الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلي الأشياء

حسن إسماعيل

2022 / 2 / 8
الادب والفن


يستيقظ في الصباح الباكر
يذهب إلى سواقي العمل حيث الطريق الوحيد للعيش في عالم الأشياء الواقعي الفج
يلملم بعض الأموال ليشتري بعض الأشياء ليستيقظ في الصباح الباكر للسنة القادمة
يلملم اشيائه ويذهب إلى المقاهي في الليل ليغتال النصف الباقي من اليوم ليجذب السنة القادمة

يتخيل أن جلسة هؤلاء كجلسة هؤلاء .. لأنه لا يعرف الفرق بين الجوهر والأشياء
بين الماء العذب الذي يروي العبث بالمعنى والماء المالح الذي يحترف الإمضاء على شيك على بياض ..للعطش
فيحبط نفس احباط السنة الماضية .. يسأل نفس الأسئلة الجوفاء ويأخذ اجابات مفرغة من الونس وحيدة مثله
ليذهب في الصباح الباكر ليغتال يوم جديد في سنة مخلوقة على صورة السنة القديمة

هكذا تعود منذ القدم .. أن يضع عمره الجديد في زق ذهن عتيق
فلا يحصد .. الآن
يظل الآن غائب في بئر الأمس الفارغ من السرائر
فهو لا يحمل في غرفتة غير دولاب الماضي وسرير تكفين الآن

يسكر حتى الثمالة في الغوص في عالم الأشياء
يستيقظ في الصباح الباكر بصداع نصفي ليأخذ حبوبه المسكنة للحياة
ويقسم يومه بين العمل والمقاهي .. بين العادات والاجترار .. بين الطقس والرتابة .. بين الملل والهروب من مواجهة ذاته
ليستيقظ في الصباح الباكر على تجاعيد تصدمه انه اقترب من الحافة فارغ المضمون إلى حد المسخ

يسكر حتى الثمالة بكأس الأشياء .. لعله ينسى انه كلي الأشياء ولكنه في الحقيقة لا شيء
كل الأرقام التي ترقص على مسرحه يخرجها مخرج صفري
يصنع كنز من اللحظات المقتولة بجدارة

مشاعره لم تعرف العري أمام شخص واحد فقط .. حتى هذا الواحد لم يجده رغم الزحام اللزج والضوضاء الصماء
أحلام الحب لم تعرف النور لأنه لم يقطن غير الظلام واجتهد في العبور على الفرص بكل ضمير ميت
لم يكتشف كم التيجان التي لديه .. لأنه اضاع عمره في التلصص ورصد تيجان الآخرين

لم يعرف من هو
وماذا يريد
ولماذا يحيا
وكيف يحيا
وإلى أي شيئ ينتمي
ومن عشق بحق وأعطاه كيانه كله
ولمن أعطى نفسه إلى الدرجة القصوى دون أدنى انتظار
ولمن ينتمي بروحه
وكيف عبر على الفقراء دون مخاض يجعل منه قطعة خبز حي ورشفة ماء
وكيف لم يهتم بالمأسورين وتركهم بين أنياب الجلادين دون أدنى امتعاض حتى في غرفته الخاصة
ولماذا لم يختبر عهد الإخلاء
ولماذا لم تجذبه الحرية واستساغ عبوديته اليومية
ولماذا لم يلمس قلوب الأطفال وترك داء السواد يمتلكه
كيف أغلق بابه في وجه العجائز وسر الحب المجاني فاحتفظ بفقره الروحي إلى حد الجفاف
كيف لم يتأمل الكون وعرف أن الحقيقة تكمن في التناغم حتى الفوضوي منها

وها بعد كل هذا الكلام وأكثر منه .. بعد الكم والكيف من الفرص
يستيقظ في الصباح الباكر ليغتال عمره في عالم الأشياء
لأنه تخيل يوما أن جلسة هؤلاء كجلسة هؤلاء
ومعتقد هؤلاء كمعتقد هؤلاء
وخرافة هؤلاء كعلم هؤلاء
وعبودية هؤلاء كحرية هؤلاء
وأنانية هؤلاء كحب هؤلاء
عبر على هؤلاء .. وعبر على هؤلاء
واستيقظ في الصباح الباكر .. كلي الأشياء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال