الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيار الاستراتيجي بين روسيا والصين لا يتزعزع

كريم المظفر

2022 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حملت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى بكين للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 في العاصمة الصينية، ولقاءه نظيره الصيني شي جين ينغ ، دلالات مهمة ، على مستوى العلاقة بين البلدين سواء في تنسيق المواقف السياسية في العديد من القضايا الدولية المهمة ، في ظل الظروف الدولية الحالية ، ومحاولة الغرب بناء موقف معاد ضد روسيا ، وتشكيل ما يسمى " بجبهة رفض " لكل الخطوات الروسية السياسية منها والإقتصادية والعسكرية ، و تأكيد الدعم المتبادل بين موسكو وبكين السياسي من وجهة نظر المراقبين، كانت النقطة المهمة التي وقف عندها الرئيسان بوتين وينغ ، حيث أكد الأخير ان الثقة المتبادلة السياسية والاستراتيجية بين بكين وموسكو مستمرة في النمو، منوها بأن الصين وروسيا، على الرغم من الجائحة، لا تزالان ملتزمتين بالتنمية المستدامة للعلاقات الثنائية، "الطرفان يدعمان بقوة الجهود المبذولة لحماية مصالحهما الأساسية. فالثقة السياسية والاستراتيجية المتبادلة آخذة في النمو، ولا يزال الطرفان ملتزمين بالأهداف الأساسية، ويبذلان جهودا دؤوبة من أجل التنمية المستدامة للعلاقات الثنائية" ، موضحا أن الصين وروسيا تعملان معا لتطبيق تعددية حقيقية وتكون بمثابة دعامة لتوحيد العالم في التغلب على الأزمات ، في حين شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الآخر خلال اللقاء ، على إن العلاقات بين روسيا والصين اكتسبت طابعا غير مسبوق، يدعم كل منهما تنمية وتطور الآخر، وقال "إن العلاقات بين روسيا والصين هي مثال جيد لبناء علاقات ثنائية جديرة بالاهتمام، فهي تساعد البلدين على التطور"
البيان الختامي الذي تبناه الرئيسان في ختام مباحثاتهما ، والذي حمل اسم "الإعلان المشترك بخصوص دخول العلاقات الدولية عهدا جديدا والتنمية المستدامة" ، وضع النقاط على الحروف ، حيث شددت روسيا والصين فيه ، على أن "العالم يمر الآن بتغيرات واسعة النطاق، وتدخل البشرية عهدا جديدا للتنمية السريعة والتغيرات واسعة النطاق"، بما يشمل عمليات وظواهر مثل تعددية الأقطاب والعولمة الاقتصادية وبناء المجتمع المعلوماتي والتنوع الثقافي وتغير منظومة الحوكمة العالمية والنظام العالمي ، ولفتت الوثيقة إلى زيادة مدى ترابط دول العالم ببعضها البعض وتبلور نزعة جديدة تقضي بإعادة توزيع توازن القوى في العالم، مع زيادة الطلب بأن يتولى المجتمع الدولي الزعامة بما يخدم مصلحة التنمية السلمية والتدريجية.
وفي مجال الأمن الدولي والإقليمي ، فقد أقرت موسكو وبكين في الوقت نفسه، في اعلانهما بأن الوضع في مجال الأمن الدولي والإقليمي يزداد تعقيبا يوما تلو آخر، حيث تظهر تحديات وتهديدات دولية جديدة على خلفية استمرار جائحة فيروس كورونا ، والتأكيد على أن "بعض القوى التي تشكل أقلية على الصعيد الدولي تواصل الدفاع عن اتباع مناهج أحادية الجانب وتلجأ إلى سياسة القوة وتتدخل في شؤون دول أخرى، بما يضر بحقوقها ومصالحها المشروعة"، مؤكدة أن تلك القوى "تؤجج خلافات ومواجهات وتحول دون تطور وتنمية البشرية، ما يستدعي رفض المجتمع الدولي".
ووجه الرئيسان في بيانهما المشترك نداء إلى كافة الدول لـ"تعزيز الحوار والثقة المتبادلة وتعزيز التفاهم والدفاع عن القيم الإنسانية العامة، مثل السلام والتنمية والمساواة والعدالة والديمقراطية والحرية، واحترام حق الشعوب في تقرير سبل تطوير دولها، واحترام سيادة ومصالح الدول في مجال الأمن والتنمية، والدفاع عن المنظومة العالمية المبنية على دور الأمم المتحدة المركزي والنظام العالمي المبني على القانون الدولي، والعمل من أجل تحقق تعددية الأطراف الحقيقية، مع أداء الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها دورا مركزيا ومنسقا في هذا الشأن، والإسهام في إحلال الديمقراطية في العلاقات الدولية وضمان إحلال السلام والاستقرار والتنمية المستدامة على الأرض".
روسيا والصين أكدتا دعمهما لبعضهما البعض ، في حماية مصالحهما الجذرية وسيادتهما ووحدة أراضيهما وتعارضان تدخل قوى خارجية في شؤونهما، وشددت موسكو على إلتزامها بمبدأ "الصين الواحدة" وتعتبر تايوان جزء لا يتجزأ من الصين ، وتعهد البلدان بالتصدي لأي تدخل خارجي في شؤون دول ذات سيادة تحت أي ذريعة كان وتؤكدان معارضتهما لـ"الثورات الملونة" وتعتزمان تطوير التعاون في هذا الصدد ، وادانتهما الإرهاب بكافة أشكاله وتقدمان فكرة تشكيل جبهة عالمية موحدة ضده مع أداء الأمم المتحدة دورا رئيسيا فيها.
ولم تغفل كل من روسيا والصين معارضتهما المستمر من تمدد حلف الناتو وتحثانه على التخلي عن المناهج الإيديولوجية التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، واحترام سيادة وأمن ومصالح الدول الأخرى ، روسيا والصين تعارضان تشكيل تحالفات مغلقة ومعسكرات متنافسة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتستمران في بذل مساع بغية إنشاء منظومة أمن شاملة ومنفتحة ومتساوية الحقوق في هذه المنطقة ، وكذلك حث القوى النووية على تقليص الاعتماد على ترساناتها النووية في سياساتها الأمنية وسحب كافة أسلحتها النووية المنتشرة خارج حدودها، والحد من تطوير منظومة الدفاعات الصاروخية العالمية واتخاذ خطوات فعالة بغية تقليص خطر اندلاع حروب نووية ونزاعات مسلحة بين دول تملك قدرات نووية ، واعرابهما عن قلقهما البالغ إزاء تشكيل تحالف "أوكوس" الدفاعي بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا وتحذران من أن هذه الخطوة تهدد نظام منع انتشار الأسلحة النووية وقد تؤدي إلى سباق تسلح جديد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ، بالإضافة الى ابداء موسكو وبكين قلقهما البالغ إزاء خطط اليابان تصريف المياه المشعة من محطة "فوكوشيما" إلى المحيط الهادئ.
وشددت موسكو وبكين على دعوتهما الولايات المتحدة إلى التجاوب إيجابا مع مبادرة الضمانات الأمنية الروسية والتخلي عن خططها لنشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا، حيث أكدت الصين دعمها للاقتراحات الروسية بشأن وضع نظام ضمانات قانونية ملزمة بخصوص أمن أوروبا ، واعراب روسيا والصين عن قلقهما إزاء تطبيق الولايات المتحدة خططها لإنشاء منظومة الدفاع الصاروخي العالمية ونشر مكوناتها في مختلف مناطق العالم بالتزامن مع زيادة قدرات الأسلحة غير النووية عالية الدقة.
اما الجانب الاقتصادي بين موسكو وبكين ، هو الاخر استحوذ على أهمية كبيرة سواء في المحادثات او في الاتفاقات الموقعة بين البلدين والتي أشار لها مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، إلى أن روسيا والصين تخططان لتوقيع مجموعة واسعة من الاتفاقيات، خلال زيارة بوتين إلى بكين ، وسيتم تبني حزمة واسعة من الوثائق يتجاوز عددها 15 اتفاقية ، ووضع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، هدفا جديدا لزيادة حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين، بحيث تصل قيمته إلى 250 مليار دولار سنويا، وقد أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن روسيا بمقدورها تحقيق هذا الهدف، على الرغم من أنه طموح ، وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين في عام 2021 بلغ 140 مليار دولار.
ومن الاتفاقات المهمة التي شهدتها الزيارة ، هي الصفقة الت وقعتها "روس نفط" صفقة مع شركة "سي إن بي سي"( CNPC) الصينية والتي تتضمن توريد 100 مليون طن من النفط إلى الصين عبر كازاخستان على مدى 10 سنوات ، وكشفت الشركة الروسية قيمة الصفقة الضخمة التي أبرمتها مع الشركة الصينية وذلك على هامش زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بكين ، بانها تبلغ 80 مليار دولار ، في حين وقعت شركة "غازبروم" الروسية عقدا طويل الأجل مع شركة البترول الوطنية الصينية "سي إن بي سي"CNPC) )لتوريد 10 مليارات متر مكعب من الغاز الروسي ، وأشارت شركة "غازبروم" الروسية إلى أن توريد كميات الغاز الطبيعي سيتم عبر مسار "الشرق الأقصى".
توقيع العقد يعد خطوة مهمة في مسار تعزيز التعاون متبادل المنفعة بين روسيا والصين في قطاع الغاز، وبعد وصول المشروع (الشرق الأقصى) إلى طاقته الكاملة سيزداد حجم إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى الصين بمقدار 10 مليارات متر مكعب، إلى 48 مليار متر مكعب في السنة، وإن "توقيع عقد جديد لإمدادات الغاز الروسي إلى الصين يدل على أعلى مستوى من الثقة المتبادلة والشراكة بين روسيا والصين".
بلوغ إمدادات موارد الطاقة من روسيا إلى الصين مستويات قياسية، فمنذ إطلاق خط أنابيب الغاز "قوة سيبيريا" تم تصدير أكثر من 15 مليار متر مكعب من الغاز، كما يتم بحث بناء خط أنابيب غاز جديد عبر منغوليا (من روسيا إلى الصين)، كذلك حجم التبادل التجاري بين البلدين، يعكس ثقة الجانبين في إمكانية تعزيز تعاونهما في المجال الاقتصادي للوصول نحو زيادة حجم التجارة إلى 200 مليار دولار سنويا، وهو هدف وضعه رئيسا روسيا والصين ، إضافة إلى وجود اهتمام لإنشاء بنية تحتية مالية تهدف لتحيد لتأمين التعاون الروسي الصيني من ضغوط العقوبات المفروضة من قبل دول ثالثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في