الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤامرة الصمت ورحيل البروفيسور مونتانييه، أحد كبار فاضحي مفتعلي جائحة كورونا

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2022 / 2 / 10
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


=====
توفي مكتشف فيروس الإيدز، الحائز جائزة نوبل عام 2008، لوك مونتانييه، عن عمر يناهز 89 عامًا، في 8 فبراير، في مستشفى أمريكي في نويي سور سين Neuilly-sur-Seine . وقد ظهرت معلومات حول هذا الأمر لأول مرة على Twitter و Telegram التابعة لإحدى وسائل الإعلام الفرنسية المستقلة France Soir بعد ظهر يوم 9 فبراير. بعد ذلك بقليل، نشرت "فرانس سوار" مقالاً على موقعها على الإنترنت، تسبب في موجة من التعليقات المتشابهة. ويمكن أن نختصر جوهرها في شيء واحد تقريبًا: "أنتم تكذبون، لأن أحداً لم يكتب عن هذا."

في الواقع، إذا كان من الممكن بالحسنى أن نتفهم المعلقين، فإن وسائل الإعلام الأخرى بقيت فعلاً صامتة، كما لو أن في فمها ماء. ليس فقط بي بي سي وسي إن إن، ولكن أيضًا وسائل الإعلام المحلية، التي يبدو أنها مسؤولة عن تغطية جميع الحوادث في البلاد. فحول حدث مهم مثل الجدل اللفظي بين نائب غير مهم مع الشرطة، كتب الصحافيون الفرنسيون أطنانًا من المنشورات، لكنهم لم ينبسوا ببت شفة عن وفاة مونتانييه.

يعكس رد فعل المعلقين تمامًا التصور المؤسف لمستخدم الإنترنت العادي الحالي: إذا لم تتحدث وسائل الإعلام الكبيرة عن شيء ما، فهذا يعني أنه ليس صحيحًا و / أو لم يحدث. وإذا لم يكن صحيحًا، فيمكنك أن تغرد بصوت عالٍ وتقول "كذبة!" وللحظة يشعر المرء وكأنه شخص ذكي لم يتمكن مسوّقو الأكاذيب من خداعه!!!

ما هي خطيئة البروفيسور مونتانييه حتى يثير موته مؤامرة الصمت المذهلة هذه، يا ترى؟ ماذا فعل ليبقى الصحافيون الأحرار، اللامعون الدمثو الأخلاق صامتين مثل سمكة (أو قل مثل عبد قميء).

لقد فعل البروفيسور مونتانييه شيئًا فظيعًا، وحشيًا، ارتكب خطيئة لا تغتفر بكل بساطة. سمح لنفسه أن يكون مستقلا.

عندما درس بنية فيروس كورونا الذي ظهر حديثًا، اعتبر أنه تم تصنيعه في المختبر، وأعلن ذلك للعالم أجمع. وقد فضح في هذا إلى حد بعيد – إذا ما حكمنا من خلال ردود الفعل - دولتين على الأقل أجريا بحثًا مشكوكًا فيه في ذلك المختبر في ووهان، كما فضح رعاة هذه البحوث إياها.

وعندما توصل إلى استنتاج مفاده أن لقاحات فيروس كورونا التي تم إنتاجها في وقت قياسي يمكن أن تكون خطيرة، لم يلتزم الصمت أيضًا وذكر حججه علنًا، وكررها في العديد من المقابلات. ماذا يمكنك أن تفعل مع عالم من المدرسة القديمة الصلبة التي لا تخاف من قول الحقيقة مهما كانت فاقعة وضارة بوضعك المهني. على المحك ليس فقط مليارات، ولكن تريليونات الدولارات كأرباح يجنونها، وهنا، كما نفهم، يضع البروفسور العصي في الدواليب. لكن بما أنه تجاوز الحرام – وطاول مسألة المال، العجل الذهبي - فليس هناك ما يرأف به، خاصة وأن أساليب التلاعب المناسبة قد تم تطويرها منذ فترة طويلة.

وفجأة، في طرفة عين، أصبح الحائز جائزة نوبل، المحترَم والمُجلّ في عالم العلوم، صعلوكاً منبوذاً. وراحوا يمطرونه بالمقالات المسيئة، وينسبون إليه بعض التصريحات التي لا يمكن تصورها صادرة عنه بهدف تشويه سمعته ويتم دحضها على الفور بعد أن تفعل فعلها الدنيء. أزالت غوغل روابط مقابلاته، وقام موقع يوتيوب بحذفها، لكنه لم يحذف المواد المسيئة والمخادعة. وقبل أيام قليلة فقط، ظهرت كذبة جديدة - زعموا أن مونتانييه قال إنه بعد اللقاح التعزيزي، يجب أن يتم اختبار فيروس نقص المناعة البشرية عند الشخص الملقح، وكما يقولون، ستفاجئك النتائج بشكل كبير. أين قالها، لمن قالها - بالطبع، لا يوجد شيء من هذا القبيل، ومع ذلك ثمة حشرات مخادعة عديمة الفائدة كانت تحاول وتجهد وتخترع ما أمكنها ذلك وتخرج من جلدها لتفعل. لكن جميع هذه الحشرات صمتت على الفور، بمجرد وفاة البروفسور العنيد في صدقه وشهامته.

في هذه الأثناء، لم يصمت الأشخاص الذين يعرفون المتوفى شخصيًا. عالم الرياضيات جان كلود بيريز Jean-Claude Perez، الذي عمل معه مونتانييه، غرد: "للأسف، هذا صحيح"، مؤكدًا وفاة العالم. وذهبت عالمة الوراثة ألكسندرا أنريون - كود Alexandra Anrion-Code إلى أبعد من ذلك: عندما غردت عن وفاة البروفسور، ذكرت مزاياه وذكّرت بأن السلطات ملزمة بإعلان الحداد الوطني.

بالنسبة إلى السلطات، كل شيء واضح. فقد راح ماكرون يرفع الصوت في كل مكان حول انتصاره الدبلوماسي وكيف أنه تمكن من استرضاء بوتين الرهيب - لكن في فرنسا، لم يصدق أحد ماكرون كثيرًا. فقط الصحافة الطيعة راحت تضخم نجاحه الخيالي، وتبذل قصارى جهدها، فيما يضحك الناخب. علاوة على ذلك، شكلت فرنسا لتوها "قافلة الحرية" الخاصة بها، على غرار حركة احتجاج سائقي الشاحنات الكندية، وكل شيء يشير إلى أنها ستكون أكثر جدية من السترات الصفراء. وفي شهر أبريل/نيسان، ستحل الانتخابات، وستنافسه مارين لوبان ومعها زمور هذا الذي حل فجأة كالهم على القلب. في هذه الحالة، يمكن أن يلعب موت مونتانييه ضد خطط الرئيس الحالي (حتى الآن)، على الأقل – من خلال إشعال الاحتجاجات أكثر. بشكل عام، لم يكن هذا العالم يدخل المسرة إلى قلوب المستفيدين من الجائحة: لماذا لم يكتفِ بالتعبير عن شكوكه ضمن دائرة ضيقة من الأشخاص، وراح لسبب ما يعبر عنها علنًا ولم يخف من أي شيء.

في عالم يتحدث فيه الجميع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وينشرون الابتسامات يمنة ويسرة- وحيث إذا قمت في الواقع بخطوة إلى اليمين، أو خطوة إلى اليسار، فسوف يتم طردك من العمل، بل محوك كما لو أنك لم تكن موجودًا أصلاً - لا يمكنك أن تكون حرا وتنجح في الإفلات من العقاب. لا يجوز لك ألا تخاف. لذلك يمكننا القول اليوم أنه لن يكون هناك حداد وطني. لقد جسّد البروفيسور مونتانييه الكثير مما يتعارض تمامًا مع النظام الحالي. وستار الصمت الواضح الذي أحيط به موته يثبت ذلك مرة أخرى. مهما كانت الجدارة التي تتمتع بها، إذا كنت تجرؤ على التصرف لا كما يجب، فسوف نتظاهر بأنك لم تكن موجودًا على الإطلاق.

"كان مونتانييه مكرسًا نفسه للعلم حتى النهاية" – هذا ما كتبته ألكسندرا أنريون كود. لا يمكن قول هذا في كل العلماء في عصرنا. وبغض النظر عن مدى اجتهادهم في مطاردة البروفسور خلال حياته، بغض النظر عن مدى اجتهادهم في الصمت على وفاته، فإن الحقيقة ستظل منتصرة. بل يجب أن تنتصر وإلا انهار العالم عالمنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف