الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحد الدامي .. درس من التاريخ

امير حويزي

2022 / 2 / 1
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


انه يوم محفور في ذاكرة هذا الشعب المناضل العريق. يوم تتناقل ذكراه الاجيال جيل بعد جيل . يوم يمثل مسيرة طويلة من الكفاح والتضحيات من اجل الحرية والاستقلال والخلاص من الهيمنة وحق تقرير المصير.

انه يوم الاحد الموافق 30 يناير/كانون الثاني من عام 1972 الذي بات يعرف بمجزرة يوم "الاحد الدامي" ويشكل صفحة سوداء في تاريخ الصراع الدموي الذي كان دائرا في ايرلندا الشمالية. فقد شهد هذا اليوم مقتل 13 متظاهرا ايرلنديا مدنيا وجرح اكثر من 15 على ايدي قوات الجيش البريطاني التي فتحت النار على المتظاهرين السلميين المطالبين بالحقوق المدنية في منطقة لندن ديري ذات الاغلبية الكاثوليكية المعارضة للحكم البريطاني. وجاءت هذه الاحداث على خلفية التمييز الذي كانت تتعرض له الاقلية الكاثوليكية في مجالات السكن والتوظيف والتعليم لصالح الطائفة البروتستانتية المؤيدة لبريطانيا.

بمناسبة مرور خمسين عاما على هذه المجزرة أحيا المواطنون في ايرلندا الشمالية يوم الاحد ذكرى هذا الحدث الدامي بحضور اهالي واقارب الضحايا وشخصيات سياسية معروفة كان من بينهم رئيس وزراء جمهورية ايرلندا الجنوبية واعضاء من حزب "شين فين"، الجناح السياسي للجيش الجمهوري الايرلندي. تم خلال المراسم قراءة اسماء الضحايا واحدا تلو الاخر إسما إسما على وقع موسيقى وطنية حزينة صاحبها وضع اكاليل من الزهور حول صور الضحايا عند النصب التذكاري الذي اقيم قبل 48 عاما احياء لذكرى الضحايا. وجرى بث المراسم بثا حيا من محطات التلفزيون البريطانية والايرلندية الرئيسية الدولية وفي مقدمتها قناتي بي بي سي وسكاي نيوز.

يحيي هذا المشهد في ذاكرة المواطن العربي الاهوازي والايراني ذكرى ضحايا الاعدامات والمجازر التي حدثت في ايران طوال اكثر من اربعة عقود من عمر الجمهورية الاسلامية ومحاولات النظام نسيانها وطمسها بل انكارها او حتى تبريرها. كما يعكس هذا المشهد التناقض الصارخ بين كيفية تعامل الامم والمجتمعات والانظمة الاكثر شفافية وانفتاحا كبريطانيا، وغيرها المستبدة المنغلقة كايران، مع ماضيها المظلم المرير لاستخلاص الدروس في سبيل المصالحة والتفاهم المشترك والاعتراف بالحقوق المشروعة والمصالح المتبادلة.

لازالت مجزرة الاربعاء السوداء التي حدثت في 30 مايو/آيار 1979 في مدينة المحمرة (خرمشهر) والتي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى من المواطنين المدنيين العزل حاضرة بقوة في ذاكرة ووجدان الشعب العربي وخاصة اهالي المدينة. تلك المجزرة التي كان النظام وما يزال يرى ان ضحاياها ليسوا سوى ارقام وجثامين لا يستحقون الدفن في مراسم مناسبة لهم بل لا يحق لذويهم حتى اقامة مجالس عزاء لاحبتهم.

وهذا ينطبق على ضحايا اعمال القمع والاعدامات الجماعية والمجازر التي طالت الاقاليم والمدن الايرانية الاخرى منذ الايام الاولى لقيام الجمهورية الاسلامية في كردستان وآذربيجان وبلوشستان والتركمان وطهران وشيراز واصفهان ومشهد وغيرها. ومن ابرز هذه الاحداث الدموية كانت الاعدامات الجماعية للسجناء السياسيين عام 1988 التي جرى فيها تصفية الالاف من السجناء من كافة المنظمات والتيارات السياسية وتم دفنهم في مقابر جماعية. ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا لا يزال العديد من ذوي الضحايا يجهلون مصير ابنائهم او كيف ولماذا اعدموا. إذ لم تقدم السلطات معلومات كافية عن العدد الحقيقي للضحايا واماكن دفنهم.

اما خلال التظاهرات الواسعة التي اندلعت عام 2009 في اعقاب الانتخابات الرئاسية احتجاجا على انتخاب احمدي نجاد فقد سقط العشرات من المتظاهرين السلميين كان ابرزهم ندى آغا سلطان التي اصبحت رمزا لضحايا العنف والقمع الذي مارسته قوات الامن والشرطة ضد المتظاهرين خلال ما عرف ب "الحركة الخضراء".

واتسعت دائرة العنف والقمع ضد المواطنين في السنوات الاخيرة كما حدث العام الماضي خلال انتفاضة العطش في اقليم الاهواز التي سقط فيها نحو 12 من المواطنين العرب، وقبلها بعامين خلال احتجاجات واسعة عمت جميع مناطق ومحافظات ايران والتي لقى فيها اكثر من مئتي شخص حتفهم.
فبينما تمكن اهالي ضحايا مجزرة "الاحد الدامي" في ايرلندا من رفع دعاوى قضائية ضد الجيش البريطاني والحكومة حتى انهم حصلوا على إدانة للمجزرة واعتذار رسمي في البرلمان البريطاني من قبل الحكومة البريطانية ممثلة شخصيا برئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون والحالي بوريس جونسون لمقتل ابنائهم، الى جانب تعويضات مالية تقدر بملايين الجنيهات، لا زال اهالي ضحايا العنف والمجازر في ايران ينتظرون اليوم الذي يرون فيه تحقيق العدالة ضد الجرائم التي ارتكبت بحق ابنائهم.

بات غياب المسؤولية القانونية والمحاسبة القضائية والافلات من العقاب من سمات نظام الجمهورية الاسلامية. فمنذ تأسيس النظام لم يقدم مسؤولا واحدا الى القضاء ولم يحاسب رجلا امنيا او عضوا في قوات الحرس الثوري على ما ارتكبوه من اعمال خارجة عن القانون او ما قاموا به من اعمال عنف وقتل ضد المتظاهرين السلميين والسجناء السياسيين. ولم يقدم اي اعتذار للشعوب الايرانية وكافة المواطنين الايرانيين للجرائم التي ارتكبت بحقهم. ليس هذا فحسب وانما جرى ويجري تكريم ومكافأة المجرمين و الجلادين لافعالهم الاجرامية. يبدو ان دماء الشعوب الايرانية والمواطنين الايرانيين هي ارخص من سواها من الشعوب حول العالم في عرف نظام الجمهورية الاسلامية.

لكن سيأتي اليوم الذي ستحاسب فيه الشعوب من اجرموا ومارسوا الظلم بحقها. وان الجرائم التي ارتكبت بحق الشعوب الايرانية لن تنسى ولن يمحوها الوقت او الزمن وستضل محفورة في الذاكرة كما "الاحد الدامي" محفور في ذاكرة الشعب الايرلندي.

مجموعة من نشطاء عرب الاهواز التقدميين (عاتق)
31 يناير/كانون الثاني 2022
11 بهمن 1400








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا