الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مدارس العراق الطينية بين الراسمالية الوطنية والراسمالية الطفيلية
ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)
2022 / 2 / 5
التربية والتعليم والبحث العلمي
ليث الحمداني *
أعادني تقرير نشرمؤخرًا عن انتشار المدارس الطينية في العراق وصور أخرى تداولها ناشطون عراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي لتلاميذ يؤدون امتحاناتهم في العراء وهم يفترشون الارض. أعادني إلى الثمانينات، وتحديدا إلى عام 1987 يوم أدركت وزارة الحكم المحلي الصعوبات التي يواجهها التلاميذ في المدارس ذات الدوام المزدوج فقررت وبالتعاون مع وزارة التربية إطلاق المشروع الوطني لبناء المدارس الذي استهدف بناء 2040 مدرسة في انحاء العراق على أن يبدأ المشروع ألذي خصص له مبلغ 40 مليون دينار في كانون الثاني 1988 ويكون هذا المبلغ حصة الدولة من المشروع 50% من الكلفة ويسهم رأس المال الوطني (الصناعيون والتجار) بـ 50 %- الثانية. وفعلا تم تصميم نموذجين، الأول للمدارس الابتدائية التي يتراوح عدد صفوفها بين 14-16-18 صفا دراسيا مع المباني التكميلية، والثاني للمدارس الثانوية، وعدد صفوفها 24 صفا دراسيا مع 3 مختبرات والأبنية التكميلية.
تم توزيع المدارس جغرافيا على المحافظات، وبرمجة تنفيذ المشروع على مراحل تستغرق ثلاث سنوات.
ما يهمني هنا هو الدور الذي لعبته ألرأسمالية ألوطنية التي كونت ثرواتها من العمل والانتاج وخدمة الاقتصاد الوطني، تلك الراسمالية التي أسهمت في بناء العراق. ولآن الذاكرة لا تخدمني الآن بعد كل هذه السنوات فقد عدت الى دراسة الماجستير القيمة (جريدة الاتحاد ودورها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي في العراق 1985- 1990 للاستاذ مثنى عبدالقادر عارف المقدمة لكلية الاداب في جامعة بغداد والتي اشرف عليها د.عصام خليل محمد .
تشير الدراسة إلى أن اتحاد الصناعات العراقي دعا الصناعيين للتبرع للحملة حيث بادر الصناعيون للتبرع ماديا وعينيا. بعضهم تبرع بآليات ومعدات وسيارت نقل، وبعضهم تبرع بالمواد الإنشائية الداخلة في البناء من أبواب ومواد صحية وزجاج وغيرها، وبعضهم تبرع بالأثاث من مصانعه، والأهم والأبرز قيام بعضهم بالتبرع لإنشاء مدارس كاملة. وهنا اذكر انني وبحكم مسؤليتي عن تحرير جريدة (الاتحاد) حضرت حفلات افتتاح بعض هذه المدارس ومنها (مدرسة النصر الابتدائية المختلطة) التي أنشأها الصناعي يونس السماوي في حي الشهداء بمدينة الناصرية، و (مدرسة الشيماء الابتدائية) في منطقة الشواكة بجانب الكرخ التي أنشأها الصناعي فؤآد الوتار. وبنيت تلك المدارس حسب المواصفات الهندسية الموضوعة للمدارس الابتدائية تضم الواحدة منها (12) صفا دراسيا بالاضافة الى الساحة الرياضية وأبنية الإدارة والخدمات والمرافق الصحية.
الدراسة تشير الى قيام مجموعة شركات الحاج محمود البنية وأولاده بإنشاء (مدرسة عدنان خيرالله الثانوية للبنات) في حي الخطيب في الكرخ التي ضمت (24 صفا) دراسيا مع 3 مختبرات وقاعة للحاسوب ومرسم ومكتبة وجناح إداري مع أبنية الخدمات والمرافق وساحة الرياضة، وقيام الصناعي موفق العلاف بإنشاء (ثانوية ذي النورين للبنات) المواصفات السابقة نفسها في منطقة الدورة ببغداد.
ابرز الصناعيين الذين أسهموا في بناء المدارس عبدالهادي حمرة ومحمد كافل حسين وعدنان الحلي ومؤيد زكي شريف وغيرهم، وقد توقف المشروع بعد أحداث 2 آب. وكان عدد المدارس التي تم إنشاؤها 1356 مدرسة من بين العدد المستهدف 2040 مدرسة.
هؤلاء الصناعيون وغيرهم من الممثلين الحقيقيين للرأسمالية الوطنية الذين كونوا ثرواتهم بالعمل والانتاج وخدمة الاقتصاد الوطني أنفقوا من أموالهم التي جمعوها خلال سنوات طويلة بعملهم وسهرهم وجهدهم لبناء مدارس لأبناء وطنهم . لم يكن ايا منهم (بعثيا) ولم نكن نعرف ماهي دياناتهم او مذاهبهم .
فماذا فعل (ألرأسماليون الطفيليون) وخاصة أدعياء الاسلام السياسي الذين كونوا ثراتهم بعد عام 2003 لمعالجة الواقع المر للمدارس الطينية في العراق؟ أجزم أن هؤلاء امتلكوا خلال سنوات قليلة أضعاف أضعاف ما كان يمتلكه أولئك الصناعيون الذين أفنوا سنوات عمرهم لتطوير صناعاتهم وتحسين اقتصادياتها وجعلها صناعات منافسة في الأسواق العراقية والعربية.
هذا هو الفرق بين (الرأسمالية الوطنية) و(الرأسمالية ألطفيلية)
الأولى تساهم في بناء بلدها
والثانية تسرق ثروات بلدها
رحم الله من توفى من اولئك البناة وامد في عمر من بقي منهم حيا وهو يعيش بعيدا عن العراق حيث لم يعد له مكان بين التماسيح التي اجتاحت العراق بعد 2003
ورحم الله تلك الايام.
• صحفي عراقي وناشط نقابي سابق رئيس تحرير القسم العربي من جريدة (البلاد) الكندية
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة