الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط مشروع الدولة الوطنية العمالية ! (1)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لا جدال في أن متغيرات و متبدلات كثيرة طرأت خلال العقود الزمنية الخمسة الماضية على المجتمع في البلدان الصناعية المتطورة ، لعل أبرزها كان ضمور الطبقة العمالية نتيجة التقدم الكبير و المتواصل في حقول علمية مثل المكننة و المعلوماتية ، الأمر الذي شجّع على تقليص الحاجة إلى اليد العاملة من جهة و على نقل المصانع إلى بلدان متأخرة حيث لا تراعى حقوق العمال فضلا عن توافر اليد العاملة الرخيصة فيها من جهة ثانية

نجم عن ذلك تراجع دور الحركة العمالية ، نقابيا و حزبيا ، في البلدان المذكورة ، في المجالين السياسي و الإجتماعي ، دليلا على أن تشارك العمال في المصنع قرّب فيما بينهم استنادا إلى إدراكهم بأنهم يتقاسمون نفس المصلحة و المصير . لا بد هنا من التنويه بالعناصر المتنورة التي ساهمت في تنمية وعي العمال و أقنعتهم بضرورة الإنتظام في النقابة العمالية و الحزب السياسي العمالي .

ما حملني في الوقع على وضع هذه التوطئة هو التذكير بان الكثيرين من العمال فقدوا البوصلة إذا جاز التعبير ،بعد أن نُقل المصنع إلى مكان آخر ، طلبا لتخفيض كلفة إنتاج السلعة ، فصاروا عاطلين عن العمل .حيث من المعلوم أن تأثيرالحصول على راتب، أي معاش ، من عدمه ، مختلف جدا على سلوك المرء ، مثلما أن التصرف الفردي يعكس ذهنية غير التي يعبر عنها التحرك الجماعي .

مجمل القول أن الحركة العمالية في البلدان الصناعية المتطورة فقدت بوجه عام ، الكثير من قدرتها على ممارسة دور فاعل في تقريروتوجيه السياسة الوطنية في بلادها ، و ان العاطلين عن العمل خرجوا من النقابات و من الأحزاب العمالية و تفرقوا فضلَّ بعضهم وانضموا إلى حركات سياسية متطرفة تنشط في خدمة رأسمال الذي أقفل المصانع و شرد عمالها . بكلام آخر أفشل الراسمال الليبرالي اللاوطني ، المشروع العمالي في البلاد المتطورة .

أما كيف استطاع رأسمال تحقيق مبتغاه ضد الطبقة العمالية ؟ فالإجابة على هذا السؤال تتطلب تفاصيل كثيرة ليست موضوع هذا البحث , لذا أقتضب فأقول أن العامل الرئيس الذي مكن رأس المال من أن يتغلب على الطبقة العاملة الوطنية ، كان من وجهة نظري الإستغناء عنها و استبدالها بطبقة عاملة مطواعة رخيصة في بلدان فقيرة ومتأخرة. ( حيث أن إجرة العامل هي دون التعويض الذي يتلقاه العاطل عن العمل في البلاد المتطورة ) . تحسن الملاحظة في هذا السياق أن الرأسمال استطاع امتلاك الكثير من وسائل الوقاية من "الحريق " الثوري العمالي ، فلقد قدم ماديا " راتب حد أدني" للعاطل عن العمل ، ضمانة صحية مجانية ، تعويضات عائلية ، تعليم مجاني ، توفير سكن بالإضافة إلى مشاريع تأهيل مهني . ناهيك عن امتلاكه أداة قمعية فعّالة عن طريق استخدامها بحرفية عالية .

لا بد في الختام من أن نلفت النظرإلى أن دور الإعلام كان هاما في تضليل الجماهير العمالية في البلاد المتطورة تحت عنوانين كبيرين :
1ـ مسؤولية المهاجرين عن مضاعفة أعداد العاطلين عن العمل و خطرهم على الهوية القومية
2ـ انخراط الدولة " مضطرة " في حروب خارجية دفاعا عن استقلال البلاد خصوصا و عن الحضارة الغربية عموما .
( يتبع سقوط مشروع الدولة الوطنية : لبنان نموذجا )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا