الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط مشروع الدولة الوطنية : لبنان نموذجا

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ينطلق هذا البحث من معطى يُفترض أنه مُثبت ، فحواه ان " الدولة " كما هي حاليا لا تعدو كونها " شركة مساهمة خاصة " و بالتالي فإن الهدف الأساس هو تأميمها ، أي تحويلها إلى دولة وطنية ، لصالح سكان البلاد دون تمييز بحسب الدين و العرق و الفكر .

ينبني عليه أن العلاقة التي تربط بين الناس من جهة و الدولة ـ الشركة الخاصة من جهة ثانية تشبه في أكثرأوجهها تلك التي توجد بين العامل و رب العامل أو بين الإقطاعي و الفلاح المرابع . بمعنى أنه ليس بين الطرفين علاقة عضوية أو مصيرية تتأثر إذا انفصلا عن بعضهما . علما أن هذا الانفصال سيقع حتما ، فالتقاؤهما مؤقت أو بالاحرى مرحلي حيث يكاد أن يكون مرسوما وفق سنة التطور الطبيعي .

من المعروف في هذا السياق أن " الضيعة " ضاقت على سكانها ، مما اضطرهم إلى الخروج منها بحثا عن مصدر يسدون به ما تتطلبه معيشتهم ، فذهبوا إلى المدينة و تحديدا إلى العاصمة ، حيث توجد إدارة الدولة ـ الشركة ، و وكلائها و مخازنها و وسائل نقلها و منافذها ، حيث استقروا في غالبيتهم عمالا مياومين و خدما و نواطير ، بينما أكمل بعضهم الذين سنحت لهم الفرصة طريق الهجرة نحو بلدان أفريقيا و أميركا .

نجم عن هذا إنفتاح الضيعة على الخارج ، بعد أن كانت " كيانا " معزولا ذات إكتفاء ذاتي تقريبا ، فأحس سكانها أكثر فأكثر بالحاجة إلى طريق معبدة تصلهم بالمدينة و إلى ُمعلم مجاز من " الدولة " يلقن أبناءهم مبادئ القراءة و الكتابة ، على أن يتدبروا بأنفسهم أمر إسكانه ومكان المدرسة . اما الغاية فلقد كانت إعداد الجيل الناشئ لتولي وظيفة رسمية أو للهجرة .

لا نبالغ في القول أن ولادة المدرسة الرسمية في لبنان حملت معها بذور الصراع من أجل الوطن و الدولة الوطنية ، بين الذين يحتاجون إلى وطن من جهة و السلطة التي توكلت بادارة الشركة " المساهمة الخاصة " من جهة ثانية ، المسماة دولة إعتباطيا ، المتخصصة بتقديم الخدمات في قطاع استغلال النفط في شبه جزيرة العرب و العراق ، و في المجال الإستراتيجي في مواجهة إرهاصات حركة التحرر العربية ردا على الأخطار المصيرية التي يبطنها المشروع الإستعماري الإستيطاني الغربي بواسطة الصهيونية و في اعتراض رياح التنوير و التغيير التي أججت النضال على المستوى العالمي ضد الإستعمار و الأمبريالية و الفاشية .

لقد وفرت المدرسة الرسمية و الطريق السيارة بالإضافة إلى حاجة الشركة " المساهمة " المتزايدة لموظفين ، الظروف الملائمة لتكوين نخبة وطنية راحت تبحث عن اساليب بديلة لإحلال الدولة الوطنية الممثلة لجميع سكان البلاد في الدفاع عن وجودهم و مستقبلهم على أرضها ، مكان شبه الدولة " الخاصة " .

تحسن الإشارة هنا إلى أن أهل الشرق يقتلون عادة أنبياءهم . فلم تكن حظوظ الأحزاب و الحركات الوطنية مختلفة حيث تعرضوا لرد فعل قاس من جانب تحالف رجل الدين والإقطاعي اللذين استطاعا جعل ميزان القوى مائلا لصالحهما ، الأمر الذي مكنهما من ا قتلاع "النخبة" الوطنية ومن إغلاق المدرسة الرسمية و من تشديد قبضتهما على البلاد حيث صار الناس رهائن لهما والأرض و البحر و السماء ملكا لهما . فإذا هم على نهج الرأسمال الليبرالي الذي نقل المصانع إلى البلدان المتأخر فجفف الطبقة العاملة ، يجبرون الناس في بلادهم على الهجرة لكي يُعيلوا أهلهم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال