحب المرأة للرجل ولاء، هذه هي رؤيتي للحب في جانب رئيسي من جوانبه، وتولين أرملة شابة مسؤولة عن رعاية طفليها والعناية بأمها، لا تملك الوقت دائماً ولا حرية الحركة وتغيير السكن والعمل والتنقل جغرافياً، تعمل نصف دوام في شركة لبيع الأحذية. تولين إمراة ألمانية الولادة والمنشأ، هي الوسطى بين خمسة أشقاء، هاجر أبواها من تركيا في منتصف العقد الثامن من القرن الماضي للعمل في ألمانيا وتحسين ظروفهما الاقتصادية.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا