الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواجهة التحدي الصفوي رهان معرفي

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


دأبنا، منذ سنوات، على متابعة الشأن السياسي العربي، دراسة و تحليلا، و كان موقفنا واضحا ضد التدخل الفارسي في الشؤون العربية. هذا الموقف نابع من مرجعية فكرية و سياسية مؤسسة، و لا ينخرط ضمن الصراع المذهبي، الموجه أمريكيا، كما قد يبدو لبعض المتسرعين في إصدار أحكام القيمة و إلصاق التهم.
من منظور فكري، نعلم جيدا الاختراق الحضاري الفارسي الذي هدد مقومات الخصوصية العربية، في العمق، و حاول تعويضها بمقومات الخصوصية الفارسة، بادعاء أن الحضارة الفارسية أولى بالإسلام من الحضارة العربية لأنها تتفوق عليها برصيدها الإمبراطوري ( أطروحة سروش). و في هذا الصدد تمكن الفرس، خلال العصر العباسي، من تسريب النموذج الكسروي إلى البنية الثقافية العربية، و أسسوا لنموذج إسلامي في الاستبداد الشرقي، و ذلك ما تمثله منظومة الآداب السلطانية، بمختلف تصانيفها مع ابن المقفع و عبد الحميد الكاتب ... و هي كتابات تمكنت من صياغة صورة فارسية للسلطان، تم تأصيلها، فيما بعد، عبر استدعاء النص الديني، و خصوصا مع ابن قتيبة في الشرق الإسلامي، و ابن عبد ربه في الغرب الإسلامي.

و لعل من بين أبرز المفكرين العرب الذين وعوا بهذا الخطر، و اتجهوا لمقاومته بالتفكيك و التحليل تارة، و بالنضال السياسي تارة أخرى، نجد المفكر محمد عابد الجابري، الذي لا يمكن فهم مشروعه الفكري إلا ضمن هذا السياق. فكل حلقات مشروع نقد العقل العربي، و كذلك الكتابات السياسية، كل هذه الكتابات تسير في اتجاه إعادة التأصيل للخصوصية الحضارية العربية التي هددها الطوفان الفارسي، خلال عصر التدوين الأول، لذلك نجد الأستاذ الجابري يدعو إلى تأسيس عصر تدوين جديد للثقافة العربية، عبر تصفية التراث الثقافي و الديني العربي الإسلامي من الدخيل الفارسي، و هذا الدخيل يتجسد في المنظومة العرفانية التي أسست في التاريخ الإسلامي للعقل المستقيل. و لذلك جسد الأستاذ الجابري الخصوصية الحضارية العربية الإسلامية في البيان و البرهان، و مد خيطا رابطا بين الثقافة العربية و الثقافة اليونانية اللتين تشتركان في الطابع العقلاني البرهاني.
لقد كان الأستاذ الجابري، من خلال مشروعه الفكري، يدشن لجسر فكري يربط الثقافة العربية الحديثة بالمنجز الحداثي الغربي، من منظور أنهما يشتركان في نفس المنطلق الفكري، و في نفس الآن كان يهدم الجسر الذي ربط الثقافة العربية، لقرون، بالنموذج الكسروي الفارسي الذي يوظف سلطة السماء للتحكم في الحركية الإنسانية على الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة