الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن النادي الخلفي للسياسة في العراق

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2022 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


من أسس السُنن السياسية السيئة ما بعد صدام حسين ؟

أول من وضع الاساسات التي بنيت عليها العملية السياسية في العراق هم (الاحزاب الكوردية)، وذلك بعد أن اقنعوا الاحزاب الشيعية، وكانوا اسلاميين في الغالب، لدعم المباني السياسية التي ستقام عليها دولة جديدة ما بعد سلطة حزب البعث، والتي سيوفر لها الامريكان غطاءً شرعياً، فجاءت (المحاصصة) على رأس هذه المباني، وهي تعني تقاسم (الثروة + النفوذ) بين زعماء المكونات الاجتماعية، ثم جاء مجلس الحكم ليشكل الاختبار الأول لهذا التقاسم.

عموماً، ليست هذه هي المشكلة، فقد تكون سياسة (الشراكة والمشاركة) في السلطة عبر تمثيل مكوناتي حلاً لمسك البلد والحفاظ على وحدته من التفكك، بعد مرحلة سياسية قاسية استمرت قرابة 50 سنة كانت دكتاتورية في الغالب، ومن هنا سار العراق الجديد على (الديمقراطية التوافقية) برعاية ودعم دوليين وافقت حتى الأمم المتحدة عليها، على ان تكون هذه العملية السياسية ملتزمة بالدستور الذي جرى تشريعه عام 2005، ولأجل ذلك تم تكوين السلطة القضائية لتكون حارساً على حسن سيرة وسلوك بقية السلطات في البلد، بواسطة يدها العليا التي اطلق عليها أسم (المحكمة الاتحادية).

ومن هنا صارت المحكمة الاتحادية عبارة عن (نادي خلفي) لحل الاشتباكات السياسية في الدولة، والتي تنتج عادة جراء الاختلاف على البنود الدستورية، أو جراء الاستخدام الفؤي لهذه البنود، وهو ما حصل فعلاً في وقت مبكر من عمر الدولة الجديدة، وذلك في عام 2010، حين اخذت الطموحات السياسية تتنامى.

ولعل طموحات رئيس الوزراء الاسبق (نوري المالكي)، والذي هو أمين عام حزب الدعوة، في تولي ولاية ثانية بأي وسيلة كانت، قد أسست لسُنة خرق الدستور الاولى في العراق الجديد، ومن بعده صارت عمليات استسهال خرق الدستور اسهل شيء في العملية السياسية.

وبالطبع كل عمليات خرق الدستور جرى تمريرها عبر الدستور نفسه، من خلال استغلال سلطة المحكمة الاتحادية، التي هي لوحدها تمتلك حق ليّ عنق المواد الدستورية، ولهذا صارت توفر خدمات (VIP) للكتل السياسية، خصوصاً الذين يمتلكون المقاعد الاكثر عدداً، لكون اصحاب هذه المقاعد يمتلكون عادة (السلطة + الثروة).

ومنذ عام 2010 وحتى اليوم جرى خرق الدستور وعدم الالتزام به والتلاعب بتفسيراته عشرات المرات، ولعل اخر الفضائح ما حصل في العام الحالي 2022 حين قلبت المحكمة الاتحادية تفسيرات عام 2010 رأساً على عقب، سواءً ما يخص قضية الجلسة البرلمانية الاولى، أو قضية تسجيل الكتلة الاكبر، أو قضية الثلث المعطل، حتى وصلنا لحالة قانونية مطاطة لا يمكن الثقة بها والارتكاز عليها.

وصارت الحالة المطاطية هذه تزداد رخاوة يوماً بعد اخر مع حماسة بعض النواب الجدد ومعهم بعض الكتل السياسية، الذين صاروا يترافعون اسبوعياً أمام المحكمة الاتحادية لغرض الاستعراض السياسي، حتى صارت مواد الدستور مادة للسهرات التلفزيونية ليس اكثر من ذلك، وهو ما أدى ألى إسقاط قيمة الدستور، لكون فكرة القبول بان الثابت قابل للتغير كل عدة سنوات سيؤدي الى نزع خاصية الثبات عنه.

ومن هنا تبدو الاحزاب السياسية نفسها عرابة هذه الفوضى القانونية والدستورية، سواءً تلك الاحزاب المؤسسة للعملية السياسية والتي سنت السُنن السيئة في السنوات الاولى، او القوى التي فازت حالياً والتي تسير على نفس السُنن دون ان تضع في اعتبارها السنوات القادمة التي قد تأتي بقوى اخرى ستقلب مرة اخرى تفسيرات المحكمة الاتحادية لصالحها، لتعيد حياكة القواعد القانونية وفق ما يناسبها، مادام النادي الخلفي على استعاد دائم لتقديم خدماته للكتل السياسية الفائزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة