الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة (ريان) بين القلب والعقل !!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2022 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هؤلاء العرب، وأعني بهم هؤلاء القوم الناطقين بالعربية، فرقتهم الانظمة العربية وكرة القدم وثورات الخريف العربي والاسلاميين ووحدهم تعاطفهم مع مأساة هذا الطفل (ريان) ذي الوجه الملائكي الذي سقط، على حين غرة، أو حين اهمال، في بئر فاغرة فمها كثعبان ضخم جائع رابض في بلدة نائية من ذاك العالم العربي الكبير والمنكوب!

واليوم، وفيما كنت أتأمل بحزن وأسف وجهه البرئ بعد ان فارقت روحه الطاهرة هذا الجسم المكلوم وهذا العالم العربي البائس رأيت على وجهه تلك الانفعالات الطفولية التي كانت تبدو على وجه طفلي الوحيد (نصر) حينما كان (يزعل) مني لسبب ما او حين يشعر بخيبة امل حينما لا أنفذ له ما يريد !، فيمطط شفتيه للامام تعبيرًا عن ذلك الزعل الطفولي الخالي من كل حقد وظغينة، ذلك الانفعال الطفولي الذي يأسر قلوب الاباء ويدفعهم الى الاستجابة لطلب قرة اعينهم من شدة الشفقة والحنان!.... هذا ما رأيته في وجه (ريان)! ... إنه طفل (زعلان)!!

حينما نظرت الى وجه (ريان) بعد رحيله ترقرقت في عيني دمعة مريرة، دمعة خرجت عن نطاق السيطرة وحاولت ان تتمرد على قوانيني الصارمة القديمة التي اتخذتها منذ هروبي الكبير من جحيم بلادي (ليبيا) عام 1995 لكنني ما إن رأيتها، اعني تلك الدمعة المتمردة، وهي تحاول التملص من تلك القوانين العقلية الصارمة حتى اسرعت الى مسدسي واطلقت عليها الرصاص بلا تردد ولا شفقة واخمدت انفاسها في مهدها !!، اذ انني منذ مغادرة بلادي بتلك الصورة الاضطرارية قررت ان اعيش بلا دموع!!... فقوانيني الصارمة يمكن أن تسمح لقلبي ان يبكي بمرارة على وطني وقومي العرب وعلى كل دواعي البكاء كما يشاء، كل دواعي البكاء في حياتي الخاصة او العامة، في الماضي منذ سقوط غرناطة، وفي الحاضر منذ سقوط بغداد، فقوانيني العربية الصارمة تسمح لقلبي العربي بالبكاء كما يشاء ولكن لا تسمح لعيني العربية بسكب اية دمعة بعد كل تلك الدموع التي سكبتها في غرفتي وحيدًا في (السودان) وداعًا لعالمي الطفولي القديم ووطني العربي المنكوب!!..... ومع ذلك، وبصراحة، فإنني وحيال مأساة هذا الطفل المسكين (ريان) لم يكف عقلي عن طرح السؤال الجدي والكبير الذي ظل يصرخ في راسي بغضب في جنون : ((من المسؤول !!!؟؟)) ام ليس هناك من مسؤول!؟؟... كيف تم ترك تلك الحفرة الخطيرة والمهجورة بدون غطاء !!؟؟ وكيف تم ترك طفل بهذا العمر يلهو بقربها بلا اهتمام وخوف وحذر !!؟ أين مسؤولية الاباء عن الأبناء؟؟!! ومسؤولية الكبار عن الصغار !؟؟ هل هي مشكلة وعي ام مشكلة ضمير أم مشكلة غياب الشعور بالأمانة والمسؤولية!؟؟ ... هذا هو السؤال الجدي والكبير الذي طرحه عقلي بعد أن افرغ رصاصته القاتلة في تلك الدمعة المتمردة في مهدها بشكل صارم حفاظًا على النظام العام في نفس هذا العربي المهاجر الذي قرر في ساعة غضب ان يفرد جناحيه ويحلق في ارض الله الواسعة بعيدًا عن وطنه العربي الكبير المنكوب، ولكنه، حينما استقر به المقام في بلد (الفرنجة والعلوج)، وفتح حقيبته ليرتب محتوياتها في خزانة غرفته اكتشف بأنه كان، ومن حيث لا يدري، قد حمل معه في قلبه وعقله كل هموم واحلام وآلام ذلك الوطن العربي الكبير والمنكوب!!... وأدرك عندها أنه كان قد فر بجسمه فقط بدون روحه، وأنه في غمرة غضبه واستعجاله الرحيل ترك روحه من خلفه يهيم بين اطلال وطنه القديم !!
تصبحون على وطن.
**********








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعزبة ومواساة!!
سهيل منصور السائح ( 2022 / 2 / 6 - 07:18 )
الصبر والسلوان لوالديه ومحبيه ولروحه السكينة وللمتسببين في موته الخزي والعار و اللعنة الدىئمة وانا لله وانا اليه راجعون.

اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس