الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الخط الثوري و الخط الإصلاحي .. التجربة المغربية نموذجا

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من خلال عملية استقرائية لحدثين مؤسسين للمغرب المعاصر، يمكن استخلاص مجموعة من الدروس و العبر التي تعتبر بمثابة بوصلة توجهنا، بأمان، نحو المستقبل. 

* في حدث أول، تمكن المغرب من إنجاز مشروع الاستقلال السياسي، و شرع في تهيئة المشروع الديمقراطي و التنموي في شراكة بين المؤسسة الملكية و قوى الحركة الوطنية تحت شعار وطني مشحون بالدلالة: «ثورة الملك و الشعب».

* في حدث ثانيّ، حصلت الانتكاسة، بشكل مفاجئ، و دخل المغرب في سياق صراع سياسي محموم، كان عنوانه العريض: «سنوات الرصاص». 

الاستقراء الموضوعي للحدثين، يؤكد أن الصراع كان بين خطين متوازيين، أولهما إصلاحي صنع الحدث الأول، و ثانيهما ثوري صنع الحدث الثاني. 

لنستقرئ كل خط على حدة، قبل الوصول إلى الاستنتاج

* الخط الإصلاحي، و هو ذو اتجاه وطني صرف، لم يستورد آلياته الإيديولوجية من الخارج، بل آمن بنضج تجربته الوطنية، و عمل من داخلها على تطوير أدوات التفكير و الممارسة بهدف صياغة نموذج وطني إصلاحي يسعى إلى التغيير كأفق سياسي و اجتماعي. و ضمن هذا الخط يمكن استحضار تجربة حزب الاستقلال ذي المرجعية الإسلامية المحافظة، و حزب الاتحاد الاشتراكي ذي المرجعية الاشتراكية التقدمية. 

* الخط الثوري، استلهم مبادئه من الحركة الثورية العالمية، و خصوصا التجربة الشيوعية و التجربة الإسلامية الشيعية. و لذلك، فقد كان امتداده الإيديولوجي يساريا جذريا تارة (منظمة إلى الأمام) و إسلاميا جذريا تارة أخرى (جماعة العدل و الإحسان و بعض الحركات المتشيعة). المشترك بين اتجاهي هذا الخط، رغم تناقضهما الإيديولوجي، هو توظيف الآليات الثورية، في بعدها الانقلابي، من أجل تحريف المسار إلى الاتجاه المعاكس. و هذا التغيير في المسار، يتجاوز الدولة إلى المجتمع، من منظور شمولي يسعى إلى تأسيس النظام/المجتمع البديل. 

من خلال استقراء تجربة الخطين السياسيين، على امتداد تاريخ المغرب المعاصر، يمكن استنتاج خلاصتين في منتهى الأهمية، و هما معا قابلتان للتعميم في مغرب المستقبل: 

• من جهة أولى، يعتبر الخط الثوري، ببعده الانقلابي، مغامرة غير محسوبة العواقب، لأنه لا يمتلك من نضج السيرورة ما يمكنه من إحداث تحول مرن ينقل الدولة/الشعب بين المراحل دون زعزعة استقراره، فرغم الإيهام بقدرة الآليات الثورية على تنقيذ المهمة باستعجال، فإن الانحراف الحاد بالدولة و المجتمع نحو الاتجاه المعاكس، يمكنه أن يفجرهما معا و يعبث بمكوناتهما التاريخية، إلى درجة استحالة إعادة تركيبهما بشكل جديد. 

• من جهة أخرى، يعتبر الخط الإصلاحي، كسيرورة تاريخية، خيارا واقعيا صائبا، و يمتلك من الرصانة ما يمكنه من نقل الدولة و المجتمع بين المراحل بشكل سلس و آمن. و الخط الإصلاحي لا يعدم مشروع التغيير، بل يعتبره خاصية المجتمعات و الدول، لكنه تغيير يقرأ التاريخ، فيزيائيا، باعتباره حركة مستمرة يتحكم فيها قانون التطور و التقدم، فبقدر ما يجب الحذر من الجمود كحالة منافية لطبيعة الأشياء، يجب الحذر كذلك من الحركة العشوائية التي لا تنصت لنبض التطور و التقدم، ببعدهما المعرفي الخالص الذي تتحكم فيه قوانين الاجتماع و السياسة و الاقتصاد. الحركة و التغيير، من منظور إصلاحي، فعل عقلاني ناضج يرتكز على أرضية فكرية و علمية صلبة لا تتزعزع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم